تسبب تقرير صحافي بثته قناة محلية حول تدفق العائلات من سكان منطقة الجنوب والصحراء الجزائرية إلى مناطق الشمال الساحلية في حالة استياء كبير من قبل سكان هذه المناطق وجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بالقناة إلى نشر اعتذار وتوضيح.
وتحدث التقرير الذي بثته قناة "دزاير نيوز" عن انتقال آلاف العائلات من مناطق الجنوب إلى المناطق الساحلية هروباً من الحرارة المرتفعة، لكنه استعمل كلمة "زحف" والتي أثارت غضب الجنوبيين، وردود فعل حادة في بعض الأحيان.
وقال الناشط في المجال الثقافي في منطقة تقرت جنوبي الجزائر، الأخضر سعداوي: "لا تكمن المصيبة في عبارة زحف على وقاحتها إنما تكمن في تحوّل سفر مواطن من ولاية إلى أخرى داخل وطنه الأم إلى مادة إعلامية، وخبر رئيسي في نشرة متلفزة، فما الغريب حين تسافر مئات العائلات داخل تراب وطنها طلباً للاستجمام أو لغيره؟ أم أن هذه الكائنات (السكان) محظور عليها إعلامياً تجاوز (منطقة) الأطلس".
وذكر محمد نسمي في تدوينة له على "فيسبوك" إنها ليست المرة الأولى التي تقع فيها الصحف والقنوات في مثل هذه الأخطاء، وقال: "هل سكان الجنوب في دولة والساحل في دولة أخرى"، مشيراً إلى أنه قبل أربعة أو خمسة أشهر وقعت قناة النهار المحلية في المحظور نفسه حين تحدثت عن "زحف" داء الحصبة من الجنوب إلى الجنوب، متسائلاً: "ما هي قصتهم (القنوات) مع مصطلح "الزحف"؟ وكيف نزحف ونحن نأتي في موسم الاصطياف بأموالنا، بالرغم من أننا نأتي بأموالنا.. ومن غير أن نتسول من أهل الشمال".
واعتبر الناشط نصر الدين بلحاج أن هناك تكراراً لاستعمال هذه الصيغ اللغوية عند الحديث عن سكان الجنوب، والقضايا المتصلة بهم، مشيراً إلى أنه يحدث في الغالب توظيفها في سياقات سلبية مستفزة.
واستفز التقرير الشاعر يوسف الباز بلغيث الذي يقيم في منطقة البيرين لولاية الجلفة جنوبي الجزائر، حيث نشر قصيدة بعنوان "الجنوبي"، رد فيها بطريقة شعرية على التقرير. وجاء فيها:
"قالُوا "زحَفْتَ" ..كأنّك الثُّعبانُ؟
وكأنَّ من جُحْرِ المَتاهةِ، قد أتتْ تلك السُّمومُ، يَؤزُّها من حُمْقِها البُهتانُ..!!
يا ويحَ مَن وصَفَ التُّمورَ بذلَّةٍ،..و"النّخلُ" عزّكَ ما دَرَى "ضبْعُ الخَيالِ"
.. بأنّه فِي التِّيهِ يرقُبُ شارِدًا.. قد غرَّهُ "السَّعْدَانُ"..!!"
ودعت الكاتبة، آمال قرين، إلى وقف نشر مثل هذه الألفاظ والصور العِدائية والتحريضية التي تُتداول بشكل كبير على صفحات التواصل الاجتماعي، واعتبرت أن ذلك من شأنه أن "يسيء لنا كشعب وبلد واحد، فالجزائر من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها تحت راية واحدة، والخطأ الذي ارتكبه الصحافي بقناة دزاير نيوز الإخبارية في تقرير حول إقبال عائلات الجنوب الجزائري على الولايات الساحلية هروباً من الحرارة القاسية، وبعبارة زحف، سواء كانت بقصد أو بدون قصد فلن يصل بنا الوضع إلى الإساءة لخريطة وطن وشعب الجزائر".
وسارعت القناة إلى نشر اعتذار أكدت فيه أن "التقرير الإخباري أو العنوان الذي اختير له لم يكن يقصد به الإساءة بتاتاً".
Facebook Post |