التدخين في الأردن... السلطات عاجزة عن مكافحة الظاهرة

التدخين في الأردن... السلطات عاجزة عن مكافحة الظاهرة

12 يوليو 2020
يكثر الشباب من تدخين النراجيل (أرتور ويداك/ Getty)
+ الخط -

حتّى اليوم، لم تنجح الحكومة الأردنية في الحدّ من آفة التدخين وآثارها الصحية والاقتصادية السلبية على المجتمع. وأكدت دراسة حكومية أجريت العام الماضي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أن الأردن بات يحتل المركز الأول عالمياً لناحية انتشار التدخين، فهناك 8 رجال من بين كل 10 أردنيين يدخنون أو يستخدمون بانتظام منتجات النيكوتين بما في ذلك السجائر الإلكترونية، ونحو 17 في المائة من النساء، ما دفع وزارة الصحة إلى إصدار قرار يحظر التدخين بكافة أشكاله، أي السجائر، والسجائر الإلكترونية، والنراجيل في الأماكن المغلقة.  
القرار الذي أصدره وزير الصحة الأردني سعد جابر جاء استناداً إلى قانون الصحة العامة رقم 47 لعام 2008، ودليل عمل تدابير السلامة والوقاية الصحية للمطاعم السياحية بكافة فئاتها الصادر عن وزارة السياحة والآثار، داعياً إلى فرض بيئة خالية من التدخين بكافة أشكاله في الأماكن المغلقة بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لأحكام قانون الصحة العامة.
وتشير الإحصائيات إلى أن 9 آلاف مواطن أردني يموتون سنوياً نتيجة الأمراض التي يسببها التدخين، فيما يبلغ مجموع الوفيات الكلي نحو 29 ألف وفاة كل عام. وبحسب الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية مؤخراً، يستهلك 82 في المائة من السكان البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة النيكوتين بطريقة ما، ويدخن 66 في المائة منهم التبغ (58,9 في المائة يومياً)، كما يدخن 16,5 في المائة السجائر الإلكترونية. وتبلغ نسبة المدخنات نحو 17 في المائة من عدد السكان. ويستهلك المواطنون يومياً ما معدله 23 سيجارة.
في هذا الإطار، يقول رئيس قسم الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة ومدير مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان الدكتور فراس الهواري، لـ"العربي الجديد"، إنه في الأردن، لا يوجد التزام جدي بتطبيق قانون الصحة العامة الذي أقره الأردن عام 2008، وجرى تعديله عام 2017. كما لا يوجد تطبيق جاد لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.

لا رقابة
يضيف الهواري: "ما من حظر للتدخين في بيئة العمل. ولدى مراجعة وزيارة غالبية المؤسسات، نجد الكثير من المدخنين بين الموظفين أو الزوار، حتى في قصر العدل. الأطباء يدخنون في المستشفيات ومجلس النواب ليس استثناء. يقول: "للأسف، فإنّ عدم وجود جدية في تطبيق القانون يساهم في انتشار التدخين، إضافة إلى قيام بعض المتاجر ببيع السجائر للأطفال والمراهقين من دون أية رقابة"، لافتاً إلى أن كثيرين يتناولون النرجيلة داخل المقاهي، حتى أولئك الذين لم يتجاوزوا الثامنة عشرة من العمر، علماً أن القانون يمنع بيع النراجيل. ويلفت الهواري إلى أنّ دراسات عالمية عدة أثبتت أن الرهان على التثقيف والتوعية فاشل لخفض نسبة المدخنين، وهذا ما ثبت في الأردن. كل حملات التوعية لم تمنع ارتفاع نسبة المدخنين، ومنذ 30 عاماً والحملات التوعوية والتثقيفية مستمرة ونسبة التدخين إلى ارتفاع. ويرى أنّ "هذه المكانة لا تليق بالأردن، ونحن لسنا بسباق إلى كأس العالم. هذه النسبة من المدخنين غير مقبولة".

هناك مساعٍ لزيادة العيادات التي تساعد في الإقلاع عن التدخين


وحول كلفة التدخين، يشير الهواري إلى أن التدخين يورد للدولة الأردنية سنوياً 900 مليون دينار (نحو  1.2 مليار دولار). لكن كلفة علاج المرضى بسبب التدخين هي مليار و600 مليون دينار (نحو 2.2 مليار دولار)، أي بخسارة تقدر بـ700 مليون دينار (نحو مليار دولار). وحول تقديم النرجيلة في المقاهي في زمن كورونا، يقول إن الحكومة منعت الأطفال والمراهقين من التجمع في المدارس. لكن اليوم، يدخنون النراجيل في المقاهي على الرغم من الفيروس ثم يعودون إلى بيوتهم حيث أهلهم. يضيف أن البلدان التي خففت من القيود المفروضة نتيجة كورونا لم تسمح بعودة النراجيل التي قد تشكل خطراً، عدا عن كونها ضارة صحياً. ويرى أن التدخين أخطر من فيروس كورونا، "ومن يرفض التصديق فليزُر مركز الحسين للسرطان حتى يقتنع". ويسأل: "إذا كان يسمح للمراهقين بدخول المقاهي والحصول على النرجيلة في مقابل مبلغ مالي بسيط، فكيف يمكن الحد من التدخين في البلاد؟".

عيادات
من جهتها، تقول مديرة التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة الأردنية عبير موسوس لـ"العربي الجديد"، إن تصنيف الأول بالعالم غير رسمي وغير دقيق، ولا يمكن تأكيد هذه المرتبة إلا بالحصول على معلومات دقيقة من كل دول العالم. أما بالنسبة لارتفاع نسبة المدخنين، فتشير إلى وجود ارتفاع في كل دول العالم، لافتة إلى أن التصنيف اعتمد على تقديرات وفرضيات. وتوضح أنه "حتى الآن، لم يصدر تصنيف بشكل رسمي عن منظمة الصحة العالمية"، مشيرة إلى وجود دراسة محلية أجريت بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والأرقام المنشورة واقعية لكن الدراسة لم تصدر بشكل رسمي حتى الآن.

وحول الخطوة المقبلة لمواجهة انتشار ظاهرة التدخين في الأردن، تقول موسوس: "هناك مساعٍ لزيادة العيادات التي تساعد في الإقلاع عن التدخين، على أن تتوفر في كل المراكز الصحية في البلاد، وبدعم من منظمة الصحة العالمية"، مشيرة إلى وجود خمس عيادات في المملكة حالياً: اثنتان في عمان وعيادة في أربد وأخرى في الزرقاء والخامسة في الكرك، موضحة أن "هذه العيادات تقدم خدمة المشورة والإقلاع والعلاج". وتلفت إلى أن هناك خطة أيضاً للعمل مع الأطفال في الفئة العمرية من 13 إلى 15 عاماً، من أجل رفع الوعي لديهم بالتعاون مع أهلهم. وحول الرقابة على المقاهي والالتزام بالشروط الصحية لمواجهة كورونا، توضح أن لجنة مكونة من مختلف المؤسسات تتولى الرقابة على هذه المقاهي، وهناك مخالفات في هذا المجال. 
بشكل عام، تعد نسبة التدخين مرتفعة في البلاد، ومن مختلف الفئات العمرية خصوصاً المراهقين والشباب الذين يقبلون على السجائر بشكل عام والنرجيلة بشكل خاص لرواجها في الوسط العائلي. ويعاقب القانون الأردني بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن 3 أشهر، أو بغرامة لا تقل عن مائة دينار ( 140 دولارا) ولا تزيد عن مائتي دينار (280 دولارا) كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في الأماكن العامة المحظور التدخين فيها، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ستة أشهر، أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار (1400 دولار) ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار (4200 دولار) لسماح المسؤول عن المكان العام المحظور التدخين فيه لأي شخص بتدخين أي من منتجات التبغ في المكان وعدم الاعلان عن منع التدخين في المكان العام، وبيع السجائر بالمفرد ولمن هم في الثامنة عشرة، وتوزيع مقلدات منتجات التبغ أو بيعها.

المساهمون