الجنرال يبحث عن صديق

30 يونيو 2014
+ الخط -


تأتي الزيارة القصيرة المُبتَسرة لقائد الإنقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، إلى الجزائر، كمحاولة منه لإيقاف "إرهاب" داخلي متنامٍ، فشل في السيطرة عليه في مهده، ففلتت شبه جزيرة سيناء من قبضته، وحاول تكوين حائط صدّ، يبدأ من الجزائر، حيث معقل الجماعات المسلحة التي تنتشر في الجزائر على نحو كبير وواسع، يتّفق مع مساحة الجزائر الكبيرة.

كذلك، بدا في الجولة بعض الاهتمام بترويج حليفه، صاحب السياسات الكارثية، قائد الانقلاب الليبي، الجنرال خليفة حفتر، وإيجاد حلول تلائم الجنرال وحلفاءه، استناداً إلى خبرة الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في التعامل مع الجماعات المسلحة، وهو ما أكده السيسي نفسه، حيث أعرب عن أن الهدف من زيارته تنسيق المواقف، وتكوين رؤية موحدة بين البلدين.

يبدو أن السيسي، بمحاولته هذه، يرغب في لعب دور الكماشة، بمساعدة الجزائر، من خلال السيطرة على الحدود الصحراوية لثلاث دول ذات مساحات شاسعة: مصر وليبيا والجزائر. والتساؤل المطروح: هل يملك بوتفليقة، أصلاً، إمكانيةً للسيطرة على الجماعات الإسلامية المسلحة في بلاده، أم أنها تعمل بضوء أخضر منه؟

لكن، إن كان بوتفليقة لا يملك القرار الكامل لنفسه، فهل يملكه لليبيا ومن ثم لمصر؟ أم أن الهدف الحقيقي من زيارة السيسي رغبته في التصالح مع المسلحين الإسلاميين، ولكن، من خلال وسيط، منعاً للحرج؟ وخصوصاً أن السيسي أعلن، وبشكل قطعي، أنه لا مصالحة مع مَن تلوّثت يداه بالدماء، على حد قوله، ومن ثم، ذهب يبحث عن المصالحة عند بوتفليقة وجنرالات جيشه، الحاكمين الحقيقيين للبلاد، إلا أنه، على الرغم من ذلك كله، فإن قصر فترة الزيارة لا تمنح السيسي هذا.

ويظهر الأمر ممكناً في التنسيق بين الخبراء من الجانبيين، وعلى الرغم من ذلك كله، فإن الذي سيحسم القضية، هنا، هي الجزائر وحدها، بتثمينها الفوائد التي ستعود عليها من هذا التحالف، مقارنة بالمخاطر، أو الأضرار التي قد تتعرض لها. لهذا، يبدو منطقياً أنها هي مَن تملك الموافقة أو الرفض النهائي. إلا أن الأقرب إلى الواقع أن هذا التحالف لن ترضى عنه الجزائر، بشكل مباشر صريح أو خفي، حتى لا تثير ضدها عاصفة إرهاب، هي الآن في غنى عنها.
إذا ما رجح ذلك، يكون على السيسي اتخاذ موقف آخر سريع، للتعامل مع الإرهاب الذي ضرب قلب محطات مترو القاهرة، قبل أن يبرح بطائرته الرئاسية من المطار متجهاً إلى الجزائر للقاء بوتفليقة.

avata
avata
إبراهيم صالح (مصر)
إبراهيم صالح (مصر)