اختتمت قطر والولايات المتحدة الأميركية الحوار الاستراتيجي الثالث، الذي عقد في العاصمة واشنطن، إذ عبّر الطرفان، في بيان مشترك بينهما، عن قلقهما من انعكاسات الأزمة الخليجية المستمرة، منذ يونيو/ حزيران 2017، كما أكد الحوار، الذي عقد يومي 14 و15 سبتمبر/ أيلول الجاري، دعم البلدين لوحدة مجلس التعاون الخليجي.
واستعرض البلدان التقدم الذي تحقق منذ اختتام الدورة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي التي عقدت في الدوحة في يناير/كانون الثاني 2019، وأشار الجانبان إلى "قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، وإلى الفرص المتاحة لتعزيز التعاون لمصلحة البلدين والاستمرار في تنفيذ الاتفاقيات والترتيبات التي تم التوصل إليها سابقاً".
وبحسب الوثيقة، فقد "ناقش الطرفان الفرص المتاحة لتعزيز علاقاتهما الثنائية الوطيدة"، ودلل على ذلك بالزيارات المتبادلة بين البلدين، وأبرزها زيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى الولايات المتحدة، في يوليو/ تموز 2019، للاجتماع بالرئيس دونالد ترامب، وكذلك زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، إلى قطر في عام 2020، فضلًا عن الوفد الأميركي الكبير الذي حضر منتدى الدوحة في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وبحسب الوثيقة، فقد "تناولت دورة 2020 من الحوار الاستراتيجي القضايا الإقليمية والعالمية استناداً إلى التعاون الثنائي بين الجانبين في مجالات الصحة والمساعدات الإنسانية والتنمية الدولية والعمل وتطبيق القانون ومحاربة الإرهاب والتجارة والثقافة والتعليم".
ووقعت الولايات المتحدة وقطر على مذكرة تفاهم حول التعليم والثقافة والرياضة، إلى جانب التوقيع على إعلان نوايا يحدد عام 2021 ليكون العام الثقافي الأميركي القطري، بالإضافة إلى إعلان نوايا لاستضافة دولة قطر منتدى للاستثمار في الولايات المتحدة في عام 2021. ويخطط الطرفان للتوقيع على مذكرة تفاهم حول التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية، في أواخر شهر سبتمبر/ أيلول الحالي.
وفي القضايا الإقليمية والدولية، عبرت الحكومتان عن قلقهما "حيال التأثيرات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الضارة للأزمة الخليجية على المنطقة"، وأكدتا "موقفهما الثابت من ضرورة أن يكون مجلس التعاون الخليجي قوياً ومتحداً وأن يركز على تحقيق مستقبل آمن ومزدهر للجميع في المنطقة بما في ذلك مواجهة التهديدات الإقليمية".
وأعربت دولة قطر عن "امتنانها للولايات المتحدة لدعمها للوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية المستمر من منطلق احترام سيادة واستقلال دولة قطر".
وناقش الجانبان "الحاجة إلى استخدام الوسائل الدبلوماسية لمعالجة التوترات الحالية في الشرق الأدنى وشرق المتوسط وأهمية الحوار والدبلوماسية لتخفيف التوتر".
وناقشت الحكومتان القضايا ذات العلاقة بالأمن الإقليمي بما في ذلك جهودهما المشتركة لهزيمة "داعش" الإرهابي وبناء السلام ووضع نهاية للصراع في ليبيا وسورية واليمن، والتطورات السياسية في العراق، وإمكانيات التوصل إلى حل عن طريق التفاوض للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بناء على رؤية الولايات المتحدة وقطر للسلام.
وأقرّت الولايات المتحدة أيضاً بالقيادة والوساطة القطرية النشطة لتعزيز السلام والمصالحة بين جميع الفرقاء في الصومال والسودان.
كما شاركت واشنطن قطر "في قلقها من الوضع الإنساني في قطاع غزة وبضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فيه".
وشكرت الولايات المتحدة قطر على دورها الأساسي في النجاح في جلب ممثلي "طالبان" الأفغانية إلى طاولة المفاوضات، وعلى استضافتها لحفل التوقيع على الاتفاقية التاريخية بين الولايات المتحدة و"طالبان"، في فبراير/ شباط 2020، والبدء في مفاوضات السلام في أفغانستان في سبتمبر/ أيلول 2020.
وأشادت الولايات المتحدة بـ"جهود قطر الإنسانية السخية الثنائية ومتعددة الأطراف، من خلال وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك تعهدها بتقديم مساعدات بقيمة 500 مليون دولار أميركي، بما في ذلك 8 ملايين دولار أميركي سنويا من سنة 2019 إلى 2023 للمساهمة بدعم المهجرين قسرا ومساعدة اللاجئين، بمن في ذلك ملايين النساء والأطفال المعرضين للخطر".
وناقش "صندوق قطر للتنمية" و"الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، سبل التعاون في مجالات التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية، وأقرتا بالتزامهما المشترك بالتعاون الدولي، على أن يتم التوقيع على مذكرة تفاهم في أواخر شهر سبتمبر الحالي تهدف إلى وضع إطار عمل لتعزيز وتوسيع علاقة التعاون القائمة.
وفي التعاون الصحي، اتفق البلدان على مضاعفة التزاماتهما الثنائية والدولية لمنع، والكشف عن، والاستجابة للأمراض المعدية التي تشكل تهديداً عالمياً لا يعرف الحدود.
وأشارت قطر إلى تعهدها بدفع مبلغ 88 مليون دولار أميركي لدعم الاستجابة لجائحة "كوفيد-19" لأكثر من 80 دولة على نطاق العالم.
وفي قضايا العمال والشراكات ذات الصلة، أقر الجانبان بالتقدم الذي تحقق أخيراً في قطر والالتزامات التي قطعتها على نفسها لمكافحة الاتجار بالبشر وتعزيز حقوق العمال.
وفي إطار مذكرة التفاهم الأميركية القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر التي تم التوقيع عليها في 2018 ومذكرة التفاهم الأميركية القطرية للحوار الاستراتيجي التي تم التوقيع عليها في 2019، نفذت كل من قطر والولايات المتحدة مبادرات مشتركة لبناء القدرات ورفع مستوى الوعي وتعزيز حقوق العمال.
وفي شراكات إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب، أعربت دولة قطر عن تقديرها لمساهمات الولايات المتحدة الأميركية في الشراكة الأمنية الثنائية، بما في ذلك مجالات التعاون في إنفاذ القانون، والاستعدادات الأمنية لكأس العالم قطر 2022 وأمن الطيران والتأشيرات، ومكافحة التهريب النووي والتطرف العنيف، ومكافحة الإرهاب ومكافحة تمويله.
وأعربت الولايات المتحدة عن شكرها لدولة قطر على جهودها المتواصلة لمكافحة الإرهاب ومكافحة تمويله، ومنع التطرف العنيف بجميع أشكاله، ويعتزم الجانبان تعزيز شراكتهما الأمنية للقضاء على الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف.
كما رحبت الولايات المتحدة الأميركية بالتزام دولة قطر بتقديم 75 مليون دولار أميركي على مدى خمس سنوات لعمل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك جهودها لمساعدة الدول الأعضاء على استخدام المعلومات المسبقة عن المسافرين وبيانات أسمائهم وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2178 و2396 و2482. كما جددت قطر التزامها تجاه الأمم المتحدة بما في ذلك تلك المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب وتبادل المعلومات حول الإرهاب.
وبينما تستعد قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، ستواصل الولايات المتحدة تعاونها الوثيق مع نظرائها القطريين لدعم بطولة آمنة وناجحة.
وفي التعاون التجاري، ركز الجانبان على الزيادة الملحوظة في التبادلات التجارية الثنائية التي نمت بينهما بنسبة 30.7% بين عامي 2018 و2019. كما ازدادت أيضا صادرات الولايات المتحدة إلى قطر بنسبة 39% خلال نفس الفترة لتشكل 21% من قيمة جميع واردات قطر خلال عام 2019، وتبقى الولايات المتحدة أكبر مستثمر عالمي مباشر وأكبر شريك تجاري لقطر.
وفي التعاون العسكري، أكدت الحكومتان على التزامهما بالإعلان المشترك حول التعاون الأمني لتعزيز السلام والأمن ومكافحة الإرهاب الذي تم توقيعه بين الجانبين في الحوار الاستراتيجي الأول في يناير/ كانون الثاني 2018.
وأوضح الوفد الأميركي خططاًً لتوسعة قاعدة العُديد الجوية ورحب بدعم دولة قطر في توسعة المرافق الحيوية في القاعدة. كما التزم الجانبان باستمرار المشاورات حول إمكانية وجود دائم للقاعدة العسكرية الأميركية في قطر. وتشمل خطط التوسعة مواءمة إجراءات التشغيل مع معايير "الناتو"، والذي بدوره سيزيد من الطاقة التشغيلية للولايات المتحدة وقوات التحالف المقيمة في قطر.
وناقش الجانبان برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية بقيمة 26 مليار دولار أميركي، الذي يعكس متانة الشراكة والتعاون العسكري بين دولة قطر والولايات المتحدة، و"أكد الجانبان على شراكتهما الأمنية الثنائية القوية والدائمة".