وقد اتخذت المواقف الدولية المعادية لــ"الثورة كمفهوم"، أشكالاً متعددة. من الدول من اتخذ موقفاً عدائياً واضحاً من الثورة وحاربها منذ البداية وسعى إلى وسمها بالإرهاب الذي يعتدي على الدولة الشرعية، في الوقت الذي استجلبت فيه تلك الدول عشرات المليشيات الطائفية بحجة محاربة الإرهاب والدفاع عن الشرعية. ومن الدول من اتخذ موقفاً متضامناً مع الثورة ظاهرياً لكنه موقف مخادع في حقيقته، إذ استطاعت تلك الدول، والتي تتقدمها الولايات المتحدة الأميركية، من خلال هذا الموقف، أن تجرّ الجهات التمثيلية للثورة إلى تبني مواقف متقدمة ثم تتخاذل عن دعمها، كما ورطتها بأن حولتها إلى طرف في صراع هدفه تدمير الدولة، واقتصر دعمها للمعارضة على هدف وحيد هو الحفاظ على حالة استعصاء عسكري طويل الأمد. كما منعت تزويد المعارضة المسلحة بأي سلاح نوعي يمكن أن يساعد في تحقيق انتصار حاسم، في الوقت الذي منعت إنشاء أي ممرات إنسانية آمنة للمدنيين أو إقامة مناطق آمنة يحظر على الطيران قصفها ليكون الشق الإنساني في آخر اهتمامات تلك الدول التي أخذت موقف المتفرج على أبشع المجازر التي حصدت آلاف الأرواح. وقد ساهمت دول أخرى في حفاظ الثورة على شكل دموي قد يكون رادعاً لشعوبها عن القيام باحتجاج مماثل ومن أجل إفهامهم أن الثورة هي قتل وتشريد وخراب للبلد.
حتى الدول التي وقفت على الحياد هي في حقيقة الأمر تتخذ موقفاً معادياً للثورة من خلال حيادها حيال أبشع أشكال القتل التي تُمارس بحق شعب أراد أن يطالب بحريته ويستعيد كرامته التي سلبه إياها الاستبداد.