الجزائر: المعارضة تجسّ نبض الشارع مطلبياً

الجزائر: المعارضة تجسّ نبض الشارع مطلبياً

22 فبراير 2015
دعوات إلى الاعتصام في كافة المحافظات (فرانس برس)
+ الخط -


تستعد المعارضة السياسيّة في الجزائر لتنظيم اعتصامات في كلّ المحافظات، بعد غد الثلاثاء، احتجاجاً على قرار استغلال الغاز الصخري، وتضامناً مع سكان الجنوب الرافضين للأمر والذين يعتصمون للسبب ذاته في مدينة عين صالح منذ أكثر من 40 يوماً.

وينوي تكتّل أحزاب المعارضة المنضوي في "تنسيقية الحريات والتغيير الديمقراطي"، وفق ما قرّره في الساعات الأخيرة، تنظيم تحركات احتجاجية في كل محافظات البلاد. ولم يتأخّر التكتّل، الذي يضمّ أحزاباً سياسية وشخصيات مستقلة، في تشكيل هيئة مركزيّة وهيئات محليّة مشتركة، تتولى تنظيم الوقفات الاحتجاجية، مانحاً كلّ هيئة محلية حقّ اختيار مكان وشكل الاحتجاج.

ويستبعد التكتل المعارض، الذي دعا إلى هذه الوقفات، تزامناً مع احتفال الجزائر بذكرى تأميم المحروقات (24 فبراير/شباط 1971)، كلّ الرايات الحزبيّة والسياسيّة خلال هذه الوقفات، بعدما أوعز بتوحيد الشعارات حول المطالبة بوقف استغلال الغاز الصخري، وتجنّب كارثة بيئيّة في منطقة الجنوب.

ويضم تكتل "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي"، ثلاثة أحزاب إسلامية، هي حركة "مجتمع السلم" و"جبهة العدالة والتنمية" وحركة "النهضة"، بالإضافة إلى "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وحزب "جيل جديد" من التيار العلماني، وشخصيات مستقلة كرئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور ووزير الاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي، وناشطين في الجبهة المدنية.

اقرأ أيضاً: سؤال جزائري: البترول نعمة أم نقمة؟

ويعتبر رئيس حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الاسلامية في الجزائر عبد الرزاق مقري، بعد دعوته الجزائريين إلى التعبير عن تضامنهم مع سكان الجنوب، أنّ "خروج الجزائريين للتضامن مع مطالب سكان عين صالح ومدن الجنوب، هو تأكيد ورسالة بأنّ قضيّة الغاز الصخري لا تهمّ سكان الجنوب وحدهم، لكنّها قضيّة وطنيّة تهمّ سكان الشمال أيضاً وكلّ الجزائريين". ويضيف، في تصريحاته الأخيرة: "الجنوب هو كذلك لسكان الشمال، والشمال كذلك لسكان الجنوب، ونحن جميعاً في بلد واحد، لذا دعونا كل المواطنين الجزائريين والجزائريات لأن نقف جميعاً يوم في 24 فبراير/شباط".

ويبدو أنّ المعارضة تنوي تنظيم هذه الوقفات بمن حضر. ويقول رئيس "حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية"، محسن بلعباس، إنّ "المعارضة تستهدف تنظيم وقفات ولو بأقل عدد من المشاركين في كل محافظة"، معتبراً أنّه "لا يهمّ عدد المشاركين، حتى لو شارك عشرة مشاركين في كل وقفة، فالهدف لا يتصل بالحشد الشعبي، بقدر ما يتعلق بإعلان موقف سياسي واضح، وتوجيه رسالة إلى سكان الجنوب بأنّهم ليسوا وحدهم في مطالباتهم".

اقرأ أيضاً: الجزائر: جهود احتواء احتجاجات الجنوب لا تثمر
وفي سياق متّصل، يقول القيادي في حركة النهضة محمد حديبي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "قوى المعارضة مصرّة على إنجاز هذه الوقفات الاحتجاجيّة مهما كان موقف السلطات"، متوقعاً أن "تحاول السلطة استنفار قوى الأمن لمنع واعتقال المحتجين". ويعرب عن اعتقاده بأنّ "السلطة مسكونة بعقيدة أمنيّة ترفض بموجبها أي رأي أو موقف مغاير لمواقفها، ولذلك نتوقع قيامها بمنع هذه التجمعات أو مضايقة المحتجين".

تنديد حكومي

في المقابل، سارع وزير النقل الجزائري ورئيس تجمع "أمل الجزائر"، عمار غول، إلى القول أمس السبت، إنّ "الأطراف التي تدعو إلى وقفة احتجاجية الثلاثاء المقبل، للتنديد بعمليات التنقيب عن الغاز الصخري والتضامن مع أهالي الجنوب إنما تدعو إلى غرس ثقافة مناطقية بين الجزائريين"، معتبراً أن "الأحزاب المنضوية تحت التنسيقية تتحدث عن سكان الجنوب وكأنهم يتنمون إلى بلد آخر غير الجزائر ويتعين التضامن معهم".

ويحذّر غول، وهو قيادي منشق عن حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، الأحزاب من "مغبّة محاولات العبث باستقرار البلاد، من خلال استغلالها لقضية الغاز الصخري في تاريخ الجزائر لتحقيق أغراض سياسية آنية ضيقة". ويشدد على أنّ "الجزائر كلها واحدة موحدة وهي الآن بحاجة إلى استكمال مسار تضميد جراح المأساة الوطنية، في مرحلته النهائية وليس اللعب على وتر بعض المطالب المشروعة لجر الشارع نحو الانزلاق والانفجار".

وفي سياق متصل، يجمع المراقبون على أنّ المعارضة تسعى إلى استغلال قضيّة الغاز الصخري، كعنوان بات يحظى بالإجماع الشعبي في الفترة الأخيرة، وفي محاولة لجسّ نبض ومدى استعداد الجزائريين للخروج إلى الشارع، تحقيقاً لمطالبهم السياسيّة والمدنيّة والاجتماعيّة. لكنّ هذا المسعى الذي يُواجه بردّ قاسٍ وعنيف من قبل أحزاب الموالاة، التي تتّهم المعارضة بالعمل لأجندات خارجية والسعي لزعزعة استقرار البلاد، يُعد امتحاناً صعباً لقوى المعارضة، في ظروف إقليمية مشفوعة بتوترات عنيفة في ليبيا وتونس، لا تشجع الجزائريين على الخروج إلى الشارع، وتبديد رصيد السلم الذي حصلت عليه البلاد بعد عشرية عنيفة.

ولم تحصر قوى المعارضة دعوتها بالداخل فقط، بل نقلت تحرّكاتها إلى الخارج، بدعوة الجزائريين المغتربين في الدول كافة إلى تنظيم وقفات مشابهة أمام الممثليات الدبلوماسية الجزائرية، لكنّ هذه الخطوة واجهت انتقادات حادة، واعتُبرت تدويلاً لمسألة داخلية.
وفي هذا الإطار، يعيب المحلل السياسي حسان موالي، على المعارضة تنظيمها وقفات أمام مقرات القنصلية والسفارات الجزائرية في الخارج، واصفاً إياها بـ"خطوة غير موفقة من قبل المعارضة، على اعتبار أنّ نقل الحراك الداخلي في قضايا تهمّ الداخل الجزائري إلى الخارج، كالغاز الصخري يُعدّ تدويلاً للقضية، ومن شأن ذلك أن يبرر الاتهامات التي توجهها السلطة والأحزاب الموالية لها بكون المعارضة تعمل بدعم من الخارج".