الثورة اكتملت.. يحيا النظام إلى الأبد

الثورة اكتملت.. يحيا النظام إلى الأبد

25 يناير 2017
القاهرة، غرافيتي لـ علاء عوض/ مصر
+ الخط -

لا يخضع الاختلاف على انتفاضة 25 يناير المصرية، أو غيرها من الانتفاضات العربية، لجدل يتّصل بمفهوم الثورة والمصطلحات المتعلّقة به، إنما يطال الأسباب التي أدّت إلى اندلاع الاحتجاجات على أنظمة فاسدة ومهترئة، وما مرّت به من منعطفات وتغيّرات خلال أعوامها الستة، وصولاً إلى خلاف أكبر حول مآلاتها.

الاستقطاب الحاد حول مصير الثورات العربية يستقي شعاراته وأدوات تحريضه من معين واحد؛ طرفا أو أطراف النزاع لدى كلّ منهم توصيف محدّد لـ "ثورته" وأهدافها المتحقّقة أو كيف سُرقت منه لأنها حادت عن حلمه/وهمه تجاهها، وبذلك يتساوى الجميع في إصراره على نموذج موّحد لأي حراك شعبي وصيرورة معروف مسبقاً أين تبدأ وأين تنتهي.

في الحالة المصرية، ثمة تيار أساسي داخل النخبة الحاكمة تمثّله كلمة "الريّس" عبد الفتاح السيسي، بمناسبة "25 يناير"، حين يرى أن الثورة قد انتصرت "بعد أن صُحح مسارها"، ويوّجه أنظار المصريين إلى عدوّهم الأوحد الذي يجب أن يتصدّى له الجميع؛ متمثّلاً بالإرهاب، حتى "تُقتلع جذوره من أرض مصر"، وبالطبع ليست هناك حدود زمنية لهذه المواجهة، ولا تتنهي التبريرات حول أي انتهاك أو تقصير من قِبل سلطة شغلها الشاغل هو مكافحة هذا العدو، ولا يحقّ لأحد أن يتساءل عن ازدواجية معاييرها، إذ تدعم أفكاراً وجماعات متطرّفة هنا، وتُقاتلها هناك.

ثم تحضر "معركة التنمية" التي تسير بثبات نحو "إصلاح الاقتصاد"، و"توفير فرص متساوية في الحياة الحرّة الكريمة"، من دون الإشارة إلى الأزمة الاقتصادية التي تنعكس في جميع مجالات الحياة؛ البنية التحتية وتدنّي ظروف المعيشة والتضخّم وتراجع مستوى الخدمات، والتي لا يستطيع الإعلام الرسمي إخفاءها، بل تطالعنا وسائله اليوم، مثلاً، بكمّ لا ينتهي من الأخبار والتقارير والمقابلات التي تؤشر على بؤس الحال.

عودة إلى كلمة السيسي، تحضر ملاحظة هامشية تتصل بـ"الديمقراطية" التي غدت دوماً ملحقة بالتنمية في خطاب النظام المصري، حالياً، ولا حديث عنها بوصفها ممارسة اجتماعية ثقافية سياسية تشير إلى التعدّد الذي يترجم أساساً في الفعل الثقافي وتحرّر صنّاعه لا بحصره وحصرهم في خانة التبرير والدفاع عن السلطة وسقطاتها، كما يحصل في مصر اليوم بخنق أغلب الفضاءات العامة التي باتت مشوّهة أو منتهكةً أو مقيّدة.

بالضرورة لا بدّ أن يُطعّم الخطاب ذاته بمفردات "واجب التضحية"، و"الاعتزاز بالشهداء"، و"الحفاظ على الهوية"، و"أن تظلّ مصر وطناً حراً لكل المصريين"، و"الأمان والاستقرار" و"عظمة الشعب وإبائه"، وحينها فقط يُفهم لماذا تحتشد ميادين مصر وشوارعها برجال الأمن هذا اليوم، ولماذا تحتكر السلطة الاحتفال بذكرى الثورة، فكل ما يصدر عنها هو تنويعات وإضافات على فكرة واحدة: "الثورة اكتملت.. يحيا النظام إلى الأبد".

المساهمون