البرلمان المصري... تقنين "التجارب السريرية" مع موافقة الاستخبارات

البرلمان المصري... تقنين "التجارب السريرية" مع موافقة الاستخبارات

13 مايو 2018
التصويت النهائي غداً الإثنين (الأناضول)
+ الخط -


اشترط مجلس النواب المصري موافقة جهاز الاستخبارات العامة لاعتماد الأبحاث الإكلينيكية، بذريعة الحفاظ على الأمن القومي، وذلك خلال جلسته التي أقرّ فيها مشروع قانون "الأبحاث الطبية الإكلينيكية" اليوم الأحد، بهدف تقنين إجراء التجارب السريرية على المواطنين، مع إرجاء التصويت النهائي إلى جلسة غدٍ الإثنين.

وقال رئيس البرلمان، علي عبد العال، في الجلسة المخصصة لإقرار مشروع قانون الأبحاث الإكلينيكية (التجارب السريرية) إن "القانون يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي، وتأخرت مصر كثيراً في إصداره"، مشيراً إلى حرص البرلمان على أخذ رأي الجهات المخاطبة بالقانون التزاماً بالدستور، علاوة على مراجعة صياغته من قبل مجلس الدولة، والاستماع لذوي الاختصاص داخل اللجنة النيابية التي أحيل إليها.

وأوضح وزير الصحة، أحمد عماد الدين، أن "المصريين لن يكونوا حقل تجارب وفق قانون الأبحاث الإكلينيكية"، باعتبار أن وزارته ستكون مسؤولة عن الإشراف والرقابة على كل التجارب التي ستتم على المبحوثين المصريين، والتي قد يجريها أستاذ جامعي أو طبيب أو صيدلي أو طبيب بيطري.

واستجاب البرلمان لاقتراح الوزير عماد الدين بشأن اختصاص رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون، بعد عرضه من وزير الصحة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به. وأكد عماد الدين أن التجارب ما قبل الإكلينيكية لا تجرى إلا على الحيوانات، ولا يمكن أو يصرح أو يسمح بإجرائها على البشر، وذلك رداً على حديث بعض النواب بأن القانون يستهدف تحويل المصريين إلى "فئران تجارب".

وتعد مصر أكثر الدول جذباً للتجارب السريرية في العالم العربي، والثانية بين بلدان أفريقيا. وتنص المادة (60) من دستور البلاد على أن "لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقاً للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية".

أحكام القانون

تستهدف أحكام القانون "وضع الأسس والمعايير والضوابط اللازمة لإجراء البحوث الطبية الإكلينيكية، وحماية المبحوثين، وتنوّع هذه البحوث ما بين وقائية وتشخيصية وعلاجية وغير علاجية، والتزامها بأحكام القوانين والمواثيق واللوائح ذات الصلة، مع الأخذ في الاعتبار معايير البحث الدولية، من دون تعريض حياة المرضى للخطر أو إجبارهم على الخضوع للتجارب السريرية".

ونصّ القانون على إنشاء مجلس أعلى للبحوث بقرار من وزير الصحة، لوضع الضوابط الخاصة بالبحث الإكلينيكي وأخلاقياته، والتفتيش على الجهات البحثية للتأكد من تطبيق معايير الممارسة الطبية الجيدة والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المبحوث، وفحص الشكاوى التي ترد من الأفراد أو الجهات ذات الصلة.

ونص كذلك على عدم جواز اقتصار إجراء البحث الطبي على مجموعة معينة من البشر، أو على الفئات المستحقة لحماية إضافية، إلا إذا كان البحث ضرورياً، ومتعلقاً بأمراض خاصة بهم، مع توافر المبررات العلمية والأخلاقية للاستعانة بهم، شرط الحصول على الموافقة المستنيرة من كل منهم أو من الممثل القانوني، وفق الضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية.

وتضمن القانون مواد عقابية، شملت السجن وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، لكل من أجرى بحثاً من دون الموافقة المستنيرة للمبحوث تصل إلى السجن المشدد وغرامة أقصاها 500 ألف جنيه، إذا ما ترتب عليه حدوث عاهات مستديمة، والسجن عشر سنوات وغرامة تصل إلى مليون جنيه في حالة الوفاة.


من صلاحيات البرلمان 

يمكن لمجلس النواب إصدار قرار مسبب بتعليق البحث الطبي لمدة لا تتجاوز السنة، أو رفض تجديده أو إنهائه مبكراً، حال عدم الالتزام ببنود المخطط البحثي "البروتوكول" أو التعديلات التي وردت عليه، أو إذا ترتبت عليه آثار جانبية أو جانبية خطيرة، أو أية أضرار لم تكن متوقعة وقت الموافقة على المخطط البحثي، مع منع الباحث الرئيس أو الجهة البحثية من إجراء بحوث طبية مستقبلية لمدة لا تجاوز عامين.

ووافق المجلس على اقتراح رئيس ائتلاف الأغلبية النيابية، محمد السويدي، بشأن اشتراط موافقة الوالدين حال إجراء بحث طبي على أي من الأطفال الطبيعيين أو من ذوي الإعاقة، إلى جانب الاشتراطات الأخرى، بدلاً من اشتراط موافقة أحدهما فقط لمزيد من الحماية لتلك الفئات. في حين اعتبر النائب أن القانون "من شأنه حماية المواطنين، والتشجيع على إجراء البحوث العلمية التي تعود بالنفع عليهم".

وأقرّ مجلس النواب حذف المادة السابعة من القانون، التي تخص الجهات المعنية، واللجان المؤسسية، والجهات البحثية، ومراكز التكافؤ الحيوي، ومنظمات البحوث الطبية التعاقدية (كل في ما يخصه) بالتسجيل والمتابعة والتفتيش الميداني على البحوث الطبية، ومناطق تطبيق أحكام القانون، بعد اعتبار رئيس البرلمان أن المادة تحتوي على شبهة عدم الدستورية، وتعارض للمصالح.

كذلك وافق البرلمان على تحصيل رسوم تراوح بين 50 و250 ألف جنيه جراء مراجعة المجلس الأعلى للأبحاث، واختصاصه بمراجعة ما تقتضيه "المصلحة الوطنية" والمستجدات العلمية الدولية، والمراجعة النهائية للمخططات البحثية، والبروتوكولات الواردة من اللجان المؤسسية المختصة، وتسجيل واعتماد موافقات هذه اللجان عليها، ومراجعة التعديلات التي ترد على هذه المخططات البحثية.


مراحل الأبحاث الطبية

قسّم القانون مراحل الأبحاث الطبية الإكلينيكية إلى 3 مراحل، الأولى تتمثل في مرحلة التجارب الأولى على البشر، وفيها يتم اختيار مجموعة من المبحوثين (أصحاء أو مرضى) يتراوح عددهم بين عشرين إلى ثمانين شخصاً، ويجرى تقسيمهم إلى مجموعات صغيرة، شريطة أن يكون الانتقال من مجموعة إلى أخرى بعد التأكد من أمان نتائج التدخل الطبي على المجموعة التي تسبقها.

وشملت المرحلة الثانية إجراء البحث الطبي الإكلينيكي على مجموعة أكبر من المبحوثين، يتراوح عددهم بين مئتين وثلاثمائة مبحوث ممن يعانون من المرض المستهدف من البحث، وتهدف هذه المرحلة إلى المساعدة في معرفة كيفية عمل التدخل الطبي، واستكمال ما تم بحثه في المرحلة الأولى من أمان التدخل الطبي في مجموعات أكبر من المرضى.

أما المرحلة الثالثة فتختص بإجراء البحث الطبي الإكلينيكي على مجموعة من المبحوثين (المرضى) يتراوح عددهم بين مئات وآلاف، وتهدف هذه المرحلة إلى معرفة مدى فاعلية التدخل الطبي مقارنة بأفضل العلاجات المتاحة، وأخيراً المرحلة الرابعة، وتعرف بـ"مرحلة ما بعد التسويق"، وتتضمّن المراقبة الآمنة المستمرة للدواء بعد حصوله على ترخيص التداول.

المساهمون