الجمعية العامة للأمم المتحدة: دورة الحروب الدبلوماسية

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
25 سبتمبر 2018
2A3C4794-5322-4B9C-AF46-B5F89FB3AB53
+ الخط -
تنطلق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية الـ 73، اليوم الثلاثاء، في نيويورك، على أن تستمر حتى مساء الأحد المقبل. وفي ظلّ زحمة الملفات التي سيناقشها زعماء العالم، بدأت الوفود الدبلوماسية بالتوافد إلى المدينة منذ مساء الجمعة الماضية، يتقدمهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع ترقّب الجميع لكلمته التي ستلي كلمة البرازيل، التي تفتتح عادة ولأسباب تاريخية اجتماعات الجمعية العامة، ثم تليها الولايات المتحدة على اعتبارها الدولة المضيفة لمقر المنظمة الدولية. ففي أولى الجلسات العامة للأمم المتحدة في عام 1947، كانت البرازيل أولى الدول التي ألقت كلمتها، فوفقاً لبروتوكول الأمم المتحدة خلال الأعمال الأولى للجمعية، لم توافق أي من الدول أن تكون أول من يقدم الكلمة في الاجتماعات، لكن البرازيل تطوعت للقيام بهذا العمل، ومن ثم أصبحت من تقاليد اجتماعات الجمعية العمومية أن تقدم البرازيل كأول دولة خلال الاجتماعات.

لا يتوقع الكثير أو الجديد من كلمة ترامب، لكن الآذان ستصغي إلى تهديدات جديدة قد تصدر عن الرئيس الأميركي تجاه إيران مشابهة ربما لتلك التي أطلقها العام الماضي ضد زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون، عندما أسماه "رجل الصواريخ" وهدد بلاده بالإبادة، من على منصة الأمم المتحدة. وبعد أقل من سنة على تلك التهديدات اجتمع ترامب بزعيم كوريا الشمالية من دون أن ينتج عن ذلك الاجتماع أي خطوات ملموسة من قبل كوريا الشمالية. ولن يحضر الزعيم الكوري الشمالي اجتماعات نيويورك رغم مراهنة الكثيرين على ذلك والتكهنات التي سبقت بدء الدورة. لكن وزير خارجيته، ري يونغ هو، سيحضر اجتماعاً ثنائياً على هامش اجتماعات الجمعية العامة دعاه إليه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.

وسيرأس ترامب جلسة خاصة لمجلس الأمن صباح غد الأربعاء بتوقيت نيويورك تتناول موضوع أسلحة الدمار الشامل. وهذه هي المرة الأولى التي يقوم بها ترامب بترؤس جلسة لمجلس الأمن، إذ يصادف ترؤس الولايات المتحدة لمجلس الأمن الدولي في شهر سبتمبر/أيلول الحالي، مما يسمح لأي شخص رفيع المستوى من ذلك البلد، ترؤس أي من جلسات مجلس الأمن بدلاً من سفيرته وعقدها على مستوى رئاسي أو وزاري. وبداية أرادت الولايات المتحدة أن تخصص الجلسة للحديث عن إيران والملف النووي لكن وبعد ضغط من دول أخرى عضوة في مجلس الأمن تم توسيع موضوع الجلسة للحديث عن أسلحة الدمار الشامل، ومن المتوقع أن يحاول رؤساء الدول الأوروبية، بالإضافة إلى الصين وروسيا، الدفاع عن الاتفاقية مع إيران وانتقاد ترامب لانسحابه منها.


وكان ترامب التقى يوم الأحد، رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في نيويورك. وبعد عشاء مع ترامب في برج ترامب في نيويورك قال آبي للصحافيين إنهما "ناقشا ملف كوريا الشمالية ولا سيما مسألة خطف مواطنين يابانيين إضافة إلى العلاقات الأميركية اليابانية والدولية".

وأعلنت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة نيكي هيلي، خلال مؤتمر صحافي عقدته أيام قبل أيام من بدء الاجتماعات، أن "الجلسة التي سيترأسها ترامب ستكون أكثر جلسة تتم مشاهدتها في تاريخ مجلس الأمن". بدوره سيرأس وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، يوم الخميس المقبل، اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي من أجل رأب الصدع في الأسرة الدولية بعد الاتهامات المتبادلة "بالغش" والكذب" بين الأميركيين والروس بشأن تطبيق العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. وكان أعلن هذا الأسبوع أنه "يريد العودة قريباً إلى بيونغ يانغ تمهيداً لقمة ثانية أصبحت أكثر احتمالاً بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون". واستبعد وزير الخارجية الأميركي أن يُعقد لقاء بين ترامب وروحاني، لكنه قال في الوقت ذاته إن "ترامب على استعداد للقاء روحاني كجزء من المحادثات البناءة". كما قال مصدر في محيط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيكون حاضراً في نيويورك: "لا نتوقع مصالحة كبرى بين الرئيسين الأميركي والإيراني" حسن روحاني. وأضاف "طالما أنه ليست هناك إرادة لبدء الحوار من الجانبين، لا يمكننا أن نفرض ذلك".


ومن المتوقع أن يحضرها عدد كبير من رؤساء الدول بما فيها تلك الدول التي ليست عضوة في مجلس الأمن، من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فسيتحدث في اليوم الأول أمام الجمعية العامة كذلك ويصادف أن يأتي حديثه بعد ترامب بساعتين تقريباً، على الأقل بحسب البرنامج المعتمد حتى الآن. ومن المتوقع أن يركّز على مهاجمة دول تتهمها بلاده بالوقوف خلف عملية الأهواز، التي وقعت يوم السبت الماضي، والتي أسفرت عن مقتل 29 شخصاً على الأقل. كما من المتوقع أن يشدد الرئيس الإيراني من لهجة خطابه المنتقد للولايات المتحدة وخروجها من الاتفاق النووي، خصوصاً أنه واجه ضغوطاً شديدة وأصواتاً مطالبة إياه بعدم القدوم إلى نيويورك وحضور الاجتماعات. كما سيعقد روحاني مؤتمراً صحافياً، يوم الأربعاء، للحديث مع الصحافة الدولية والمحلية الأميركية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. إلى ذلك نشر روحاني مقال رأي في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية اتهم فيه الرئيس الأميركي بـ"عدم جديته بعرضه لقاءه لأن العرض لم يخلُ من الكثير من الشروط المهينة".

وإيران ستبقى حاضرة كذلك في المداولات الخاصة بسورية حيث ستعقد أكثر من جلسة تناقش الوضع السوري وعلى رأسها الوضع في إدلب والاتفاق التركي الروسي بخصوص المناطق منزوعة السلاح هناك. وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، قد أكد الأسبوع الماضي رداً على أسئلة لـ"العربي الجديد" في نيويورك أنه "لا يستبعد أن يقتصر القتال عن مناطق بعينها داخل إدلب. كما ستحضر الأزمة الإنسانية في سورية والنقص في تمويل صناديق الأمم المتحدة والمعونات الإنسانية".

وفي الحديث عن النقص سيحضر الملف الفلسطيني بشكل متواضع ويقتصر على المساعدات الإنسانية و"الحصار" الذي تستمر الولايات المتحدة بفرضه على الفلسطينيين للقبول بإملاءات تصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يسمى "صفقة القرن" التي يروج لها صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، المعروف بمعاداته للحقوق الفلسطينيين ورغبته بالقضاء على قضية اللاجئين والقدس وغيرها من القضايا الرئيسية في موضوع فلسطين.


في هذا السياق، أكد السفير الفلسطيني للأمم المتحدة، رياض منصور، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" في نيويورك، أنه "لا يوجد حتى اللحظة أي لقاءات على مستوى وزاري أو رئاسي بين الأميركيين والفلسطينيين". كما أنه من المتوقع أن يركز الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته على قطع التمويل الأميركي عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لتركيع الفلسطينيين وإجبارهم على القبول بصفقة من دون لاجئين ودون قدس ودون حق عودة ومع مستوطنات، أي صفقة من دون فلسطين. ورغم استبعاد إعلام ترامب في كلمته اليوم، بنود خطته (صفقة القرن)، إلا أن تخمينات إعلامية لم تستبعد بالكامل إقدامه على ذلك، رغم الإخفاق الذي يواجهه وإدارته في تمرير بنود كثيرة من الإملاءات، حتى بين صفوف حلفائه من السعودية إلى مصر.

وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن "الرئيس الفلسطيني سيركّز على قضية التنسيق الأمني خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة"، مرجحة أنه "لن يعلن وقفه مما يجعل التركيز خالياً من المعنى". وسيُعقد على هامش أعمال الجمعية العامة مؤتمر للمانحين في محاولة لسد جزء من العجز في ميزانية "أونروا".

وينتظر مقر الأمم المتحدة الذي حولته الشرطة إلى حصن في شرق مانهاتن، وأمينها العام، وصول رؤساء حوالي 130 دولة وحكومة، وهو عدد أكبر من العام الماضي، فضلاً عن أربعة نواب رؤساء ووزراء خارجية أكثر من 40 بلداً. وسيتم خلال أسبوع إلقاء كلمات - خطابات لكل من الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة، ستطرح خلالها قضايا وحوادث من كل الأنواع، من الدفاع عن التعليم إلى مكافحة معاداة السامية والبلاستيك الذي يسبب التلوث والسل. كما ستتم إزاحة الستار عن تمثال لرئيس جنوب إفريقيا الراحل نلسون مانديلا، وإلقاء خطاب كوبي في كنيسة وعرض لفرقة لموسيقى البوب. وسيشكل المناخ الذي يعتبره بعض القادة التهديد الرئيسي للعالم، موضوع تعبئة خاصة.

ومثل كل عام، يضم جدول المناقشات الدبلوماسية النزاعات الصغيرة والكبيرة التي تنتشر أو لا تنتشر فيها قوات لحفظ السلام، من منطقة الساحل إلى بورما مروراً بليبيا وإفريقيا الوسطى والصومال والشرق الأوسط واليمن وفنزويلا. وسيغيب عن الجمعية العامة الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ، وبالتالي لن يشاركا في الجلسة حول منع انتشار أسلحة الدمار الشامل التي سيتم خلالها التطرق إلى ملفات سورية وكوريا الشمالية وقضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا. وستحضر المجاعة التي تهدد بالانتشار على نطاق واسع في اليمن كما الملف الليبي في اجتماعات أخرى. وستركز الولايات المتحدة في اجتماع آخر أمام مجلس الأمن على قضية المخدرات وخطرها على الشباب وعلى الأمن والسلم الدوليين. وخلال الحديث يتطلب من رئيس الدولة؛ ألا تزيد كلمته عن 15 دقيقة، لكن هناك بعض الزعماء يذهبون لأكثر من ذلك، وكانت أطول خطبة خلال تاريخ الأمم المتحدة للزعيم الكوبي، فيدل كاسترو، والتي استغرقت 4 ساعات ونصف الساعة عام 1960.

ذات صلة

الصورة
داخل كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي في حلب، 12 ديسمبر 2024 (أوزان كوزيه/ فرانس برس)

مجتمع

بعد إطاحة نظام بشار الأسد، تحاول القوى الممسكة بإدارة سورية طمأنة الأقليات المسيحية في ظل المخاوف على مستقبلها إثر انحسار أعدادها بعد سنوات النزاع.
الصورة
من مراسم جنازة ناشط تعرض للتعذيب على يد قوات الأسد، 12 ديسمبر 2024(Getty)

سياسة

كشف محققو الأمم المتحدة عن إعداد قائمة سرية تضم أسماء 4000 شخص يشتبه بارتكابهم جرائم في سورية. في إطار جهود لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات
الصورة
سورية | دبابة إسرائيلية متوغلة في القنيطرة / 11 ديسمبر 2024 (Getty)

سياسة

قالت مصادر من بلدتي الحرية ورسم الرواضي في محافظة القنيطرة جنوبي سورية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمرت السكان، اليوم الخميس، بإخلاء منازلهم إلا أنهم رفضوا.
الصورة
من أمام سجن صيدنايا، 9 ديسمبر2024 (عمر حاج قدور/فرانس برس)

سياسة

لا يزال مصير عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون الأسد بعد سقوط هذا النظام في سورية، مجهولاً، ومنهم السياسيون، فضلاً عن المختفين وعددهم 100 ألف موثقين.