البرلمان الجزائري يصادق على مسودة الدستور قبل طرحها للاستفتاء الشعبي

وسط مقاطعة للمعارضة... البرلمان الجزائري يصادق على مسودة الدستور قبل طرحها للاستفتاء الشعبي

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
10 سبتمبر 2020
+ الخط -

صوّت البرلمان الجزائري، بالأغلبية، اليوم الخميس، على مسودة الدستور الجديد الذي اقترحه الرئيس عبد المجيد تبون، قبل أن يعلن الرئيس استدعاء الهيئة الناخبة لاستفتاء شعبي حول الدستور ينظم مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وصوّت 264 نائبا من بين 265 نائبا حضروا الجلسة، و من مجموع 465 نائبا يضمهم البرلمان، تأييدا للدستور، وهم ينتمون إلى كتل أحزاب موالية للسلطة، هي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية وكتلة المستقلين وحركة البناء، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت، وقاطع نواب خمس كتل لقوى المعارضة جلسة التصويت.

لم يسمح للنواب بمناقشة المسودة بناء على طلب من الحكومة بإقامة نقاش محدود

وتم التصويت دون أي نقاش عام، حيث لم يسمح للنواب بمناقشة المسودة بناء على طلب من الحكومة بإقامة نقاش محدود، أجري الثلاثاء، بين رئيس الحكومة، عبد العزيز جراد، ورؤساء الكتل النيابية، خلال اجتماع للجنة الشؤون القانونية والحريات. واقتصرت جلسة التصويت اليوم على مداخلة لرئيس الحكومة، ثم تقرير لجنة الشؤون القانونية والحريات، ثم التصويت مباشرة برفع الأيدي.

وقال رئيس البرلمان سليمان شنين إن "التصويت على الدستور اليوم خطوة هامة في مسار بناء الدولة الجديدة، ويستجيب لحاجيات الشعب ولمطالب الحراك وينهي الهيمنة على الصلاحيات، ويضمن التوازن بين السلطات، ويحد من الانحرافات التي شهدتها البلاد سابقا".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتضمنت المسودة النهائية بنودا جديدة تخص السماح للجيش بالقتال خارج الحدود، سواء في إطار أممي وفي إطار اتفاقيات ثنائية مشتركة مع دول المنطقة، وتحديد العهدة الرئاسية بعهدتين فقط، وإلغاء حقه في التشريع بأوامر خلال العطل البرلمانية، ويسمح في حال فوز حزب بالأغلبية النيابية بحق تشكيل الحكومة وتعيين رئيس حكومة، بينما يعين وزيرا أول في حال كانت الأغلبية موالية للرئيس، ويحدد الدستور العهدة البرلمانية، ويكرس حق إنشاء الجمعيات وحرية التجمع والتظاهر بمجرد التصريح، ودسترة حرية الصحافة، وإقرار حق الموقوفين في التعويض عن التوقيف والحبس المؤقت، ودسترة السلطة الوطنية العليا المستقلة للانتخابات، وتعويض المجلس الدستوري بمحكمة دستورية مستقلة، وإبعاد وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا من تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، وإدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تخضع للتعديل الدستوري، وإبقائها كلغة وطنية ورسمية.

وقال رئيس الحكومة خلال جلسة البرلمان، إن الدستور الجديد "جاء استجابة لإرادة الشعب التي عبر عنها في الحراك، ويمثل قطيعة تامة مع ممارسات الماضي وينسجم مع الدولة العصرية، مشيرا إلى أنه "يمثل أبرز الالتزامات والتعهدات الانتخابية التي قدمها الرئيس تبون لبناء الجزائر الجديدة، ولتطلعات الشعب الجزائري وطموحه نحو ديمقراطية حقيقية".

مقاطعة المعارضة

وجرى التصويت وسط مقاطعة خمس كتل نيابية لأحزاب المعارضة السياسية، بسبب رفضها لآلية صياغة الدستور، ومنع أي نقاش بشأنه في جلسة اليوم.

وقال عضو كتلة حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، لـ"العربي الجديد"، إن "الكتلة قررت عدم المشاركة في جلسة المصادقة على الدستور لعدة اعتبارات؛ أبرزها أن المؤسسة المخولة باتخاذ الموقف النهائي من المسودة هي مجلس شورى الحركة، والتي تتجه إلى رفض المسودة ومقاطعة الاستفتاء الشعبي المقرر في نوفمبر المقبل، لعدم تضمن الدستور أيا من المقترحات والبنود التي تتيح انتقالا ديمقراطيا في البلاد".

وأعلنت كتلة نواب حركة العدالة والنهضة (تحالف إسلامي بين حزبي العدالة والتنمية وحركة النهضة) مقاطعة الجلسة كذلك. وقال عضو الكتلة لخضر بن خلاف، لـ"العربي الجديد"، إن "نواب الحزبين لن يشاركا في جلسة التصويت"، مضيفا أن "مسودة الدستور هذه لا تحمل أي طابع توافقي بين القوى الجزائرية، ولم تتح فيه فرصة النقاش لنواب البرلمان، بسبب طلب الحكومة إجراء مناقشة محدودة فقط لرؤساء الكتل خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة الشؤون القانونية أمس الأربعاء، ومنع النقاش في الجلسة العامة، ورفض نواب حزب العدالة والتنمية أي حديث باسمهم في جلسة أمس".

 ومضى قائلًا: "لم نفوض أي نائب من المجموعة البرلمانية بإلقاء كلمة باسمنا أو تمثيلنا في اجتماع اللجنة القانونية الأربعاء والخاص بمناقشة مشروع القانون التمهيدي للدستور، ومن تكلم باسمنا في هذا الاجتماع فهو لا يمثلنا بتاتا ولم نكلفه بذلك، بل نهيناه كي لا يقوم بذلك، وقد انتهت عهدته على رأس المجموعة البرلمانية في يونيو/حزيران الماضي، وإبراء للذمة؛ نحن نتبرأ من تصرفه ومما جاء في كلمته ونتقدم بهذا التوضيح للرأي العام، لأن تمرير الوثيقة الأساسية للدولة الجزائرية بالشكل الذي اعتمد، أي بدون مناقشة للوثيقة ولا تعديلات من طرف النواب، لا يهمنا لا من بعيد ولا من قريب".

وقال عضو كتلة جبهة القوى الاشتراكية شافع بوعيش، لـ"العربي الجديد"، إن الكتلة لم تشارك في جلسة التصويت لكون هذا المسار يتعارض كلية مع مطامح الجزائريين المعبر عنها في الثورة الشعبية والحراك في فبراير/شباط 2019، وتقاطع جبهة القوى الاشتراكية أشغال البرلمان منذ إبريل/نيسان 2019، كما قاطع الحزب المشاورات حول تعديل الدستور، ورفض المشاركة في المشاورات السياسية التي نظمتها السلطة والحوار السياسي قبل الانتخابات الرئاسية الماضية".

وقاطعت كتلة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية  (حزب تقدمي) الجلسة النيابية أيضا، استمرارا  لموقفها المقاطع للجان النيابية في البرلمان منذ الحراك الشعبي، وانسجاما مع موقف الحزب الذي كان قاطع أيضا كل المسار السياسي الذي فرضته السلطة منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية الماضية، إذ يرفض الحزب مسار تعديل الدستور بالطريقة التي عمد إليها الرئيس تبون، عبر تشكيل لجنة دستورية، ويطالب التجمع في المقابل بندوة وطنية تنبثق منها لجنة صياغة مشتركة للدستور. كما قاطع حزب العمال (يساري)، جلسة التصويت على الدستور.

انتقادات للتوقيت

وسيعلن الرئيس عبد المجيد تبون، خلال الأيام المقبلة، عن استدعاء الهيئة الناخبة لإجراء استفتاء شعبي حول الدستور الجديد. ويلزم الدستور الرئيس بإعلان دعوة الهيئة الناخبة 45 يوما قبل تاريخ الاستفتاء. واعترضت بعض القوى السياسية على اختيار تاريخ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني كموعد للاستفتاء الشعبي، لكونه مناسبة تاريخية جامعة للجزائريين تمثل تاريخ اندلاع ثورة التحرير (1954)، ولم يكن مناسبا حسبها استغلالها سياسيا أو تحويلها إلى يوم للخلاف السياسي حول الدستور. 

وفي السياق أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، خلال تنصيبه للمندوبين الولائيين للسلطة تمهيدا للاستفتاء المقبل، عن التعهد بضمان  نزاهة الاستفتاء والانتخابات، مشيرا إلى أن "هذه النزاهة هي التي تعطي المشروعية للحوكمة، وتمنحها الثقة لاتخاذ القرارات الحاسمة، وتفشي وباء كورونا لن يمنع الدولة من تنفيذ أجندتها السياسية"، مشيرا إلى أن "البروتوكول الصحي للاستفتاء على الدستور سيطبق فور استدعاء رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة".

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.