الجلسات الختامية لمؤتمر "الجيش والسياسة": دروس انقلاب تركيا الفاشل

الجلسات الختامية لمؤتمر "الجيش والسياسة": دروس انقلاب تركيا الفاشل

الدوحة

العربي الجديد

العربي الجديد
03 أكتوبر 2016
+ الخط -

اختتم عصر اليوم، الإثنين، مؤتمر "الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وشارك فيه أكثر من 60 باحثاً من المؤسسات الجامعية والبحثية في مختلف الأقطار العربية ومن خارجها.

وقد خصصت الجلسة الأخيرة من المؤتمر لمناقشة "مقاومة الانقلابات في الديمقراطيات الفتيّة في ضوء الانقلاب التركي الأخير". وقدم الباحث أحمد أويصال ورقة بعنوان "العلاقات المدنية - العسكرية في تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية"، جاء فيها أن التدخل العسكري عام 1998، الذي أطاح نجم الدين أربكان، تسبب في أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة، وهذا ما مهّد الطريق للفوز الكبير لحزب "العدالة والتنمية"، الذي أحرز تأييدًا واسعًا، بالنظر إلى أنه حزب غير مرتبط بالعسكر.

وأشار إلى أن حزب "العدالة والتنمية" اهتم بالمدنيين الأتراك من خلال تبنّيه التعديلات الدستورية والمطالب الشعبية، وسرعان ما بدأ التحكم في الشؤون الخارجية والأمنية، التي طالما احتكرها الجيش. كما أشار إلى تمدد نفوذ حركة فتح الله غولن داخل مؤسسات الدولة، بعدما توطد ائتلافها مع "العدالة والتنمية"، على نحو خاص، بعد محاولة الانقلاب عام 2007، ومن ثمّ زاد اختراقها للدولة. وقال إنه بعد فشل محاولة الحركة المتمثلة بإطاحة حزب "العدالة والتنمية" عام 2013 من خلال دعوى قضائية، لجأت إلى محاولة الانقلاب في يوليو /تموز 2016، ولكن المحاولة فشلت، وهو ما فتح صفحةً جديدةً في العلاقة بين العسكر والحكومة المدنية في تركيا.

من جهته، قال الباحث التركي مراد يسيلتاس، إن الإجراءات التي اتخذها أردوغان والحكومة التركية في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة ومست تركيبة وتنظيم القوات المسلحة ترسم معالم "تحوّل" فعلي للجيش التركي.

وسجلت الباحثة، فيروز لمطاعي، في ورقتها عن " المعالجة الإعلامية لمحاولة الانقلاب العسكري في تركيا في القنوات العربية والغربية" الدور البارز الذي كان لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في إحداث الفرق والمساهمة في إفشال الانقلاب.

جلسات اليوم الختامي

وكان  برنامج اليوم الثالث والأخير من المؤتمر قد شمل ثلاث جلسات، جرت اثنتان منها في مسارين مزدوجين بالتزامن. وقد تناولت الجلسة الأولى في مسارها الأول "المؤسسة العسكرية العراقية ودورها السياسي بين التاريخ والراهن"، أبرز خلالها الباحثان، الناصر سعيد وكمال حسن، تجربة تدخل الجيش العراقي في السياسة عبر المراحل السياسية المختلفة بدءا بالمرحلة الملكية (1921-1958) والتي شهدت انقلابا عسكريا واحداً (عام 1936) أسقط الوزارة، ولكنه أبقى على النظام الملكي، كما أنه كان بعيدًا عن التأثيرات الأيديولوجية الحزبية.
وفي المرحلة الثانية، وهي مرحلة الجمهورية، تحوّل الجيش العراقي إلى مصدر لتوليد النُخب الحاكمة في الدولة، قبل أن تتسلل الأحزاب الأيديولوجية إلى صفوفه، وتصبغ انقلاباته بصبغتها الأيديولوجية، ابتداءً من انقلاب عام 1963 فصاعدًا. ثمّ جاءت المرحلة الثالثة، التي سيطرت خلالها النخبة الحزبية المؤدلجة (حزب البعث) على الجيش والسلطة تمامًا، مبتدئةً عصرًا جديدًا من استخدام الجيش لتحقيق الأهداف السياسية المباشرة للسلطة، وهو ما انتهى إلى كارثة تحطم الجيش والدولة العراقية على حدّ سواء بغزو العراق عام 2003. وقدم أوراقا بحثية في الجلسة نفسها كل من الباحث عماد علو (الدور السياسي للمؤسسة العسكرية العراقية في مراحل التحول الاجتماعي)، وعزيز سردار (الجيش والسياسة في إقليم كردستان).

وتواصلت في المسار الثاني للجلسة الأولى مناقشة "مشكلات العلاقة بين الجيش والانتقال الديمقراطي في بلدان المغرب العربي"، وهو الموضوع الذي جرى تناوله في جلستين في اليوم الثاني. وناقش المشاركون في هذا المحور في اليوم الأخير حالتي موريتانيا والمغرب. وقال الباحث محمد يحيى حسني، الذي قدم ورقة موضوعها: "كوابح التحول الديمقراطي: الانقلابات العسكرية والحكم العسكري في موريتانيا نموذجا"، إن موريتانيا ظلت بعيدة عن شبح الانقلابات بعد نَيل استقلالَها عن فرنسا سنة 1960، غير أن الانقلابات أصبحت قاعدة بعد أوّل انقلاب سنة 1978. ومنذ تلك اللحظة، أصبح الانقلاب العسكري هو المنفذ الوحيد إلى السلطة وأصبح العسكر الفاعلَ الأهمّ والأقوى في الدولة. وأكد الباحث أن تحليله خلص إلى أنّ الجيش عائق أمام الانتقال الديمقراطي ما دام غير تابع لقيادة مدنية تحكمه، وما دام مشغولًا بمطامع سياسية ويدخل طرفًا في اللعبة السياسية الداخلية التي هي شأن الفاعلين المدنيين أساسًا.

وأوضح الباحث، محمد بن عبد الرحمن بابانا، في ورقته "عوائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي: موريتانيا نموذجاً"، أن الطريق نحو التحول الديمقراطي في العالم العربي تبدأ بالعمل على توعية الشعوب بحقوقها وواجباتها، وهو ما يحرر العقليات ممّا علق بها من استكانة وخنوع، وبواجبها في الدفاع عن ذلك، وإقناع العسكر بأنّ مكانه هو الثغور وثكناته ومؤسساته الخاصة به، أسوةً بنظرائه من الجيوش في العالم الحرّ المتمدن.

من جهته، أكد الباحث المغربي، إحسان الحافظي، أن المؤسسة العسكرية المغربية شهدت تحولات انتقلت بموجبها المؤسسة العسكرية من قطاع حكومي تحت إشراف وزير للدفاع إلى إدارة مكلّفة بالدفاع الوطني فحسب، تخضع للإشراف الملكي المباشر، وضمن هذا المسار اختفت المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية، بخاصة بعد الانقلابين الفاشلين ضدّ النظام الملكي في سنتي 1970 و1972.

مصر والسودان

وخصصت الجلسة الثانية من اليوم الأخير لدراسة علاقة الجيش بالسياسة في الحالة المصرية ضمن المسار الأول، وفي الحالة السودانية ضمن المسار الثاني.

ورأى الباحث، سيف الدين عبد الفتاح، في الجلسة التي خصصت لبحث واقع المؤسسة العسكرية المصرية من الثورة إلى الانقلاب، وأدارها عبد الوهاب الأفندي، أن هناك ثلاث لحظات للحالة الثورية في مصر؛ اللحظة الدستورية واللحظة الثورية ولحظة التسريبات، مضيفاً أن استراتيجيات الخطاب السياسي للعسكر في مصر تتخذ طرقاً ووسائل مختلفة في علاقته مع الشعب، فهناك خطاب خشن وخطاب ناعم، ودراسة فترة حكم المجلس العسكري مهمة لكشف المستور.

ورأى محمود عبد العال أن الاحترافية العسكرية والمحدد الاقتصادي، لهما دور حاسم في دور العسكر في مصر في المجال السياسي، وأن المحدد الاقتصادي في عملية الانتقال السياسي يرجع إلى عهد الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، وكان للمؤسسة العسكرية امتيازات كبيرة في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وأضاف أنه "بعد عام ونصف العام من حكم المجلس العسكري وجد المصريون أنفسهم في فراغ".

 ولفت علي عبد الرؤوف في ورقته إلى أن "حالة ميدان التحرير مكان مهم لدراسة الثورة. فميدان التحرير تاريخياً كان مكانا لاستيعاب مؤسسات الدولة، وله سياق نضالي عميق في صور مختلفة من فترة عبد الناصر إلى الزمن الراهن تجاه قضايا عربية مختلفة". وأضاف أن النظام الحاكم والمجلس العسكري في مصر، قد تعلما الدرس الأكبر من ثورة 25 يناير، وأدركا خطورة ميدان التحرير.

من جهته، رأى ياسر جزائرلي أن بناء الثقة، في مرحلة انتقالية، مهمة صعبة كانت في فترة الرئيس المعزول محمد مرسي نتيجة عقبات كثيرة، والتحارب بين الأحزاب السياسية أعطى الجيش دوراً للتدخل في المجال السياسي.

وفي الجلسة التي ناقشت الانقلابات السودانية وأبعادها السياسية، قال الباحث، خليفة البلة إسماعيل، إن عملية التحول الديمقراطي لها 3 أنماط: التحول من أعلى، أو التحول من خلال التفاوض، أو التحول من خلال الشعب . وأضاف أن "ثمة تحولاً ديمقراطياً من أعلى الآن، أي التحول من خلال التفاوض مع المعارضة، وأعتقد أن ذلك أفضل من التحول من خلال الشعب كما حدث في سورية وغيرها من الدول التي لم تستقر بعد".

من جهته، قال عبدالله إبراهيم، الذي قدم ورقة عن تجربة الحزب الشيوعي السوداني، إن "الحزب الشيوعي السوداني كان يفترض أن يكون حزباً ثورياً غير انقلابي، لكنه لاحقًا نتيجة للظروف صار له وجه ثوري ووجه انقلابي". وأضاف: "أعتقد أن الحائط بين النخبة المدنية والنخبة العسكرية هو جدار زائف ولا يفتح الباب أمام التعقيد الشديد للعملية الانقلابية وعلاقتها بالمجتمع المدني".

 

ذات صلة

الصورة
انطلاق أعمال المنتدى السنوي لفلسطين - حسين بيضون

سياسة

انطلقت في الدوحة، صباح اليوم السبت، أعمال المنتدى السنوي لفلسطين في دورته الثانية، الذي يُنظّمه "المركز العربي للأبحاث" ومؤسسة الدراسات الفلسطينية.
الصورة
منتدى المدرسة والتحوّلات من تنظيم المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة في تونس (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار "منتدى المدرسة والتحوّلات" الذي ينظّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، ناقش باحثون مختصون في المجال التربوي، اليوم الجمعة، تفوّق الفتيات على الفتيان في مجال الدراسة.
الصورة
إطلاق المؤشر العربي 2022 (العربي الجديد)

سياسة

أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، صباح اليوم الثلاثاء، نتائج المؤشر العربي 2022 الذي نفذه في 14 بلداً عربياً، بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي بشأن مجموعة من الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الصورة
المركز العربي يعلن نتائج استطلاع المؤشر العربي لعام 2022 (العربي الجديد)

سياسة

أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، اليوم الثلاثاء، عن نتائج المؤشر العربي 2022 الذي نفّذه في 14 بلدًا عربيًا، بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعة من الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.