البورصات العربية... إلى الأمام

البورصات العربية... إلى الأمام

29 أكتوبر 2014
نمو في البورصات العربية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
استطاعت بعض البورصات العربية تحقيق ‏مكاسب خلال العام الجاري فاق بعضها المكاسب الأوروبية أو الأمريكية أو حتى الآسيوية. البورصات الخليجية تحديداً استفادت ‏من مكاسب النفط حتى الآن مع خروج شركات كبرى عدة من شبح الأزمة المالية العالمية التي طالتها منذ عام 2008. وتمكنت ‏مؤشرات الأسواق من تحقيق مستويات عادت بها إلى تلك المسجلة في عام 2008 بل زادت عليها بعض النقاط.
فعلى سبيل المثال حققت ‏البورصة السعودية (الأكبر عربياً من حيث القيمة الرأسمالية) مكاسب بأكثر من 60%، عندما بلغ مؤشرها القمة منذ بداية العام. قبل ‏أن تستقر بعد عمليات تصحيحية جماعية خليجية، باستثناء البورصة الكويتية، خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي عند مكاسب قاربت 27%، ‏لتحقق بذلك المركز الثالث.
كما حققت بورصتا الإمارات بدورهما مكاسب كبيرة، تجاوزت 60% لبورصة دبي و23% لبورصة أبوظبي ‏في بداية العام لتشهد أعلى قمة للمؤشرات قبل أن تقفد بدورها بعض تلك المكاسب خلال الشهر الماضي. ورغم ذلك فإن ‏بورصة دبي تمسكت بالمركز الأول خليجياً بارتفاع تجاوز 50% حتى الربع الثالث من هذا العام. وحلت بالمرتبة الثانية البورصة ‏القطرية بنسبة ارتفاع تجاوزت 32% والذي يعتبر أعلى مستوى لمؤشرها بين بورصات الخليج متجاوزة حاجز 13750 نقطة... ‏
فيما كان حضور البورصة الكويتية خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين لافتاً للانتباه حيث كانت البورصة الأكثر ارتفاعاً بين ‏بورصات الخليج خلال سبتمبر الماضي بنسبة 2.7% إلا أنها سجلت أسهمها من حيث القيمة الرأسمالية أفضل أداء ما بين أدنى ‏مستويات سعرية بلغتها وإقفال الربع الثالث بأكثر من 55% ارتفاعاً.‏
وقد حمل العام الحالي أخباراً إيجابية لبعض البورصات الخليجية وتحديداً بورصتي قطر ودبي حيث تم إدخالهما بمؤشر "مورغان ستانلي ‏كابيتال إنترناشيونال" (‏MSCI‏) للأسواق الناشئة بعد أن حققت متطلبات تلك الأسواق، على رغم حداثتهما مقارنة مع البورصات ‏الأخرى مثل الكويت الأقدم خليجياً أو البحرين أو حتى السوق السعودية.
وانطلقت شرارة الارتفاعات الكبيرة خلال بداية النصف الثاني من هذا العام بقيادة الشركات التي تم إضافتها لمؤشر ‏‏(‏MSCI‏) لتكون قاعدة استثمارية ذات طبيعة مضاربية نشطة.
كما يمكن القول إن الاهتمام الحكومي لبعض تلك الدول في الصرف ‏في البنية التحتية أدى لدعم الشركات المتعثرة سابقاً وإعادة الثقة بها. وبطبيعة الحال فقد سجلت الشركات الخليجية مكاسب فاقت 36 ‏مليار دولار خلال النصف الأول من هذا العام .
وبانتظار الإعلان عن بيانات الربع الثالث خلال الشهر الجاري مع توقعات الكثير من ‏المحللين والمراقبين عن أداء لن يقل عن الربع السابق بل يرى هؤلاء المراقبون أنه سيتجاوز إجمالي الأرباح حاجز 75 مليار دولار مع ‏نهاية السنة الحالية.‏
ومع عودة الاستقرار السياسي بمصر وبعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، سجلت البورصة المصرية تدرجاً بمؤشر ‏CASE30‎‏ ‏بالارتفاع ولأكثر من 13.5%، لتطوي بذلك مراحل من التذبذب الحاد بسبب أحداث متلاحقة ذات أثر مباشر على الإقتصاد المصري الذي ‏يعاني من التضخم والعجز في موازنة متخمة بالديون. إلا أن الكثير من المشاريع التي قد دخلت حيز التنفيذ سيكون لها الأثر الإيجابي ‏على الإقتصاد المصري وأهمها مشروع قناة السويس إضافة لسلسة إجراءات حكومية ذات طابع إقتصادي...
أما الأسواق العربية الأخرى فهي ما زالت تعاني من الاضطرابات في بلدانها كبورصة العراق وفلسطين ولبنان ‏واليمن وتونس، فهي لم تستقر سياسياً أو أمنياً. وبشكل عام تبقى البورصات العربية تعاني ‏من عدم وجود الدعم الحقيقي عن طريق الاهتمام بالقطاع الخاص والإعتماد عليه في مشاريع البنى التحتية نظراً للصرف ‏الكبير من قبل الحكومات العربية على التسليح أو معاناتها من الفساد المالي أو الإداري الذي أوجد خللاً في التركيبة الإقتصادية ‏للإستفادة من الموارد الذاتية.‏
وقد أدى تراجع سعر النفط أخيراً إلى إرتفاع سعر الصرف للدولار مما أدى إلى تقليص خسائر ميزانيات بعض الدول النفطية. ما ينذر بمخاوف تنعكس على أداء البورصات ليتجه المضاربون في الغالب إلى أدوات أقل خطورة في الوقت الحالي أو خلال القادم من ‏الأيام، نظراً لتقلص الفوائض النفطية والتي تعتمد عليها تلك الدول النفطية بتمويل مشاريع البنى التحتية أو حتى المشاريع ذات البُعد ‏الاستراتيجي.
وهذا بطبيعة الحال سينعكس على أسواق الخليج تحديداً مع وجود أدوات أكثر جاذبية ومزدهرة مثل السندات والصكوك التي سجلت حضوراً متميزاً خلال الأعوام الأخيرة. كما أن بعض الموازنات الخليجية قد سجلت ‏حالة من المخاوف لبلوغ المستويات الحالية لسعر برميل النفط أسعاراً أقل من سعر التعادل والمسجل بتلك الموازنات.‏

**كاتب ومحلل مالي كويتي

المساهمون