الجزائر تنتقد تقرير الاتجار بالبشر: معلومات مغلوطة

الجزائر تنتقد تقرير الاتجار بالبشر: معلومات مغلوطة

05 يوليو 2016
الجزائر ضمن القائمة السوداء في التقرير(Getty)
+ الخط -


أثار تقرير أميركي حول الاتجار بالبشر ردود فعل سياسية في الجزائر، وانتقادات حكومية عنيفة ضد ما اعتبرته الخارجية الجزائرية تقريراً مجانباً للحقيقة.

ويؤكد الواقع أن البلاد لازالت منطقة عبور للمئات من المهاجرين القادمين من الدول الأفريقية باتجاه السواحل الإيطالية والإسبانية عبر قوارب الموت، وتؤمن هذه الرحلات شبكات تهريب تتاجر في المهاجرين البائسين الباحثين عن غد أفضل.

وأصدرت الخارجية الجزائرية بياناً، أكدت فيه أن "آفة الاتجار بالبشر ظاهرة هامشية في الجزائر، وغريبة عن قيم وتقاليد المجتمع الجزائري"، وسجلت "بأسف شديد تصنيف الجزائر مرة أخرى ضمن الفئة الثالثة التي تشمل دولاً لا تحترم كلياً أدنى المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر ولا تبذل جهوداً لبلوغ هذا الهدف".

واعتبرت أن "هذا التقييم بعيد عن الواقع، ويرتكز دائماً وبشكل مفرط على مصادر تقريبية تنقصها المصداقية، ويقوم على معلومات خاطئة بل ومغلوطة، ولم تقدر الجهود المعتبرة التي تبذلها الحكومة الجزائرية في هذا الشأن".

قبل خمس سنوات وصل "مامادو" رفقة صديقه "موسى ديالو" إلى مدينة قسنطينة شرقي الجزائر، قادمين من مدينة غاو شمال مالي، اجتاز مامادو الصحراء ووصل إلى مدينة تمنراست عاصمة الجنوب الجزائري، كانت الرحلة شاقة ومرهقة، ومن مدينة إلى أخرى ظل يتنقل حتى بلغ منطقة قسنطينة، هذه المدينة بالنسبة لمامادو ليست مبتغاه الأخير، وليست سوى محطة استراحة قبل أن يواصل طريقه إما باتجاه مدينة عنابة التي تبعد عن قسنطينة بـ200 كيلومتر، أو باتجاه مدن الغرب مستغانم ووهران، فمن هذه المدن تنطلق قوارب الهجرة السرية إلى السواحل الإيطالية أو الإسبانية.

يؤكد مامادو أنه دفع مبلغاً من المال على دفعتين لشبكة تهريب تولت تأمين نقله من مدينة غاو شمال مالي إلى مشارف مدينة تمنراست، بعدها يتولى كل مهاجر أمره، فبالنسبة للشبكة تكون مهمتها قد انتهت، ويقول "كان أفراد الشبكة التي نقلتنا و13 مهاجراً آخر على تواصل دائم مع أشخاص في تمنراست الجزائرية للاستعلام عن الطريق والظروف والمسالك، وحدث أن تأخر انطلاقنا من إحدى القرى الحدودية بين الجزائر ومالي بسبب تحركات للجيش الجزائري قرب المسلك الذي يعبر منه المهاجرون السريون".

قصة مامادو ليست الوحيدة، فعشرات القصص المشابهة تحدث بشكل مستمر في المنطقة الحدودية بين الجزائر والدول الأفريقية خاصة مالي والنيجر، هناك تنشط شبكات لتهريب البشر إلى المدن الحدودية الجزائرية، وتجني مقابل ذلك أموالاً طائلة.

وفي الفترة الأخيرة تحول نشاط هذه الشبكات أيضاً باتجاه الأراضي الليبية، حيث ينقل إليها المهربون أفواج المهاجرين بنية توصيلهم إلى السواحل الليبية التي يسهل منها الهجرة إلى إيطاليا خاصة، كما تنشط شبكات تهريب أخرى للبشر تقوم بتأمين رحلات على قوارب الهجرة السرية عبر البحر باتجاه إسبانيا وإيطاليا.

تنشط شبكات لتهريب المهاجرين (Getty)


الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، كشفت في آخر تقرير لها حول الموضوع عمليات تهريب المهاجرين من الدول الأفريقية إلى الجزائر، أن المهاجرين يدفعون ما يقارب 2500 يورو لشبكات التهريب من أجل الوصول إلى الأراضي الجزائرية ويمرون عبر ما تصفه "الثقب الأسود" بين الحدود النيجرية الجزائرية الذي يلتهم أرواح مئات الأشخاص سنوياً.

وصنف التقرير الأميركي حول الاتجار بالبشر الجزائر ضمن الفئة الثالثة للدول التي تشهد عمليات الاتجار بالبشر، وأدرجها ضمن القائمة السوداء للدول المتهمة بالتخاذل في مكافحة الاتجار بالبشر عالمياً، ولا تلتزم حكوماتها كلياً بالمعايير الدنيا التي ينص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهوداً ذات أهمية في هذا الاتجاه.

وهاجمت الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، والهلال الأحمر الجزائري (هيئات شبه حكومية) مضامين التقرير، وقال رئيس الهيئة فاروق قسنطيني إن التقرير الأميركي "لا يعكس أي حقيقة، وهو تقرير مفبرك يهدف إلى المساس بسمعة الجزائر"، وعبر عن رفضه القطعي لما وصفها بـ "الاتهامات والادعاءات التي تضمنها هذا التقرير الذي ليس لديه أي قيمة توثيقية، ووجه اتهامات خطيرة للجزائر دون التحقق المسبق من ذلك".

واعتبرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، أن "التقرير الأميركي يحمل اتهامات مجانية للجزائر، ويأتي في الوقت الذي تصدر اعترافات بالعمل الذي قامت به البلاد من أجل المهاجرين من جنسيات أفريقية "وكشفت أن السلطات الجزائرية سمحت "لممثل سفارة الولايات المتحدة بالجزائر بعقد جلسة عمل على مستوى مركز استقبال المهاجرين بتمنراست جنوبي البلاد، ولذلك نحن نتساءل على أي أساس اعتمد أصحاب هذا التقرير".

لكن الهيئات الحقوقية المستقلة كالرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، تعتقد أن السلطات الجزائرية لا تتعاطى بالحزم اللازم مع هذا الملف، وتستدل بنجاح أكثر من 15 ألف مهاجر أفريقي دخلوا إلى الجزائر بطريقة غير قانونية وعبر شبكات تهريب المهاجرين إلى مدن الشمال.

المساهمون