التلوث يقفل مدارس وجامعات في إيران

التلوث يقفل مدارس وجامعات في إيران

30 نوفمبر 2019
في العاصمة الملوثة (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -

مع حلول فصل البرد، عاد الضيف غير المرغوب فيه، أي تلوث الهواء، إلى المدن الإيرانية الكبرى، لا سيما العاصمة طهران، وهو ما زاد المخاطر الصحية، وأدى إلى إقفال كثير من المدارس

عاد التلوث إلى إيران مجدداً، كما كلّ فصل شتاء، وهذه المرة في شكل ضباب كثيف دفع السلطات إلى تعطيل المدارس والجامعات في محافظات عدة، مع تحذير مرضى القلب والرئة والأطفال وكبار السن والحوامل من الخروج من المنازل.

وبحسب بيانات شركة رصد جودة هواء طهران، فإنّ مؤشر التلوث في العاصمة الإيرانية، وصل إلى 166 درجة، يوم الجمعة، ما جعل المدينة في المرتبة الثانية عالمياً بين المدن الأكثر تلوثاً، بعد بيشكك عاصمة قرغيزستان. وبحسب آخر بيانات الشركة، لم يتراجع مؤشر التلوث في طهران، السبت، بل وصل إلى 170 درجة، كمعدل للمناطق كافة فيها، وفقا لما أوردته وكالة "تسنيم"، معلنة أنّ المدينة غير صحية للفئات العمرية كافة.




وفي مواجهة هذه الحالة البيئية الصعبة في محافظات إيرانية، التأمت لجان طوارئ تلوث الهواء، لاتخاذ تدابير وإجراءات. وفي طهران اجتمعت اللجنة برئاسة نائب محافظ طهران للشؤون العمرانية محمد تقي زادة. وذكر مندوب وزارة الصحة عباس شاهسوني إنّ مؤشر التلوث وصل إلى 208 درجات في منطقة بيروزي في طهران، داعياً إلى "ضرورة الحدّ من مصادر توليد تلوث الهواء" واصفاً وضع الهواء بأنّه "وخيم للغاية".

أما التدابير التي اتخذتها اللجنة المعنية فهي تعطيل المدارس والجامعات كافة في محافظة طهران باستثناء ثلاث مدن فيها، قريبة من محافظة مازندران الشمالية المطلة على بحر قزوين، وإيقاف جميع الأنشطة العمرانية للأجهزة والمؤسسات والبلدية حتى إشعار آخر، وإلغاء الأنشطة والمسابقات الرياضية في الفضاء المفتوح. وعليه، ألغيت مباراة كرة قدم بين فريقي برسبوليس ونساجي مازندران في طهران، والتي كان من المفترض أن تجرى السبت في إطار الدوري الإيراني الممتاز.

ولم تقف التدابير المتخذة في مواجهة التلوث عند ذلك، بل شملت أيضاً إجراءات مرورية خاصة، منها توسيع الرقعة الجغرافية للمناطق التي يحظر دخول السيارات فيها، إذ سيجري تطبيق نظام الأيام الفردية والزوجية لقيادة المركبات. وهكذا سيسمح في الأيام الزوجية فقط للسيارات التي تنتهي لوحتها برقم مزدوج بالخروج من البيوت، ويحظر عليها الخروج في الأيام الفردية التي يسمح فيها فقط للسيارات التي تنتهي لوحتها برقم مفرد. ومن الإجراءات المرورية أيضاً، حظر دخول الشاحنات والمركبات الثقيلة إلى مدينة طهران حتى تتحسن جودة هواء العاصمة، وفقاً لإعلان شرطة المرور.

يشار إلى أنّ التلوث بات جزءاً من الحياة الشتوية لطهران ومدن إيرانية كبرى خلال العقدين الأخيرين، وهي مشكلة بيئية كبيرة طرأت على العاصمة الإيرانية منذ ستينيات القرن الماضي بعد انتشار المعامل والسيارات فيها، وعلى الرغم من قيام السلطات بإجراءات في مواجهتها، فالمشكلة ما زالت قائمة وتزداد سوءاً مع تراجع هطول الأمطار، ولم تجرِ معالجتها جذرياً.
وبحسب سلطات طهران، فإنّ أكثر من 80 في المائة من التلوث فيها يعود إلى انتشار عدد كبير من السيارات والدراجات النارية في المدينة، إذ قال رئيس بلديتها، بيروز حناجي، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لوكالة "فارس" إنّ عدد المركبات في العاصمة الإيرانية يصل إلى 4 ملايين و200 ألف. واليوم، على ضوء عدم إمكانية إيجاد حلول سحرية عاجلة لمعضلة التلوث في طهران وغيرها من المدن الإيرانية، فهي تنتظر الرياح أو الأمطار أو الثلوج.

منذ عدة سنوات، انتقلت عدوى المشكلة البيئية هذه من العاصمة طهران إلى مدن إيرانية أخرى، والأسباب هي نفسها، ما حدا بسلطات هذه المدن لاتخاذ إجراءات مثل إغلاق المدارس حفاظاً على صحة المواطنين. وعليه، أعلنت مديرية التعليم والتربية في محافظة خراسان الرضوية تعطيل المدارس في مدينة مشهد مركز المحافظة، السبت. كذلك، فإنّ سلطات محافظة ألبرز، الملاصقة لطهران، اتخذت القرار نفسه، باستثناء منطقتين فيها. وأعلنت سلطات محافظة قم، على بعد 100 كيلومتر من طهران، عن إقفال مدارسها أيضاً. وفي محافظة أصفهان، وسط إيران، أعلن عن إقفال المدارس، السبت، بسبب ارتفاع مستويات التلوث إلى مؤشرات خطيرة. وتعدى الأمر وسط إيران باتجاه مدينة أرومية، مركز محافظة آذربايجان الغربية، غربي البلاد، لكن بدرجات تلوث أقل، لتعلن سلطاتها إغلاق رياض الأطفال والمدارس الأساسية. وفي مدينة إيذة، بمحافظة خوزستان، جنوب غربي إيران، تعطلت المدارس، لكن ليس بسبب التلوث وإنما لسبب بيئي آخر، وهو وقوع عدة زلازل في المدينة مساء الجمعة، وصل أكثرها شدة إلى 4.9 في مقياس ريختر. وقال حاكم ايذة حسين لامي زادة لوكالة "إرنا" الرسمية الإيرانية إنّ المدينة شهدت منذ مساء الجمعة أربعة زلازل، ووضعت قوات الإغاثة والإنقاذ على أهبة الاستعداد لمواجهة أيّ حالة طارئة. وأضاف أنّ قراراً اتخذ بإغلاق المدارس في الفترة الصباحية بمدينة إيذة كإجراء وقائي في مواجهة زلازل محتملة.




وإلى جانب إعلانها حالة التأهب في المصحات والمستشفيات بالمدن التي تشهد تلوثاً هذه الأيام، ذكرت منظمة الإسعاف والطوارئ الصحية الإيرانية في تقرير، السبت، أنّ التلوث أجبر 12 ألفاً و838 شخصاً على زيارة هذه المراكز الصحية على مدى الأيام الستة الماضية في سبع محافظات بسبب مشاكل تنفسية. ولفتت المنظمة إلى أن 7730 من هؤلاء الأشخاص هم من مرضى القلب.

المساهمون