التعيين القضائي في فلسطين

29 أكتوبر 2016
+ الخط -
العبرة في تعيين رئيس مجلس القضاء رئيس المحكمة العليا ليس في مديح القاضي هذا أو ذاك، إنّما لتطبيق نص القانون الذي ورد في قانون السلطة القضائية، وهو الخاص الناظم لآلية تعيين رئيس مجلس القضاء رئيس المحكمة العليا.
وهنا تجدر الإشارة إلى نص المادة 38 التي نصت على "عند خلو وظيفة رئيس المحكمة العليا أو غيابه أو وجود مانع لديه يحلّ محلّه في رئاسة مجلس القضاء الأعلى أقدم نواب رئيس المحكمة العليا"، الأمر الذي يفهم منه، وحسب نص القانون، إنّ منصب رئيس المجلس رئيس المحكمة العليا هو لأقدم أعضاء المحكمة العليا، حالياً، الذي هو بنص وقوّة القانون المستشار عماد سليم، وليس للتنسيب أثر في تحديد من هو رئيس المحكمة العليا، إنّما ينحصر التنسيب في أنه إجراء شكلي، لا بد منه لإصدار القرار الإداري. لذلك، سواء تمّ تنسيب قاض أو عدّة قضاة، فالتعيين سوف يكون لأقدم قضاة المحكمة العليا.
على سبيل المثال، في المرّة الماضية، تمّ تنسيب أربعة قضاة لرئاسة مجلس القضاء والمحكمة العليا، وكان قرار التعيين لأقدم قاض في المحكمة العليا منهم، وهو سامي صرصور، يليه قدما في عضوية المحكمة بنص القانون المستشار عماد سليم الذي عيّن نائبا أوّل له في حينه، وإنْ لم يكن بحاجة لقرار تعيينه نائباً أوّل، لأنّه بقوّة القانون نائب أوّل لرئيس المحكمة العليا في حينه، عملا بنص المادة 37 فقرة (2 ب) التي نصّت على أنه "ينشأ بمقتضى أحكام هذا القانون مجلس للقضاء يسمّى مجلس القضاء الأعلى، ويمارس صلاحياته وفقا للقانون. ويشكل مجلس القضاء الأعلى من رئيس المحكمة العليا رئيساً، وأقدم نواب رئيس المحكمة العليا نائبا. لذلك، الأمور بنص القانون واضحة، وليست بحاجة لاجتهاد أو مديح القاضي فلان أو الإساءة للقاضي فلان، حيث لا اجتهاد في مورد النص، إضافة إلى أنّ هناك قرار صادر عن مجلس القضاء الأعلى بأنّ الترقية تتم على أساس الأقدمية. وعلى هذا الأساس، تمّت الترقيات الأخيرة، وهو المبدأ نفسه الذي أجمعت عليه الهيئة، قبيل تعيين سامي صرصور، وإنّ ما أثاره بعض القانونيين والإعلاميين عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ هناك أزمة وتنازع على منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس المحكمة العليا، وإن كان شكلاً وحقيقية موجود من حيث تقديم طعون بهذا الخصوص، إلّا أنّنا على أرض الواقع لا نعيش هذا التنازع، وإنّ الطعون التي أشاروا إليها أصبحت الآن ليس لها أيّ قيمة قانونية وغير ذي موضوع، طالما أذعن كلّ ذي مصلحة للقرارات التي صدرت بحقّه، سواء كان بتقديم الاستقالة، فهذا أمر يعود إلى شخص مقدّم الاستقالة لسؤاله: لماذا، طالما أنّه قاض مستقل، ويرأس رأس الهرم القضائي يقبل على نفسه ويتقدّم باستقالته، ثم يعود ويقول أقالوني وأجبروني على الاستقالة؟
وفيما يخصّ الطعن الآخر أمام الدستورية، والذي في مضمونه أشار إلى انعدام القرار الصادر عن محكمة العدل العليا رقم (130/2015)، أرى أنّ المقصود بما نوّه إليه قرار المحكمة الدستورية من حيث انعدام القرار رقم (130/2015) هو انعدام القياس والاستشهاد به كسابقة قضائية، كونه يحمل حالة خاصة، وإنّ لكلّ قضية ظروف خاصة، تختلف عن القضية الأخرى، كما أنّه لا يوجد تنسيب في تلك الحالة حسب نص المادة 18من قانون السلطة القضائية، وليس أنّ القرار رقم (130/2015) معدوم، ويجب عدم الأخذ به، إذ ذهبت المحكمة الدستورية إلى انعدام الاستشهاد به كسابقة قضائية، وليس إلى أنه قرار قضائي معدوم ليس له أثر، ما يجعلنا أمام قاض واحد لرئاسة مجلس القضاء والمحكمة العليا، يحدّد هويته نص قانون السلطة القضائية الناظم لآلية تعيين رئيس مجلس القضاء رئيس المحكمة العليا، وليس كما يقول بعضهم إنّ هناك أزمة على ترؤس مجلس القضاء والمحكمة العليا، وعندما يتم تنسيب رئيس مجلس قريباً من مجلس القضاء إلى فخامة الرئيس أبو مازن، ليصدر مرسوم بتعيينه رئيساً لمجلس القضاء رئيساً للمحكمة العليا، تصبح جميع الطعون حكماً وبنص القانون، عملاً بنص المادة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية النافذ منفية المصلحة فيها، وبالتالي أصبحت غير ذي موضوع.
avata
avata
أحمد الحروب (فلسطين)
أحمد الحروب (فلسطين)