التعبير عن الحب بالسلوك وليس بالشعور
بيروت
صحافية لبنانية. من فريق العربي الجديد قسم المجتمع
حب (Getty)
ذلك اليوم، رأيت (المعالج النفسي أفروم ويس في مجلة سايكولوجي توداي) مشهداً مألوفاً لكنّه مزعج جداً في الوقت نفسه. كان هناك رجل يقف تحت المطر الخافت مع ابنه الذي بدا في السادسة من عمره. وبدا الرجل مشغولاً في إرسال رسائل نصية على هاتفه، متجاهلاً تماماً ابنه الذي كان يبكي بلطف، وقد أخبر والده بأنه مبلّل ويشعر بالبرد، وطلب من والده أن يأخذه إلى البيت. طمأنه والده من دون أن يتوقف عن متابعة كتابة الرسالة النصية التي كان يرسلها، قائلاً: "والدك يحبك. أعطني دقيقة لإنهاء هذا الأمر وسنعود إلى المنزل معاً".
مشهد ذكّرني بكلّ الأوقات التي جلست فيها في مكتبي كطبيب نفسي أستمع إلى الناس الذين كانوا يتحدثون عن سلوك سيئ تحملوه من آخرين. حين كانوا يرون النظرة العفوية المروّعة على وجهي، غالباً ما يسارعون إلى طمأنتي: "لا بأس. أعرف أنّهم يحبونني. في هذه المرحلة، غالباً ما أكون عاجزاً عن الكلام، لأن ردة فعلهم تظهر أنهم غير مهتمين برأيي حول ما استنتجوه بأن الإساءة التي يتعرضون لها تعبير عن الحب. يبدو الأمر كما لو أنهم يتلون تعويذة: "أعرف أنهم يحبونني"، والهدف هو السماح لأنفسهم بالبقاء في مكانهم وتحمل العلاقات الضارة.
الحب كلمة غريبة، وهي إحدى أكثر الكلمات تعقيداً. نقول إننا "نحب" فريقنا المحلي لكرة القدم، ثم نستخدم الكلمة نفسها ونقول إننا نحب الهامبرغر وإن بدرجة أقل، ونكرّرها للتعبير عن مشاعرنا حيال أطفالنا. ربّما ينبغي علينا أن نكون مثل أولئك القاطنين في الأسكيمو الذين لديهم أكثر من 50 كلمة مختلفة للثلج، كما للحب.
اقــرأ أيضاً
بما أنّ هذا يبدو مستبعداً، هناك حلّ أبسط. ماذا لو اعتبرنا الحب سلوكاً وليس شعوراً؟ في حال كان الحب شعوراً، من الصعب أن تعرف متى يكون حقيقياً، لأنه ما من طريق لديك لمعرفة كيف يشعر شخص ما. يمكنك تحديد ذلك فقط من خلال طريقة تصرفه. لماذا لا تكون أكثر مباشرة وتستخدم كلمة حب للإشارة إلى السلوك نفسه؟ ببساطة، حين يتصرف شخص ما بمحبة تجاهك، فهذا يعني أنه يحبك، وإذا ما تصرف بشكل سيئ، فهذا يعني أنه لا يحبك.
ويمكن القول إنّ شخصاً ما تصرّف بشكل سيئ حيالك في هذه اللحظة، لكنك تعلم أنه يحبك لأنه تصرف بحب نحوك في أوقات أخرى. ماذا لو فكرت بأمانة في الوقت الذي تصرّف البعض بحب نحوك في مقابل الأذى الذي تسببوا لك به في أحيان أخرى؟ يمكن أن تكتشف أن درجة الأذى أكبر. بالتالي، فإن ميزة التفكير بالحب كسلوك بدلاً من الشعور يعني أنك تُخدع بنسبة أقلّ.
مشهد ذكّرني بكلّ الأوقات التي جلست فيها في مكتبي كطبيب نفسي أستمع إلى الناس الذين كانوا يتحدثون عن سلوك سيئ تحملوه من آخرين. حين كانوا يرون النظرة العفوية المروّعة على وجهي، غالباً ما يسارعون إلى طمأنتي: "لا بأس. أعرف أنّهم يحبونني. في هذه المرحلة، غالباً ما أكون عاجزاً عن الكلام، لأن ردة فعلهم تظهر أنهم غير مهتمين برأيي حول ما استنتجوه بأن الإساءة التي يتعرضون لها تعبير عن الحب. يبدو الأمر كما لو أنهم يتلون تعويذة: "أعرف أنهم يحبونني"، والهدف هو السماح لأنفسهم بالبقاء في مكانهم وتحمل العلاقات الضارة.
الحب كلمة غريبة، وهي إحدى أكثر الكلمات تعقيداً. نقول إننا "نحب" فريقنا المحلي لكرة القدم، ثم نستخدم الكلمة نفسها ونقول إننا نحب الهامبرغر وإن بدرجة أقل، ونكرّرها للتعبير عن مشاعرنا حيال أطفالنا. ربّما ينبغي علينا أن نكون مثل أولئك القاطنين في الأسكيمو الذين لديهم أكثر من 50 كلمة مختلفة للثلج، كما للحب.
بما أنّ هذا يبدو مستبعداً، هناك حلّ أبسط. ماذا لو اعتبرنا الحب سلوكاً وليس شعوراً؟ في حال كان الحب شعوراً، من الصعب أن تعرف متى يكون حقيقياً، لأنه ما من طريق لديك لمعرفة كيف يشعر شخص ما. يمكنك تحديد ذلك فقط من خلال طريقة تصرفه. لماذا لا تكون أكثر مباشرة وتستخدم كلمة حب للإشارة إلى السلوك نفسه؟ ببساطة، حين يتصرف شخص ما بمحبة تجاهك، فهذا يعني أنه يحبك، وإذا ما تصرف بشكل سيئ، فهذا يعني أنه لا يحبك.
ويمكن القول إنّ شخصاً ما تصرّف بشكل سيئ حيالك في هذه اللحظة، لكنك تعلم أنه يحبك لأنه تصرف بحب نحوك في أوقات أخرى. ماذا لو فكرت بأمانة في الوقت الذي تصرّف البعض بحب نحوك في مقابل الأذى الذي تسببوا لك به في أحيان أخرى؟ يمكن أن تكتشف أن درجة الأذى أكبر. بالتالي، فإن ميزة التفكير بالحب كسلوك بدلاً من الشعور يعني أنك تُخدع بنسبة أقلّ.