الجزائر: دعوات لمظاهرات مليونية الجمعة والسلطات تحشد أمنياً

الجزائر: دعوات لمظاهرات مليونية الجمعة والسلطات تحشد أمنياً

03 يوليو 2019
الجمعة الـ20 من الحراك الشعبي (العربي الجديد)
+ الخط -
بدأت السلطات الجزائرية، الأربعاء، تنفيذ خطة أمنية خاصة بمظاهرات الجمعة الـ20 من الحراك الشعبي المقررة بعد غد الجمعة، وسط تعبئة كبيرة من قبل الناشطين في الحراك لحث الجزائريين على الخروج في مظاهرات مليونية تاريخية تتزامن مع يوم الاحتفال بذكرى الاستقلال في الخامس من يوليو، فيما وجهت شخصيات نداء للجزائريين من أجل أوسع مشاركة.  

نداء "من أجل حماية الوطن"

وجهت شخصيات وطنية وناشطون نداءات إلى الجزائريين للخروج بكثافة، يوم الجمعة المقبل، في مظاهرات تستهدف إعادة النفس إلى الحراك الشعبي وتوحيد الموقف والضغط على الجيش والسلطة للقبول بالمطالب الشعبية، المتعلقة بالإسراع في ترحيل رموز النظام السابق من الحكم، أي الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي.

ونشرت سبع شخصيات سياسية وناشطون مستقلون بارزون شريط فيديو بعنوان "الاتفاق من أجل حماية الوطن"، تم خلاله قراءة بيان مشترك قالت إنه "جاء بدعوة من الشباب الملتف حول مبادرة الاتفاق من أجل حماية الوطن"، وحثت فيه الجزائريين على الخروج الواسع، يوم الجمعة المقبل، إلى الشارع.

وتوجهوا للشعب الجزائري بالنداء لـ"الحفاظ على سلمية ثورته، ووحدتها وشعبيتها ووطنيتها، ونندد بكل أشكال تحريف الثورة الشعبية عن مسارها السلمي"، منعا لـ"الانزلاق أو الصدام مع قوات الأمن"، وذلك على خلفية التوتر الذي شهدته المظاهرات خلال الجمعتين الأخيرتين، نجم عنه اعتقال وإحالة عدد من المتظاهرين إلى العدالة بسبب رفع الراية الثقافية للأمازيغ، خاصة بعد قرار قائد الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، منع رفع رايات غير العلم الوطني.



والشخصيات السبع هي وزير الاتصال السابق منسق مؤتمر المعارضة عبد العزيز رحابي، والحقوقي البارز مصطفى بوشاشي، والخبيرة الدستورية فتيحة من عبو، والباحث المعروف في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، والنشطاء السياسيون كريم طابو وإسماعيل لالماس وسمير بن العربي.

ودعت الشخصيات السبع إلى "جعل الخامس من يوليو تجسيدا لتحرير الإنسان بعد تحرير الأرض"، مطالبين بـ"الاتفاق من أجل الوطن"، و"السلطة القائمة باتخاذ كل الإجراءات والقرارات في اتجاه التهدئة، كتعبير حقيقي عن فتح الحوار للخروج من الانسداد السياسي السائد"، وأدانوا "الاعتقالات وكل أنواع التجاوزات والتضييق السياسي والإعلامي".

وحث ناشطون في الحراك الشعبي، في نداءات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، الجزائريين، على الخروج بقوة في مظاهرات الجمعة، وتوحيد الصف والمطلب لتغيير النظام.

وقال الناشط السياسي منير آيت يعلى إنه يتعين على الجزائريين "عدم إضاعة هذه الفرصة التاريخية لتحقيق المطلب الديمقراطي الذي يعني جميع الجزائريين لصناعة المستقبل الديمقراطي، في إطار القيم الوطنية والمرجعية التاريخية".

خطة أمنية

وكشف مصدر مسؤول لـ"العربي الجديد" أن السلطات خصّت العاصمة بخطة أمنية يبدأ تنفيذها مساء الأربعاء، بإلغاء العطل للفرق الأمنية، واستقدام قوات إضافية من الولايات القريبة المعروفة بعدم حاجتها إلى تلك القوات لضعف المظاهرات فيها، ونشر مبكر لحواجز إضافية عند المدخل الشرقي للعاصمة الجزائرية، الذي يربطها بمنطقة القبائل، والمداخل الغربية والجنوبية لمراقبة دخول المتظاهرين.

وقال المصدر إن "السلطات وضعت في حسبانها احتمال دخول المتظاهرين قبل يوم الجمعة، والمبيت في العاصمة تحسبا للمظاهرات"، حيث ستتم مراقبة مشددة على حافلات النقل العام والسيارات ذات ترقيم غير ولاية الجزائر"، مضيفا أنه تقرر "وقف النقل العام وقطارات الضواحي، الجمعة المقبل"، إضافة إلى النشر التدريجي لقوات الأمن في الشوارع والساحات العامة.

وشدد المصدر على أن التدابير المشددة "ليست ذات طابع قمعي، ولكنها تتعلق بوجود محاذير أمنية من تكرار المسيرة التي شهدتها العاصمة الجزائرية في 14 يونيو 2001، واحتمال انزلاق الأوضاع، ما يفرض الحد من دخول المتظاهرين إلى العاصمة لضمان التوازن بين إجمالي المتظاهرين ومجموع القوة الأمنية". 

بلام: السلطة تريد الصدام

وقال الناشط في الحراك الشعبي وكيل بلام، لـ"العربي الجديد"، إنه مهما تكن التدابير الأمنية التي تتخذها السلطة، فإنها "لن تقف أمام رغبة الجزائريين في التحول الديمقراطي"، مشيرا إلى أن "السلطة أظهرت، خلال الجمعتين الماضيتين، رغبة واضحة في الصدام وخلق حالة من التوتر، لتبرير أية قرارات قد تتخذها لإنهاء الحراك الشعبي"، موضحا أنها "تتحمل سياسيا وتاريخيا مسؤولية أي انزلاق".

استعدادات بـ"عاصمة" الأمازيع

وفي ولاية تيزي وزو، عاصمة منطقة القبائل (ذات الغالبية من السكان الأمازيغ)، أبرز الولايات من حيث النشاط السياسي، تجري الترتيبات لخروج تاريخي للجزائريين إلى الشارع، حيث تمت دعوة الناقلين للمساهمة في هذه الفعالية السياسية، عبر ضمان النقل المجاني للمتظاهرين من القرى والبلدات القريبة من مدينة تيزي وزو إلى وسط المدينة للتظاهر، إضافة إلى ولايات البويرة وبجاية وعنابة شرقي الجزائر.

حزب السلطة ينتقد المعارضة

وعلى الصعيد السياسي، وجّه أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، محمد جميعي، انتقادات حادة لقوى المعارضة، على خلفية مطالبتها بمرحلة انتقالية، واتهمها بالعمل على "هدم أسس الدولة الجزائرية"، وجدد دعم حزبه لكل مبادرة حوار تستهدف الخروج من الأزمة السياسية.

وقال جميعي، في لقاء سياسي مع كوادر حزبه لتكريم عدد من قدماء المحاربين، إن "دعاة المرحلة الانتقالية يريدون تجميد العمل بأحكام الدستور، ويريدون تهديم أسس الدولة، لأن الدستور مهما كانت نقائصه هو حصن الشعب، وهو الجامع لثوابته الراسخة والضامن للحريات الفردية والجماعية"، مشيرا إلى أن "هؤلاء يريدون الديمقراطية التي تعني وصولهم إلى مناصب من دون أصوات الشعب".



ودعا مسؤول حزب الأغلبية النيابية إلى الذهاب إلى انتخابات رئاسية "في أقرب وقت ممكن، وفي أحسن شروط الشفافية والمصداقية"، باعتبار أن ذلك يمثل "الحل الأجدى للخروج من الأزمة وتجنيب البلاد الوقوع في الفوضى"، مشيرا إلى أن حزبه "سيدعم كل مبادرة سياسية تعكس طموح الحراك الشعبي الوطني، وتفضي إلى حل الأزمة في أقرب الآجال، تجنبا للعواقب الوخيمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على البلاد".

ولم يفت رئيس جبهة التحرير الوطني، جميعي، الذي عرف بدعمه المفرط لترشح الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، الثناء على مواقف الجيش، معتبرا أن هذه المواقف "حافظت على سلمية الحراك ورافقت العدالة في مكافحة الفساد".

ولم يغير الحزب المركزي للسلطة، الذي كان بوتفليقة رئيسا له، من مواقفه الداعمة لكل قرارات وخيارات السلطة مهما كانت طبيعتها، حيث كان الحزب وقياداته المتعاقبة متمحورة حول الرئيس السابق ومؤسسة الرئاسة، وتحوّل بعد استقالة بوتفليقة إلى التمحور حول قائد الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، ومؤسسة الجيش.

وبسبب هذه المواقف، استبعدت قوى المعارضة السياسية حزب جبهة التحرير الوطني من مسار الحوار ومن المشاركة في مؤتمر المعارضة المقرر السبت المقبل.

وقال القيادي في جبهة العدالة والتنمية المعارض، لخضر بن خلاف، في تصريح صحافي سابق، إن حزب جبهة التحرير والأحزاب التي كان لها التزام سياسي مع ترشح بوتفليقة لولاية خامسة "غير معنية بمؤتمر المعارضة".

المساهمون