الجزائر: "الموز لمن استطاع إليه سبيلًا"

الجزائر: "الموز لمن استطاع إليه سبيلًا"

22 يناير 2017
(صورة من الجزائر/ فيسبوك)
+ الخط -

السنة الجديدة 2017، لم تكن وردية كما حلم بها الجزائريون قبل نهاية العام الماضي، ولم تكن بألوان قوس قزح كما طمأنتهم الحكومة الجزائرية، بل صدموا منذ الدقائق الأولى لبداية العام الجديد بهاجس غلاء الأسعار، بعد ارتفاع مواد استهلاكية كثيرة منها فاكهة الموز التي أصبح شراؤها يندرج في خانة "لمن استطاع إليه سبيلا".

ارتفع سعر فاكهة الموز في الأسواق الجزائرية، إلى أسعار قياسية لم يعرفها الجزائريون منذ الاستقلال، حيث يصل سعر الكيلوغرام الواحد زهاء ستة دولارات، ما يعادل 600 دينار جزائري، وسجل السعر ارتفاعا بـ 400 دينار بعد أن كان يترواح سعر الكيلوغرام الواحد من الموز بين 160 و250 دينارا، لكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية لأسباب لا يعلمها إلا التجّار والحكومة، يسجّل سعر الموز ارتفاعًا "فاحشًا" يصفه الجزائريون بالجنوني.

الموز الذي كان في زمن الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد إلى غاية نهاية الثمانينيات يباع بـ"أبخس" الأثمان بعد أن كان تناوله حكرًا على العائلات الغنية فقط، حيث قرّر وقتها الشاذلي بن جديد تخفيض سعره حتى يكون في متناول كافة شرائح الشعب، ولا يزال يتذكّر الجزائريون الشاذلي كلّما تحدثوا عن الموز أو "البنان" كما يسمى محليًاـ نسبة إلى تسميته الفرنسية "banane".

والموز أحد أنواع الفاكهة المهمّة التي تستوردها الجزائر من أميركا الجنوبية وتحديدًا من دولة الإكوادور، ولعلّ الطلب الكبير عليه في المجتمع الجزائري بالنظر إلى قيمته الغذائية العالية وإقبال المستهلك عليه أكثر من باقي الفواكه الأخرى، بالنظر لاستخدامه في العديد من المأكولات والحلويات، دفع بالتجار والمضاربين إلى رفع سعره مستغلّين البلبلة المثارة والجدل حول رفع أسعار المواد الاستهلاكية ولا سيما الفواكه والمواد الغذائية الذي تضمّنها قانون المالية الخاص بـ 2017 قبل أن يصادق عليه نواب البرلمان.

ووسط غياب السبب الحقيقي لارتفاع أسعار الفواكه المستوردة في الجزائر، فتح "الموز" باباً للتندّر والتنكيت على مواقع التواصل الاجتماعي على فيسبوك وتويتر، فتعددت الأفكار واختلفت المنشورات، إلا أنّ التعاليق تجمع كلّها على أنّ الموز أصبح لديه "شوارب"، كدلالة على سعره المرتفع، وأن الوصول إليه أصبح بعيد المنال بالنسبة للمواطن الفقير أو "الزوالي" كما يسمى باللهجة العاميّة.

حملت إحدى المنشورات على فيسبوك، صورة لحبة موز معروضة في أحد محلّات بيع المجوهرات، وحملت تعليقًا يقول "الموز سعره ذهب، والله يرحم أيّام الشاذلي"، في إشارة إلى أنه في فترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد للجزائر (1979 -1992 )، كان سعر الموز زهيدًا.

وفضّل ناشط فيسبوكي أن ينشر على صفحته صورًا لحبات برتقال، تحولت إحداهن إلى حبّة موز. وكتب ساخرًا في منشوره: "عندما سمع البرتقال بغلاء الموز قرر تغيير شكله"، ولقيت هذه الصورة تفاعلًا كبيرًا من طرف النشطاء، حيث اعتبر أحدهم أنّ الموز سيصبح قريبًا كعملة صعبة سيتم تداولها في بورصة "السكوار" السوق الموازية لبيع وشراء العملات الأجنبية، وعلّق آخر: "قريبا سنشتري الموز بالقطعة..وا حسرتاه"، وقال آخر: "البنان لمن استطاع إليه سبيلا".

مواقع التواصل الإجتماعي أيضًا تدوالت صورًا لمناصري الفريق الوطني في الغابون، وهم يلتقطون صور "سيلفي" مع فاكهة الموز، التي تباع هناك جزافًا، (كمية كبيرة مقابل 30 دينارًا جزائريًا)، وتدوالت تقارير تلفزيونية هذه الظاهرة التي عرفتها كواليس بطولة أمم أفريقيا، حيث دعا بعض المعلّقين الحكومة إلى استيراد هذه الفاكهة من الدول الأفريقية المعروفة بإنتاجها الوفير للموز، بدلًا من أميركا اللاتينية، وإسقاط "مافيا الاستيراد" التي تهرّب العملة الصعبة إلى الخارج عن طريق صفقات تجارية لا معنى لها، مستخدمة نفوذها في السلطة.

وأطلق جزائريون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة "الموز" بشعارات متعدّدة أبرزها شعار باللهجة الجزائرية "خلّيه يبوري" بمعنى "دعه يتكدّس" في متاجر الباعة، و"معًا لمقاطعة الموز"، وغيرها من الصفحات التي تدعو إلى عدم شراء هذه الفاكهة.

ورافقت أصوات العالم الافتراضي جمعيات حماية المستهلك وأئمة دعوا إلى مقاطعة شراء فاكهة الموز وذلك بعد أن حطمت أسعاره أرقاما قياسية، بحيث يتجاوز سعر الحبة الواحدة منه في بعض المحلات التجارية 160 دينارا جزائريا (1.5 دولار).

المساهمون