ودّع المنتخب الجزائري، بطولة كأس العالم 2014 التي تُقام في ملاعب كرة القدم البرازيلية، مرفوع الرأس بعد خسارته أمام نظيره الألماني بهدفين مقابل هدف، ليكتب بذلك نهاية قصة جميلة استمتع بها أكثر من (338) مليون عربي، ورغم خروج ممثل العرب الوحيد في المونديال، إلا أنّ البصمة العربية ما زالت تفرض تواجدها بقوة في البطولة، من خلال لاعبين عرب فضلوا تمثيل منتخبات أخرى أكثر شهرة وقوة في عالم الساحرة المستديرة.
وبعث خروج المنتخب الجزائري الحزين بحالة من الاكتئاب في الشارع الرياضي العربي، ولا سيّما أن سقوط منتخب "محاربي الصحراء" جاء مفاجئاً للجميع بعد أن أثبت للعالم بأسره بأنه خير ممثل لكرة القدم العربية، حين قدم أداء كبيراً في مشاركته الثانية على التوالي والرابعة في تاريخه بعد 1982 و1986 و2010.
وبعد أن رفع منتخب بلد المليون ونصف المليون شهيد راية العرب بوفاء وإخلاص حتى الدور الـ16 من العرس الكروي الأكبر في العالم؛ لم يبقَ للعرب أي حضور آخر يفتخرون به بعد الآن في المونديال البرازيلي، سوى مجموعة من النجوم من أصحاب الأصول العربية، والذين يُدافعون عن ألوان منتخبات يحملون جنسيتها، مُعوضين بالتالي ضعف مشاركة المنتخبات العربية في مونديال البرازيل.
واختار اللاعبون الذين ينحدرون من جذور عربية الدفاع عن ألوان منتخبات أخرى؛ في ظل معاناة المنتخبات العربية من ندرة المشاركة في بطولات كأس العالم فالغالبية العظمى منها لم تتمكن من المشاركة على الإطلاق في أي من العشرين نسخة بما فيها هذه البطولة، في حين شارك بعضها مرة واحدة فقط على سبيل الفخر ولم يستطع تكرارها مجدداً، وأكثر المحظوظين استطاعوا أن يشاركوا في بطولات تعد على أصابع اليد الواحدة.
ولم يكتفِ هؤلاء اللاعبون بالمشاركة الشرفية فحسب، بل لعبوا أيضاً دوراً حاسماً في وصول منتخباتهم إلى الدور ربع النهائي من البطولة، حيث استفادت المنتخبات الأوروبية من المواهب العربية بدرجة كبيرة في النسخة الحالية من بطولة كأس العالم التي تُقام في الملاعب البرازيلية.
بن زيمة يخطف الأضواء
وخطف نجم المنتخب الفرنسي وصاحب الأصول الجزائرية، كريم بن زيمة، الأضواء في ملاعب كرة القدم البرازيلية، بعد أن فرض اسمه بقوة خلال هذا المونديال، وقاد منتخب "الديوك" للصعود للدور ربع النهائي بعد أن سجّل ثلاثة أهداف حتى الآن جميعها في الدور الأول.
ورغم أصول "بن زيمة" الجزائرية، فإنه كمهاجم نادي ريال مدريد الإسباني، قد فضّل تمثيل فرنسا دولياً كحال غيره من مواطنيه، أمثال الأسطورة المعتزل زين الدين زيدان، وزميله غير المستدعى إلى بطولة كأس العالم، سمير نصري، نجم نادي مانشستر سيتي الإنجليزي الحالي.
وتألق "بن زيمة" بشكل لافت في هذا المونديال ليُعيد للأذهان ذكريات تألق أسطورة كرة القدم الفرنسية، الجزائري الأصل زين الدين زيدان، الذي قاد المنتخب الفرنسي للفوز بلقب كأس العالم 1998، بعد أن سجّل هدفين برأسيتين متقنتين في المباراة النهائية أمام البرازيل ليتحول آنذاك إلى بطل شعبي في عاصمة الأنوار.
ويُعول الشعب الفرنسي كثيراً على اللاعب الجزائري الأصل في مباراة اليوم التي ستجمع منتخب "الديوك" بنظيره الألماني على استاد "ماراكانا" الشهير في الدور ربع النهائي من البطولة، في قمة لا تقبل القسمة على اثنين.
خضيرة "متوهج" رغم الإصابة
أما المنتخب الألماني، فيعتمد هو الآخر على متوسط ميدانه صاحب الأصول التونسية، سامي خضيرة، الذي اضطلع بدور هام في وصول "الناسيونال مانشافت" إلى الدور ربع النهائي من البطولة، وذلك رغم الإصابة المؤلمة التي تعرض لها قبيل بطولة كأس العالم على مستوى الرباط الصليبي.
وبات "خضيرة" المولود في مدينة شتوتجارت لأب تونسي وأم ألمانية، من رموز التشكيلة الألمانية المتعددة الثقافات على عكس التشكيلات التاريخية التي كانت تضم لاعبين فقط من جذور ألمانية.
وسبق له أن أطلق تصريحاً لموقع "سي.أن.أن" الأميركي قال فيه: "لم تتأهل تونس إلى كأس العالم لذلك أنا ممثلهم الوحيد هنا، بإمكاني إسعاد دولتين. لكن عائلتي في تونس تدرك أن سامي ألماني ويريد الفوز في كأس العالم مع ألمانيا".
مغربي الأصل .. يُحطم قلوب العرب في المونديال
لم يكن عشاق كرة القدم العرب يعلمون أنّ آمالهم المعقودة على المنتخب الجزائري في بطولة كأس العالم 2014 في البرازيل، ستتعقد في بداية مشوارهم على يد لاعب ينحدر ألى جذور عربية، لكن هذا قد حدث خلال مباراة منتخب "محاربي الصحراء" الأولى، فقد قاد البلجيكي صاحب الأصول المغربية، مروان فيلايني، منتخب بلجيكا للفوز على نظيره الجزائري.
وأحرز اللاعب صاحب الأصول المغربية "هدفاً" في مباراة منتخب بلاده البلجيكي، ليقوده لتحويل تأخره بهدف إلى فوز بهدفين على المنتخب الجزائري، ممثل العرب الوحيد، في المباراة التي أقيمت على ملعب "جوفيرنادور ماجاليس" في افتتاح مباريات المجموعة الثامنة من بطولة كأس العالم 2014.
ويملك نجم المنتخب البلجيكي قصة مع كرة القدم تبدو عصية على التصديق من فرط غرابتها، فاللاعب الذي اشتراه نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي في الساعات الأخيرة من الانتقالات الصيفية في الموسم الماضي (2013/2014) بمبلغ قدر بـ27.5 مليون جنيه إسترليني لعب لمنتخب بلجيكا بالصدفة، بعدما تم رفضه في المنتخبين المغربي والجزائري.
وبحسب تقارير مغربية، فإنّ "فيلايني" قد عرض نفسه على الاتحاد المغربي لكرة القدم قبل سنوات، إلا أن فتحي جمال –المدير الفني السابق للمنتخب المغربي للشباب- لم يُقنعه أداء فيلايني آنذاك، وطلب منه الرحيل.
وأصيب اللاعب "آنذاك" بخيبة أمل كبيرة لدرجة أنه كان ينتظر أيضاً استدعاء من محمد روراوة، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، من أجل الانضمام إلى "الخضر" على غرار سفير تايدر الذي ينحدر هو أيضاً من أم جزائرية وأب تونسي، لكن ذلك لم يحدث، ومن المفارقات أن المنتخب الجزائري قد دفع ثمن خطأ المسؤولين حين ساهم فيلايني في فوز منتخبه بلجيكا بهدفين مقابل هدف.
وليس ببعيد عن فيلايني، فإن المنتخب البلجيكي يضم في صفوفه لاعباً من أصول مغربية، وهو ناصر الشاذلي، المولود في عام 1989 بمدينة لوتيش البلجيكية ويحمل جنسية البلدين.
ورغم أنّ "الشاذلي" قد دافع عن ألوان المنتخب المغربي الأول لكرة القدم في مباراة ودية، واستطاع إحراز هدف المغرب الوحيد في المباراة أمام أيرلندا الشمالية التي انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1، واختير رجل المباراة، إلا أنّه قد قرر اللعب لصالح منتخب بلجيكا.
وأثار قرار اختيار "الشاذلي" للعب ضمن صفوف المنتخب المغربي جدلاً كبيراً في الشارع الرياضي البلجيكي، لدرجة أن وسائل الإعلام البلجيكية انتقدت مدرب منتخب المغرب إيريك غيريتس ووصفته بـ (الخائن)، بعد ضمه الشاذلي لتشكيلة المغرب الذي كان "غيريتس" يُشرف على تدريبه، لكن اللاعب المغربي الأصل قد حسم موقفه فيما بعد، وقرّر رسمياً اللعب لمنتخب بلجيكا بعد طول انتظار.
ولن تكون مهمة كل من "فيلايني" و "الشاذلي" سهلة في الدور ربع النهائي، إذ سيتعين على كلا اللاعبين، قيادة منتخب "الشياطين الحمر" للفوز على المنتخب الأرجنتيني في الدور ربع النهائي، والثأر للهزيمة التي تلقاها منتخب بلادهم أمام الأرجنتين بالذات بهدفين رائعين للأسطورة دييجو أرماندو مارادونا قبل 28 عاماً.
أكبر لاعب في المونديال .. لبناني الأصل
سطّر حارس مرمى منتخب كولومبيا البديل، فريد موندراجون، اسمه بأحرف من ذهب في بطولة كأس العالم 2014 التي تُقام حالياً في البرازيل، وذلك بعد أن أصبح اللاعب الأكبر سنا في تاريخ نهائيات كأس العالم، وذلك بفضل مشاركته في آخر 5 دقائق من مباراة منتخب بلاده أمام اليابان في الدور الأول.
ودخل موندراجون، البالغ من العمر 43 عاما و3 أيام، احتياطياً للحارس دافيد أوسبينا في الدقيقة 85، بعد تقدم بلاده على اليابان 3-1 قبل أن تنهي المباراة 4-1، ويضمن منتخب بلاده صدارة المجموعة الثالثة.
وتخطى الحارس المخضرم الكاميروني روجيه ميلا، الذي كان قد شارك وهو في عمر 42 عاما و39 يوما في مونديال الولايات المتحدة عام 1994 في المباراة ضد روسيا في 28 يونيو.
ولا يعرف الكثيرون أنّ "موندراجون" الذي شارك ضمن تشكيلة كولومبيا في نهائيات كأس العالم 1994 و1998 وهي آخر مرة تأهلت فيها بلاده قبل الوصول للبرازيل هذا العام؛ ينحدر إلى أصول عربية لبنانية.