الثورة مستمرة

الثورة مستمرة

13 مارس 2016
عودة التظاهرات بمثابة عودة الروح للثورة السورية (يوسف حمص/الأناضول)
+ الخط -
بدأت تظهر أصوات لشخصيات من المعارضة السورية القريبة من التيارات الإسلامية تحذر من مفاعيل سلبية للتظاهرات التي عمّت أرجاء سورية لمجرد الشعور بالأمان الجزئي من قبل المواطنين السوريين عقب اتفاق وقف الأعمال العدائية في سورية. تبرر تلك الأصوات مخاوفها من أن يتم اعتبار عودة التظاهرات السلمية ميلاداً جديداً للثورة ينسف الفترة المسلحة منها ويعتبرها خطأً جسيماً، ما يعطي المبرر لأعداء الثورة بإعادة الجميع لبيت الطاعة. كما يعلّل أصحاب هذا الرأي مخاوفهم من التظاهرات بالخوف على المتظاهرين ويحذرون من استهدافهم بسبب هشاشة الهدنة، في الوقت الذي يرون فيه أن معركة المعارضين مع النظام هي معركة وجودية ولا يحسمها إلا السلاح.

يبدو أن من يرى في عودة التظاهرات تهديداً ونسفاً للمرحلة العسكرية قد نسي أن المرحلة العسكرية قد بدأت كحاجة لحماية المتظاهرين، وأن الثورة في أساسها هي ثورة سلمية مطلبها الحرية والخلاص من الاستبداد، وأن أول من ساهم في تحويلها لحالة العسكرة وفق الحالة التي وصلت إليها هو النظام الذي بدأ يروج منذ الأيام الأولى لعصابات مسلحة إرهابية، ومن ثم ساهم في صناعة بعض التنظيمات المسلحة المتطرفة لتحاربه باسم الثورة كونها المبرر الوحيد لاستمراره كنظام يحارب الإرهاب والتطرف.

إن التظاهرات هي الفعل الأكثر تأثيراً في نظام مستبد كنظام الأسد لأنها التعبير الحضاري الأرقى للخلاص منه، كما أنها الفعل الأكثر تأثيراً في أي استبداد آخر نشأ حتى في مناطق سيطرة المعارضة، وهو ما تم رصده بالفعل من خلال ردات فعل جبهة النصرة ومثيلاتها من التنظيمات التي تسعى لإقامة نظام إقصائي مستبد وتستهدف التظاهرات التي خرجت أخيراً في المدن والبلدات السورية مستعيدة المطالب الحقيقية للثورة والتي خرجت من أجلها، لتكون المفارقة أن تأخذ تلك التنظيمات دور النظام في قمع تظاهرات لم تخرج ضدها وإنما ضد النظام.

إن عودة التظاهرات وخروجها من مناطق الدمار هذه المرة وليس من المساجد هي بمثابة عودة الروح للثورة السورية، وهي إثبات على أن الشعب السوري لا يزال حياً ومصراً على الخلاص من الاستبداد بكل أشكاله، وتكذيب لرواية النظام ومن يؤيده من أنها "ثورة مساجد".