الجزائر: وقف النقل وعزل مدن وتسريح موظفين لمواجهة كورونا

الجزائر: وقف النقل وعزل مدن وتسريح موظفين لمواجهة كورونا

19 مارس 2020
تعقيم أحد شوارع الجزائر العاصمة (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -
اتّخذ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الأربعاء، قرارات وتدابير إضافية خاصة بمواجهة فيروس كورونا الجديد، تتعلّق بعزل تدريجي للمدن وتسريح نصف الموظفين والنساء العاملات وغلق المقاهي والمطاعم.

وأمر تبون كذلك بوقف حركة النقل في البلاد من خلال تعطيل وسائل النقل الجماعي العمومية (الحافلات)، والخاصة (سيارات الأجرة)، في داخل المدن وما بين المحافظات، وكذلك تعطيل حركة القطارات في كل الاتجاهات، بهدف التقليل قدر الإمكان من التنقّل بين المدن والولايات وبالتالي التحكم في مدى انتشار الفيروس.

ودعا تبون الجزائريين إلى الحدّ من التنقل حتى في داخل أحيائهم، وإلى الوعي بخطورة هذا الوباء العالمي والتقيّد بإجراءات الوقاية منه وفي الوقت نفسه عدم الخوف، مشيراً إلى أنّ "الوضع متحكّم فيه مادياً وبشرياً. وحتى إذا تجاوزت حالات الإصابة المستوى الثالث، فيمكن الاستعانة بإمكانات الجيش القادر على المساعدة بمستشفيات ميدانية وأطباء وسيارات إسعاف".

وانتهى اجتماع عقده تبون، اليوم الأربعاء، مع فريق وزاري مصغّر وكبار قادة الأمن والجيش إلى قرار تسريح 50 في المائة من الموظفين من الإدارات العمومية والإبقاء فقط على مستخدمي المصالح الحيوية الضرورية، مع احتفاظهم جميعاً برواتبهم. وتقرّر في السياق نفسه تسريح النساء العاملات اللواتي لديهنّ أطفال صغار من العمل في الوقت الحالي، خصوصاً بعد تعطيل المدارس، على أن تصدر الحكومة قراراً يوضح كيفية تطبيق قرارات التسريح المؤقت قبل يوم الأحد المقبل (22 مارس/آذار)، أي بعد عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت) في الجزائر.

كذلك أمر تبون الحكومة بتنفيذ قرار غلق المقاهي والمطاعم في المدن الكبرى بصفة مؤقتة، على أن تُطبّق هذه الإجراءات والتدابير ابتداءً من يوم الأحد المقبل وحتى الرابع من إبريل/ نيسان المقبل، علماً أنّه يمكن رفعها أو تمديدها إذا اقتضت الضرورة ذلك. وفي الإطار نفسه، أمر مصالح الأمن بالتشدّد مع أيّ تجمع أو مسيرة تهدّد سلامة المواطن، في إشارة منه إلى تظاهرات الحراك الشعبي، على الرغم من أنّ مكوّنات الحراك الشعبي والطالبي أعلنت كلها عن تعليق التظاهرات والتحوّل إلى المساعدة لمواجهة كورونا، عدا مجموعة صغيرة تصرّ على التظاهر غداً، الجمعة، مثلما فعلت يوم الثلاثاء الماضي.
ورأى تبون أنّ الصورة سوف تتّضح في البلاد في الأيام العشرة الأولى من الشهر المقبل، بعد انتهاء فترة الحجر الصحي التي يخضع لها آخر العائدين إلى الوطن من المسافرين الجزائريين الذين ما زالوا عالقين في بعض المطارات الأجنبية ويجري ترحيلهم تباعاً. يُذكر أنّه تقرّر دعم لجنة اليقظة والمتابعة الحالية في وزارة الصحة بلجنة علمية لمتابعة وباء كورونا العالمي. وتتشكل هذه اللجنة من كبار الأطباء المتخصصين في البلاد، ومهمتها متابعة انتشار الفيروس وإبلاغ الرأي العام بالأمر يومياً وبانتظام. أمّا المتحدّث باسمها فهو المدير العام للوقاية جمال فورار، وهو طبيب متخصص في الأوبئة.

وكانت الجزائر قد سجّلت حتى كتابة هذه الأسطر 90 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا الجديد، معظمها في ولاية البليدة بالقرب من العاصمة الجزائرية. وتعافى من المصابين 32 شخصاً وغادروا الحجر الصحي. كذلك سجّلت تسع وفيات، فيما تشتبه السلطات الصحية في 400 حالة أخرى. وقد اضطرت إلى وضع 1700 مسافر تم إجلاؤهم من مصر وفرنسا في الحجر الصحي الإجباري في فنادق عمومية مخصصة لذلك.

وبحسب ما جاء في بيان الرئاسة الجزائرية، وجّه تبون الحكومة إلى ضبط السوق لمحاربة عدم القدرة على توفير كلّ المواد الغذائية الضرورية، وإلى تكليف وزراء الداخلية والتجارة والفلاحة بملاحقة وتعقب المضاربين واتخاذ الإجراءات اللازمة ضدّهم بما في ذلك تشميع مستودعاتهم ومتاجرهم والتشهير بهم في وسائل الإعلام وتقديمهم للعدالة، بالإضافة إلى تسهيل كلّ الإجراءات الجمركية المتعلقة بالمواد الغذائية المستوردة لدعم المخزون الحيوي للبلاد تماشياً مع الحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد.
وتأتي هذه القرارات والتدابير العاجلة بعد زيادة الضغط الشعبي على الحكومة وتصاعد الأصوات التي تدعو إلى اتخاذ إجراءات تشمل الحجر الصحي، خصوصاً مع تزايد عدد المصابين بفيروس كورونا الجدد والمتوفين به. كذلك تُسجّل مخاوف من تعاظم ذلك في الفترة المقبلة، فيما ثمّة شعور بتراخٍ حكومي في اتخاذ التدابير القصوى.

وقد تداول ناشطون مقترح عريضة شعبية تطالب الرئيس تبون بإعلان حالة الطوارئ والحجر الصحي الكامل في البلاد، فيما طالب حزب "جيل جديد" المعارض تبون بإعلان "الحجر الصحي الذي يبقى العلاج الأكثر فعالية لكسر سلسلة انتقال العدوى، ولذا وجب على الحكومة اتخاذ التدابير الرامية لإجبار المواطنين على البقاء في منازلهم لفترة يتم تحديدها، باستثناء أولئك الذين يكون تواجدهم خارج منازلهم ضرورياً للسير الحسن للبلد وأمنه".

ورأى الحزب أنّ "التدابير المتخذة ما زالت غير كافية، إذ إنّ الوعي ما زال ضعيفاً، ويستمرّ العديد من المواطنين في التجمّع في الأماكن العامة... وقد حان الوقت لاتخاذ تدابير صارمة".

المساهمون