البوسنة من ويلات الحرب إلى جنة على الأرض

البوسنة من ويلات الحرب إلى جنة على الأرض

لميس عاصي

avata
لميس عاصي
29 سبتمبر 2018
+ الخط -
قبل 25 عاماً، كانت شوارع البوسنة مسرحاً للاقتتال. أصداء الحرب وصلت إلى كافة بقاع الأرض، وشكلت مادة دسمة في عناوين الأخبار السياسية اليومية. ولكن مع انتهاء الحرب، خلعت القرى والمدن ثوب الدمار، وفتحت ذراعيها لاستقبال الزوار.

في شوارع العاصمة سارييفو، الابتسامة لا تفارق وجوه السكان. تلقب بالجنة على الأرض، فالسائح يتوه في تنوع المعالم الطبيعية، وهي بحسب وصف السياح  بلاد الأنهار والشلالات.

أما زيارة "سكاكافكس" أعلى شلال في البلاد، فتقودك نحو عالم مليء بالمفاجآت الطبيعية. الوصول إلى الشلال، يتطلب المشي نحو ساعة تقريباً في الأدغال الطبيعية.

وتنتقل بعدها إلى نهر فرلو بوسني، حيث تشعر بسعادة من شدة جمال  المناظر الطبيعية. 

روح العاصمة

لكل عاصمة روحها، ورائحتها المميزة. في سراييفو تفوح روائح الأزهار والياسمين التي تغطي جدران المنازل. يعتبر حي "باشجارشيا" أشهر معالم العاصمة الأثرية والسياحية. في هذا الحي، ترى تفاصيل مدينة إسطنبول، اللمسات العثمانية موجودة في أبنيته ومساجده.

زيارة مسجد "الغازي خسرو بك" تعيدك إلى القرن 16، جدرانه، قبته، وأحواض الماء المنتشرة في أرجائه تشعر السائح بالسَكينة.

في المدينة القديمة أيضاً يمكن ملاحظة تعانق الكنائس مع المساجد في لوحة منسجمة من التعايش والسلام. ولا تفوتوا فرصة زيارة المتحف البوسني، الذي يحتضن قصصاً كثيرة من التاريخ البوسني، وعادات السكان المحليين.

الماء والطبيعة


 
في مدينة "يايستا" لابد من زيارة النهر الأخضر الصافي "بليفا"، وشلالات "مارتن بورد" و"شترباتشكي بوك"، والتي تعتبر بحسب خبراء السياحة من أجمل شلالات أوروبا.

هناك، يقضي السائح يوماً كاملاً إما في ممارسة الرياضات المائية كالسباحة، إما القيام برحلة في قارب مطاطي. تتميز هذه المدينة بطابعها البدائي القروي، فأهلها يديرون المطاعم والمقاهي هناك، العائلة كلها تعمل في إعداد الطعام وتقديمه للزبائن.

الجو العائلي يطغى على القرية، وهو ما يحتاجه السائح في بلد يزوره للمرة الأولى. كما تحتوي المدينة أيضاً على قلعة يايستا التي يعود بناؤها إلى القرن الثالث عشر، وتضم عدداً من البوابات والأبراج الصخرية. ولا تكتمل زيارة يايستا إلا بزيارة الطواحين المائية الواقعة على ضفاف نهر بليفا والتي تعود إلى قرون ماضية.

سياحة علاجية

في مدينة "فوينيتسا" حيث الينابيع الكبريتية، تنتشر مراكز الاستشفاء الطبيعية والمنتجعات الصحية. عادة يقوم السائح بحجز موعد مسبق للاستمتاع بالعلاج الطبيعي. كما تنتشر أيضاً حمامات الجاكوزي، والسونا والبخار، فلا تفوتوا الفرصة، لتنعموا بساعات من الراحة.

إلى جانب السياحة العلاجية، تتميز المدينة بكثرة معالمها الطبيعية، يقصد السائح بحيرة "بروكشكو" حيث تنتشر الأكواخ الخشبية، يمكن استئجارها وقضاء ليلة ريفية. ففي الليل، تقام العديد من الحفلات الغنائية والعروض الفنية، ومهرجانات خاصة للأطعمة والمأكولات.

لابد للسائح أن يضع في برنامجه زيارة "كهف بيامباري" والذي تم وضعه على لائحة التراث العالمي، وهو من أكبر كهوف أوروبا، وإذا حالفكم الحظ يمكنكم رؤية حيوان "السلمندر" الملون الذي يعيش في هذا الكهف وربما يصل عمره إلى مئة عام.

العودة إلى الوراء



العودة إلى بداية الحرب العالمية الأولى، ستكون هنا في ساراييفو، وتحديداً من على الجسر اللاتيني، حيث تمت عملية اغتيال الأرشيدوق فرانز فريدناند، ولي عهد النمسا، على يد شاب بوسني. ولتخليد الذكرى، تم وضع لوحة جدارية تشير إلى الحادثة، وهو مكان جدير بزيارته.

وللتعرف أكثر على تقاليد السكان، عليكم زيارة حي باسكارسيبا الذي يعود تاريخ تشييده إلى القرن 15. تنتشر المقاهي والمطاعم الصغيرة التي تقدم الأطعمة البوسنية التقليدية، كالكباب البوسني، ولحم الخروف المشوي على الفحم.

كما يحتوي الحي أيضاً على ميدان كبير يُعرف بميدان الحمائم، حيث يجلس كبار السن هناك، يروون قصص الماضي القريب. وتقام في المدينة القديمة، الكثير من المهرجانات والمسرحيات الغنائية.

التكاليف المادية

من منا لا يحب التجول حول العالم، وزيارة كافة العواصم والمدن؟ إلا أن التكاليف المادية عادة ما تقف حاجزاً في وجه السائح، ولذا فهناك وجهات سياحية رخيصة نسبياً، وهناك وجهات أغلى ثمناً. في البوسنة، لا تحتاج إلى مبالغ طائلة للاستمتاع والترفيه، باستثناء تذكرة السفر، والتي يختلف سعرها من بلد الانطلاق.

أما تكاليف الإقامة والانتقال فهي بمتناول السائح. البداية من الفنادق، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الفنادق ذات ثلاثة نجوم وأربعة نجوم متشابهة من حيث الجودة، إلا أن المعيار الوحيد الذي يميزها مدى قربها من المعالم التاريخية.

الأسعار تبدأ من 40 دولاراً. أما في المنتجعات السياحية والفنادق المصنفة ذات خمس نجوم، فهي تبدأ من 70 دولاراً وترتفع إلى نحو 200 دولار.

أما بالنسبة إلى تكاليف الطعام، وبحسب سياح زاروا مؤخراً البوسنة، فإن أسعار الوجبات تتراوح ما بين 10 و20 دولاراً، إلا أن تكاليف تناول السندويشات أو الأطعمة الشعبية في المناطق القديمة والأسواق، فهي لا تتعدى 5 دولارات كأقصى حد.

وعن المواصلات، فهناك عدة خيارات، إما الاستعانة بسائق خاص، وهو ما ننصح به في حال كنتم مجموعة تصل إلى 8 أشخاص، إذ يمكن تقاسم الأجرة، والتنزه بحرية، إما استخدام وسائل النقل العامة المتاحة، أو سيارات الأجرة.

تتميز البوسنة بأسواقها التقليدية، ووجود الكثير من العلامات التجارية المحلية والعالمية، لذا فإن السفر إلى البوسنة يعني التسوق وشراء الهدايا التذكارية والتي تبدأ من 5 دولارات، ولا تتعدى 20 دولاراً.

*مصدر الصور: Getty

ذات صلة

الصورة
تشاد (مهند بلال/ فرانس برس)

مجتمع

فرّ مئات الآلاف من السودانيين من الحرب في بلادهم إلى تشاد، ووجدوا الأمان في أكواخ هشّة في مناطق صحراوية، لكنّهم باتوا أمام تحدٍّ لا يقلّ صعوبة وهو إيجاد الرعاية الطبية والأدوية للبقاء على قيد الحياة.
الصورة
نقل رفات من ضحايا مذبحة سربرنيتسا في سراييفو 1 (أسوشييتد برس)

مجتمع

اصطف مئات الأشخاص في الشارع الرئيسي بالعاصمة البوسنية، اليوم الأحد، في حين مرّت شاحنة محمّلة بـ30 تابوتاً في طريقها إلى سربرنيتسا لدفن ضحايا حُدّدت هوياتهم أخيراً.
الصورة
الفلسطيني توفيق الجوجو

منوعات

لا تزال فكرة مُرافقة السُياح والوفود الأجنبية وتعريفهم على بحر غزة عالقةً في ذهن السبعيني الفلسطيني توفيق الجوجو من مُخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، غربي مدينة غزة، فطبّقها على قوارب صغيرة، مُجسمة يدوياً باستخدام أدوات بدائية بسيطة.
الصورة
فنادق غزة فارغة العربي الجديد

اقتصاد

تسبب تقييد حركة تنقل السياح الوافدين عبر المعابر الحدودية باتجاه غزة، بتراجع عمل القطاع السياحي بشكل عام، والقطاع الفُندقي على وجه التحديد، والذي يعتمد بشكل أساسي على السياحة الخارجية، بالتزامن مع صعوبة الأوضاع الاقتصادية داخلياً.

المساهمون