الترهيب والابتزاز أسلحة معسكر المالكي-العامري لتأمين الكتلة الكبرى

الترهيب والابتزاز أسلحة معسكر المالكي - العامري لتأمين الكتلة الكبرى

24 اغسطس 2018
حديث عن مساعٍ لإعادة التحالف الشيعي (Getty)
+ الخط -

لم تنجح الكتل العراقية الفائزة بالانتخابات، حتى الآن، بالوصول إلى عتبة تأليف الكتلة الكبرى التي تشكل الحكومة، وسط مخاض عسير يتعقّد فيه مشهد الحوارات السياسية، ليظهر عجز معسكَري حيدر العبادي - مقتدى الصدر، ونوري المالكي - هادي العامري، بكسب الماراثون المحتدم بينهما، في وقت لجأ فيه المعسكر الثاني (المالكي - العامري) إلى أوراق عدّة لابتزاز المكوّنين السنّي والكردي، محاولاً كسبهما لصفه، من خلال التلويح بإعادة تشكيل تحالف شيعي جديد، معتمداً على الدعم والضغوط الإيرانية، الأمر الذي حذّر منه مراقبون لما له من تبعات على العراق.

وقال مسؤول سياسي مطّلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحوارات والاتصالات السياسية استمرت خلال فترة عيد الأضحى بين الجهات الساعية للفوز بتشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى"، موضحاً أنّ "التوافق بين المحورين السنّي والكردي، اللذين أصبحا بيضة القبان بتشكيل هذه الكتلة، عقّد مشهد الحوارات، فلم يستطع حتى الآن أي من معسكري المالكي أو العبادي استمالتهما لجانبه". وأشار إلى أنّ "هذا المشهد المعقّد والعجز الواضح عن تشكيل الكتلة الكبرى، يدفعان باتجاه أوراق عدة يلعبها المالكي لابتزاز الأكراد والسنّة واستمالتهما إلى معسكره"، كاشفاً أنّ المالكي لجأ إلى أسلوبي الترغيب والترهيب، إذ قدّم أموالاً طائلة تصل إلى 250 مليون دينار عراقي (أكثر من 200 ألف دولار)، لكل نائب ينشق باتجاه تحالفه، كما لوّح بملفات فساد تتعلق ببعض الشخصيات من السنّة والأكراد، وبدأ بالتلويح بورقة الطائفية وإعادة التمحور الطائفي الشيعي، في حال عدم استجابة الطرفين له.

من جهتها، هدّدت مليشيات "العصائب"، المنضوية ضمن معسكر المالكي - العامري، السنّة والأكراد بـ"إعادة تشكيل التحالف الشيعي من جديد". وقال المتحدث باسم المليشيا، نعيم العبودي، في تصريح نشره على حسابه في "تويتر": "إنّ فرض الشروط من قبل السنّة والأكراد على الكتلة الكبرى، في تشكيل الحكومة المقبلة، سيدفعنا باتجاه إعادة تشكيل التحالف الشيعي من جديد"، مؤكداً أنّ "الشارع لن يرحمهم أبداً"، في إشارة إلى السنّة والأكراد. وأضاف "لن يستطيع أحد فرض شروط على الآخر"، محذراً من "فرض الشروط من أجل المصالح الضيقة والحزبية فقط"، متابعاً "من يتحالف معنا سيجدنا حليفاً عنيداً، ولكن لدينا قواعد للاتفاق والاختلاف، ولن نتنازل عن ثوابتنا وحقوقنا خلال حواراتنا".


ويبدو أن معسكر المالكي استطاع كسب الأحزاب الكردية المعارضة إلى جانبه، فيما يضغط على الحزبين الكرديين الكبيرين: "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني". وقالت النائبة عن "كتلة التغيير" الكردية المعارضة، شيرين رضا، لـ"العربي الجديد": "إنّنا ككتلة تغيير والجماعة الإسلامية وكتلة العدالة والديمقراطية بزعامة برهم صالح، لن نشارك الحزبين الكرديين في أي تحالف". وأضافت "سنتحالف مع أي كتلة سنّية كانت أو شيعية، بشرط أن تعمل لمصلحة العراق، ولن نتحالف مع الحزبين الكرديين"، مشيرة إلى أنّ "حزبها والأحزاب المتفقة معه بعيدون عن معسكر العبادي، إذ إنّه (العبادي) لم يقدّم شيئاً للعراق، سواء الأكراد أو غيرهم، خلال فترة حكمه المنتهية، والدليل على ذلك التظاهرات التي تجتاح العراق للمطالبة بتحسين الخدمات"، متابعة: "نرى أنّ زعيم دولة القانون نوري المالكي أقرب إلينا للتحالف معه، ونعتقد أنّه الأفضل لهذه الفترة".

على الجانب الآخر، وعلى الرغم من التحركات المنفصلة لكلا المعسكرين، تُبذل مساعٍ للتقريب بينهما، ما يدفع باتجاه إعادة هيكلة التحالف الشيعي من جديد. وكشف القيادي في تحالف "سائرون"، رائد فهمي، في تصريح صحافي، عن "وجود مساعٍ لتقريب مسارَي سائرون (بزعامة الصدر)، مع تحالف الفتح (بزعامة العامري) والكتل المتحالفة معه". وقال فهمي إنّ "ما يسعى له سائرون هو أن تكون الكتلة الكبرى قادرة على تشكيل حكومة فعالة خارج نطاق المحاصصة، تحمل أهدافاً واقعية ملموسة في المحاور المختلفة، قابلة للتحقيق والمتابعة، من بينها إصلاح مؤسسات الدولة، ومحاربة الفساد، وتنشيط الاقتصاد، وحصر السلاح بيد الدولة". وأكد أنه "لم يحدث حتى الآن أي حوار مباشر مع دولة القانون".

بينما يرى المحور السنّي أنّ تجاربه مع الحكومات السابقة تحتم عليه فرض شروط وعدم التنازل عنها. وقال القيادي في تحالف "القرار"، محمد القيسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المالكي والعبادي لم يحققا مبدأ التوازن في حكوماتهما المتعاقبة، بل على العكس استمر التهميش والإقصاء للمكوّن السنّي على درجات متفاوتة". وأكد "أننا قررنا عدم الانضمام لتحالف الكتلة الكبرى، إلا بعد الحصول على ضمانات لحقوقنا، حقوق محافظاتنا المهمشة، ولن نتنازل عن هذه الحقوق".

ويحذر مراقبون من صعوبة تجاوز هذه المرحلة من الصراع والتنافس لتشكيل الكتلة الكبرى، وجر البلاد نحو محور طائفي جديد. وقال الخبير السياسي أنمار محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشهد العراقي الحالي لم يخرج من الصراعات والأزمات، والولاءات إلى الخارج، والتي ما زالت متحكّمة في قادة البلاد"، مؤكداً أنّ "المالكي يستند إلى إيران، التي تحتفظ بنفوذ واسع في العراق، الأمر الذي يجعل من الصعب تشكيل حكومة عراقية غير مرتبطة بجهات خارجية".

المساهمون