الثورة.. ربيع النساء في اليمن

الثورة.. ربيع النساء في اليمن

08 مارس 2014
النساء صنعن الربيع اليمني (Getty)
+ الخط -

من أول مسيرة إلى كل ساحة اعتصام، وفي قوائم الشهداء والجرحى ومن تعرضوا للاعتقال، وفي الإعلام ‏والمستشفيات الميدانية وحتى اللجان الأمنية في الساحات.. هناك كانت دائماً المرأة اليمنية في قلب الثورة التي كانت ربيعاً للمرأة اليمنية بقدر ما كانت ربيعاً للبلد نفسه، وهو الدور الذي أوصلها إلى ‏منصة التكريم العالمي في جائزة "نوبل". ‏

وإضافة إلى دورها المباشر في الثورة، ثمة دور أوسع غير مباشر، مرتبط بالمجهود الذي بذلته الأمهات والأخوات والزوجات نيابة عن "الثائر" الذي بقي معظم وقته في الساحات، في واحد من أطول ‏الاعتصامات.

ونظراً لطبيعة المجتمع اليمني المحافظ، وارتداء أغلب اليمنيات النقاب، فقد كانت مشاركة المرأة في المسيرات تجعل الصورة ‏لوحة مميزة. وكانت ألوان العلم الوطني أكثر بريقاً وأعمق دلالة، وهو مرفوع على رؤوس الحرائر، ومرسوم على أكفهن ووجوههن. لقد رسمن خلال الثورة أزهى ‏الصور السلمية والمتقدمة عن مجتمع لطالما تعرض للظلم في وسائل الإعلام التي تربطه بالتخلّف والعنف.

بلغ عدد شهيدات الثورة اليمنية، بحسب إحصاءات إعلامية، 19 شهيدة، لكل واحدة منهن قصتها التي أبكت الكثيرين. وقد تعرضت المرأة المشاركة في الثورة إلى شائعات واتهامات تصل ‏إلى القذف من قبل بعضهم في إعلام النظام، بل وعلى لسان رموزه في بعض الأحيان.

المرأة زوجة الشهيد، وأمه، وأخته. وعليها وقع ‏الكثير من الآثار. في هذه السطور استطلع "العربي الجديد" آراء العديد من اللواتي شاركن في الثورة.

المرأة جزء من الثورة
تتذكر فائزة: "الساحة كانت عبارة عن البيت الذي يجمعنا. وطوال فترة وجودنا في الساحات لم أسمع عن مضايقات ‏لفتيات". تقول: "الأخلاق التي غرستها فينا ساحة التغيير ستبقى في نفوس كل من شارك وأسهم في إسقاط ‏النظام".‏

وتقول المصورة سمر المطري لـ "العربي الجديد" إن "المرأة ثائرة لأنها فرضت نفسها ووجدت مجالاً لتشارك ‏وتقف مع الرجل. فالمرأة حاضرة في تاريخ اليمن رغم كل ما تعانيه من ظروف اجتماعية ‏صعبة"، مؤكدة أن "الثورة أعطت النساء المجال للإبداع في كل شيء".‏

وتشدد المطري على أن المرأة "كسرت حاجز الصمت، وما يسمى بالعادات والتقاليد التي كانت تعيشها في ظل مجتمع ذكوري يسيطر على معظم النشاطات".‏

من جانبها، تلفت سكينة حسن زيد، إحدى المشاركات في الثورة، إلى أن "ثورة 2011 في اليمن مثّلت متنفساً للمرأة للتعبير عن ‏نفسها، وإثبات أنها قادرة على صنع التغيير، وليس المشاركة فيه فقط". وتوضح أن "نشاطات المرأة خلال أيام الثورة غيّرت من ‏موقعها في عقول المجتمع اليمني، ولم تعد تلك الخجولة التي لا تخرج إلا للدراسة والعمل، ولم تعد تلك الأنثى الضعيفة التي ‏تحتاج إلى الحماية من الرجل. بل أصبحت تعبّر عن رأيها وموقفها بكل شجاعة وقوة".‏

ترى مسؤولة الكادر الطبي النسائي في المستشفى الميداني د. جميلة يعقوب أن "مشاركة المرأة جاءت بسبب واقع الفساد الذي ‏عاشته، والثورة مثلت ولا تزال الانتصار لحقوقها. فقبل الثورة كان هناك تغييب لدور المرأة وبعد الثورة فرضت ‏حضورها وشهد لها كل العالم بذلك".‏ تضيف: "تتمتع المرأة الآن بحضور على المستوى السياسي والاجتماعي، وما تمثيل المرأة في مؤتمر ‏الحوار إلا شكل من أشكال الانتصارات التي حققتها".‏

وعن مشاركة المرأة في الخيم الطبية، تقول: "زاد عدد الخيم الطبية، حيث صارت تتراوح ما بين 8 و12 خيمة. وزاد ‏عدد المتطوعات من الطبيبات والمسعفات والممرضات عن المائة. ‏كذلك كانت هناك لجانٌ أمنية من النساء، وأكبرها الخيمة المنصوبة في جولة الشهداء التي حدثت فيها مجزرة جمعة الكرامة".‏

ترى الكاتبة صفاء الهبل أن "الثورة كانت فرصة للكثير من النشاطات، كالعمل الحقوقي والسياسي، لأن تبصر النور". ‏في السياق نفسه، تقول الصحافية صفية الفودعي إن "المرأة تميزت داخل الثورة بأنها أثبتت قدراتها في الكفاح والنضال، وقدرتها على المواجهة، وتميزت بوجودها ‏وكوّنت ثورة بذاتها. تميزت بأنها أثبتت للعالم أنها قادرة على التغيير".‏

من جهتها، تشرح الناشطة في الثورة انتصار العريقي أن "المرأة رأت ‏في الثورة الملجأ الوحيد لنيل حقوقها وانتزاعها من مجتمع ذكوري بحت".
وكانت العريقي قد شاركت في نشاطات كثيرة، من ضمنها التدريب والتدريس، ونظمت كثيراً من الدورات في اللغة ‏الإنكليزية لشباب الساحة.‏

شهيدات وشهداء
يتحدث مختار الدهبلي أحد أقارب عزيزة المهاجري (37عاماً) أول شهيدة في الثورة، عن مشاركتها قائلاً: "كانت تخرج ضد الظلم والفساد، وكانت تشعر بمعاناة الآخرين من الفقراء والمرضى الذين لا ‏يجدون علاجاً". يضيف: "تعرضت الثائرات لاعتداءات متكررة من البلطجيين، ومن الأمن في عدد من المسيرات، وقد واجهن الآلة القمعية عدة مرات ببطولة، فبرغم الاعتداءات ‏بالرصاص الحي والغازات والمياه الملوثة إلا أنهن لم يتراجعن ولم يتوقفن عن المشاركة في المسيرات".‏

وعن استشهادها يقول: "استشهدت في إحدى المسيرات في وادي المدام بتعز". ويشرح أن الشهيدة المهاجري عندما رأت قناصاً يعتلي ‏أحد المباني صرخت قائلة "اتق الله إحنا نسوان وأطفال باتقتلنا..؟!"، وحينها شاهدها الحاضرون تسقط لأن القناص لم ‏يمهلها كثيرا،ً واستهدفها بطلقة في مؤخرة الرأس خرجت من جبينها.‏

من جهة ثانية، تقول هدية العزي بحزن: "فقدت زوجي الذي استشهد في أحد الاعتداءات. ذكرى فبراير/شباط تحمل في طياتها ذكرى ‏شهدائنا وجراحنا والدماء التي سالت. فبراير هو شهر المضي إلى المستقبل".‏

تختم الصحافية فاطمة الأغبري التي شاركت في الثورة: "نعم تغيرت النظرة إلى المرأة سياسياً واجتماعياً. فمن كان يعتقد أن ‏المرأة اليمنية ستكون شريكة أساسية في التغيير وستخرج بذلك العدد الكبير؟ لقد أيقن المجتمع أن المرأة شريك أساسي، وأصبح يدفع بنسائه للمشاركة ما دامت ‏لديهن القدرة على فعل ذلك".‏

المساهمون