الجزائر تحض أوبك على خفض إنتاج النفط

الجزائر تحض أوبك على خفض إنتاج النفط

06 سبتمبر 2016
صراع على الحصص السوقية رغم تراجع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
بما أنها الدولة المضيفة للاجتماع النفطي المقرر في السادس والعشرين من الشهر الجاري، فقد دخلت الجزائر في سباق مع الزمن من أجل تحقيق "توافقٍ" حول تخفيض إنتاج النفط بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، بعدما تجاوزت الحصة المعتمدة، بأكثر من مليوني برميل يوميا.
وسيكون وزير الطاقة الجزائري المعين قبل أربعة أشهرٍ نور الدين بوطرفة، حامل المقترح الجزائري لخفض سقف إنتاج الذهب الأسود، إلا أن الوزير الجديد يبدو أشقى من سابقيه صالح خبري ويوسف يوسفي، اللذين فشلا في هذه المهمة وعجلت بذهابهما.
واستهل وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، ماراثون المشاورات باستقبال سفراء الكويت وفنزويلا، فيما أكدت مصادر من داخل وزارة الطاقة لـ "العربي الجديد" أن "وزير الطاقة بوطرفة برمج لقاء مع سفير السعودية في الجزائر المنشغل هذه الأيام بالتحضير لموسم الحج، ويليه سفير روسيا، وهذا بعد لقاء عقده بوطرفة مع مسؤولين في طهران، وذلك لإحداث أكبر قدرٍ ممكن من التوافق.
وأثمرت جهود الجزائر في محاولتها لإقناع الدول بالمشاركة في قمة الجزائر، فقد أعلنت إيران مشاركتها بعد تكذيبها منتصف أغسطس/آب الماضي لخبر المشاركة الذي نقلته وكالة "رويترز"، في حين أعلنت موسكو استعدادها للمشاركة.
ويرى الخبير الدولي في الشؤون النفطية ومدير مكتب "ايمرجي" للدراسات الاستراتيجية بباريس، مراد برور، أن الجزائر تواجه سيناريو واحداً ووحيداً عليها تطبيقه في اجتماع سبتمبر/أيلول الجاري، وهو "إقناع جميع مصدري النفط بضرورة التنازل وأن تقنعهم بالمصير المشترك، وأن استمرار حال السوق هكذا سيكون له ضرر على الجميع".
وأضاف المستشار السابق في شركة "سوناطراك" النفطية الجزائرية أن "الجزائر أعلنت مراراً وتكراراً رفضها مبدأ تجميد الإنتاج عند المستويات الحالية، بل تدعو إلى تقليصه، وهو المطلب الذي تؤيده فنزويلا ولا تعارضه الكويت إلى حد الآن".
ومما يزيد من مخاوف تكرار سيناريو "قمة الدوحة" المنعقدة شهر إبريل/نيسان الماضي، ظهور متغيرات منها الجديدة ومنها الثابتة، كتمسك الدول الأكثر إنتاجاً بمواقفها، ما يهدد بنسف "قمة الجزائر" حتى قبل انعقادها.
المتغير الجديد في معادلة "لعبة إنتاج النفط"، هو العراق الذي تحول إلى "حجرة عثرة صماء" ترفض التحاور، بعدما كشف صراحة بأنه لن يلتزم باتفاقات تثبيت الإنتاج، على لسان وزير النفط الجديد جبار اللعيبي الذي قال "إن العراق مستعد للعب دور فاعل داخل منظمة أوبك لدعم أسعار النفط، لكنه لن يضحّي بهدفه المتمثل في توسيع حصته السوقية، وسيواصل زيادة الإنتاج".
ثم سرعان ما أتبع اللعيبي القول بالفعل وطلب من شركات النفط العالمية الناشطة في العراق مثل "بي بي" البريطانية و"لاك أويل" الروسية، إعادة إحياء برامج الاستثمار المجمدة سابقًا من أجل رفع الإنتاج.
وحسب مصدر من داخل وزارة الطاقة الجزائرية فإن "تردد" بغداد قد أزعج الجزائر كثيرا، التي كانت تراهن على العراق ودول أخرى متضررة من انهيار أسعار النفط مثل فنزويلا، للضغط من أجل إصدار "قرارٍ تاريخيٍ" تنقذ بها الدول الريعية إيراداتها.
وأضاف نفس المصدر الذي فضل عدم الكشف عن نفسه لـ "العربي الجديد" أن "الجزائر ستحاول تليين الموقف العراقي قبل اجتماع منتدى الطاقة الدولي، من خلال إرسال وفد ممثلٍ لوزارتي الخارجية والطاقة".
ليس هذا صداع الرأس الوحيد الذي بات يؤرق الجزائر في الوقت الراهن، إذ لا يزال "التعنت" الإيراني السعودي في التمسك بمواقفهما يثير مخاوف السلطات الجزائرية من إجهاض قمة الجزائر.
فحتى وإن كانت إيران قد أبدت استعدادها لحضور اجتماع الجزائر عكس "قمة الدوحة الأخيرة"، ومع إظهارها نوعاً من الليونة في التعامل مع خريطة الطريق التي تريد الجزائر تمريرها في القمة، إلا أن المتتبعين للملف لا يتفاءلون بأي موقفٍ إيرانيٍ "مغاير" للمواقف السابقة.
وفي السياق، يرى الخبير النفطي عبد النور بلكامل، أن "مشاركة ايران في اجتماع الجزائر لا تعني موافقتها على أي مقترح قد تأتي به الجزائر"، فالمشاركة الإيرانية لا تعدو أن تكون "سياسية" أكثر منها "اقتصادية" حسب بلكامل.
وأضاف بلكامل، لـ "العربي الجديد"، أن حضور إيران كان منتظرا في ظل التقارب الحاصل في الأشهر الأخيرة في محور إيران – الجزائر، إلا أن السؤال هل طهران مستعدة للتضحية بحلمها الأول والذي تراه انتقاماً من الغرب وهو رفع إنتاجها إلى مستويات قياسية. يعتقد بلكامل أن الإجابة عن هذا التساؤل هي بالنفي، فإيران لديها تصميم على رفع إنتاجها اليومي إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول نهاية الشهر الحالي، وقد أعلنتها طهران صراحة بأنها لن تشارك في اجتماع الجزائر، إلا إذا اعترف المصدرون بحقها في استعادة حصتها في السوق، والتي فقدتها خلال العقوبات الدولية.
وبالإضافة إلى كل هذه العقبات يرى الكثير من المتتبعين أن موقف روسيا من "اجتماع الجزائر" سيكون بمثابة "الملاك المنقذ" أو "رصاصة الرحمة" التي قد تنهي أي أمال للجزائر في الخروج بموقف "توافقيٍ عالميٍ" حول تخفيض الإنتاج، فموسكو باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم خارج أوبك بمعدل 10 إلى 11 مليون برميل يوميا، تعتبر رقما هاما في معادلة "تجميد أو خفض الإنتاج العالمي".
إلا أن تصريحات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك التي أدلى بها مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، حملت "نوايا موسكو" المبكرة، حيث قال نوفاك إن "روسيا لا ترى جدوى في اتخاذ تدابير بسوق النفط في ظل الأسعار الراهنة"، أي أن الأسعار الحالية لن تحرك الدب الروسي المقتنع بالمؤشرات الحالية.
وفي ظل هذه التطورات والتقلبات في المواقف، يكون "اجتماع الفرصة الأخيرة" بالنسبة لمنتجي النفط فوق "الميزان"، غلبت كفة "افتراق المجتمعين كما جلسوا "على كفة "حدوث توافق تاريخي" حسب المراقبين الذين يتوقعون أن ولادة أي موقف بخفض الإنتاج لن تمر إلا عبر عملية قيصرية صعبة.