البحث عن لوريل وهاردي... وصفة الثنائية الكوميدية الناجحة

البحث عن لوريل وهاردي... وصفة الثنائية الكوميدية الناجحة

17 يوليو 2020
لوريل وهاردي في فيلم "صندوق الموسيقى" (Getty)
+ الخط -

لم يقف فيلم الدراما والسيرة "ستان وأولي" (2018) عند تصوير حياة اثنين من أشهر الشخصيات الكوميدية التي أنتجتها هوليوود نهاية العقد الثاني من القرن العشرين فقط. فما أراده جون بيرد، مخرج الفيلم، تكريم ثنائية كوميدية طبقت شهرتها العالمين الغربي والعربي، وألهمت الأجيال السينمائية اللاحقة في تدوير ثنائية "الغبي والذكي" وتحويلها إلى عروض، منها ما يتسع لأنماط سينمائية مغايرة، وأخرى، تسعى حتى يومنا هذا، للحفاظ على روح الكوميديا الكلاسيكية في قالب عصري ويتوازى نجاحها مع نجاح الثنائية الأشهر التي تضم كلاً من الإنكليزي ستان لوريل (1890 - 1965) والأميركي أوليفر هاردي (1892 - 1957).

ألهم النموذج الذي بنيت عليه أعمال عبقري الكوميديا شارلي تشابلن كلاً من لوريل وهاردي في ابتكار خط ترفيهي خاص بهما. لا سيما أن لوريل وغيره العشرات من الممثلين تتلمذوا على يد تشابلن. فشهدت تلك الفترة صعود أشكال كوميدية مشابهة لمتطلبات السوق الثائر التي شهدت لاحقًا نهضة سينمائية، أقفلت معها عصر السينما الصامتة أواخر عام 1927.

وبالرغم من مواكبة الثنائي لهذا التطور وتقديمه أعمالًا ناجحة صامتة وأخرى ناطقة، من أشهرها فيلم "حمقى في البحر" عام 1940، و"طريق الخروج من الغرب" عام 1937، والفيلم القصير الصامت "بيت الموسيقى" الحائز على جائزة "أوسكار" فئة "أفضل فيلم قصير كوميدي" عام 1932، إلا أن عصر الخفوت والاندثار بدأ يخيم على حياة الصديقين اللذين اكتفيا في السنوات الأخيرة من حياتهما العملية سوية، بعد سنوات طويلة تربعوا فيها على عرش الكوميديا في هوليوود، بتنفيذ عدد من العروض المسرحية في مختلف مسارح أوروبا، بعد أن تقدم بهما السن وأصبحت ميول المنتجين تتجه نحو ضخ دماء جديدة في المسارح ودور السينما، وهذا ما أشار إليه جون بيرد في فيلمه بشكل خاص.

مطلع العقد الرابع من القرن الماضي، وجوه جديدة بدأت تظهر، أهمها ثنائية "أبوت وكاستيلو" اللذين حاولا أن يحوزا على نفس شهرة لوريل وهاردي بتقديم لون مختلف في أفلامهما. فاعتمدا على التكنيك الخاص بأعمال الأخيرين من حيث الشكل، وعلى تقديم الشخصيات والقصص الشهيرة في الأدب العالمي بشكل ساخر، من حيث المضمون. لا ننكر أن عددًا من أفلامهما حقق نجاحًا كبيرًا مثل "أبوت وكاستيلو يقابلان فرانكشتاين" عام 1948. إلا أن أعمال هذه الثنائية لم تستطع أن ترقى إلى روح أعمال لوريل وهاردي، لما لهاتين الشخصيتين من خصوصية متفردة يميزها الأداء المضحك والحركات الجسدية الساذجة والابتكارات الهزلية الراقصة، ما جعلهما يحوزان على ابتسامة الملايين في الولايات المتحدة والعالم حتى يومنا هذا.

هذه الصيغة توارثتها هوليوود بشكل جلي لا يخفي حاجتها الدائمة للاقتباس من وحي شخصيتي لوريل وهاردي. فعلى طول العقود المنصرمة شاهدنا، أمام تطور الصناعة البصرية والسمعية وأدواتهما، عددًا من الثنائيات الكوميدية التي باتت تنحو، نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات، نحو مزج اللون الكوميدي بالنمط البوليسي، فأنتجت لنا ثنائيات اعتمدت في تركيبتها على الإثارة ضمن قالب كوميدي لا يخلُّ، بشكل مباشر، بالتوازن المعتاد للطباع الكلاسيكية للثنائيات الهزلية (الشريك الغبي والآخر الذكي أو مدعي الذكاء).

ففي عام 1987 صدر الجزء الأول من سلسلة أفلام "السلاح القاتل" Lethal Weapon للمخرج ريتشارد دونر التي أدى دور البطولة الثنائية فيها كل من الممثلين ميل غيبسون وداني غلوفر. كانت هذه السلسلة الناجحة مفتاحًا لتطوير الثنائيات الكوميدية واستثمارها في سينما المغامرة والحركة، لتسير على خطاها أفلام أخرى تركت أثرًا كبيرًا في ذاكرة المشاهدين، ولعل سلسلة أفلام Rush Hour التي انطلقت عام 1998، للثنائي الشهير جاكي شان وكريس تاكر، خير دليل على ذلك.

وإن بحثنا في السنوات الأخيرة من العقد الحالي، فسنلاحظ صعود ثنائية جديدة حققت أعمالها القليلة نجاحات جيدة، ركناها هما الممثلان كيفن هارت ودواين جونسون (ذا روك). قدم الأخيران أول أعمالهما المشتركة في فيلم Central Intelligence عام 2016، ثم اشتركا معًا في الجزأين الأخيرين من سلسلة أفلام "جومانجي"  Jumanji للمخرج جيك كاسيدين.

لم تخل الشاشة العربية من الثنائيات الكوميدية المتأثرة بأسلوب لوريل وهاردي، ولعل أشهر هذه الوجوه التي طبعت بصمتها في ذاكرة المشاهد العربي شخصيتا "غوار الطوشة" (دريد لحام) و"حسني البورظان" (نهاد قلعي) اللتان ظهرتا على الشاشة السورية لأول مرة في مسلسل "الإجازة السعيدة" عام 1960. وكذلك قدمت السينما المصرية ثنائية محبوبة لدى الشارع المصري والعربي جمعت كلاً من الراحلين المغني والممثل السوري فريد الأطرش والممثل المصري إسماعيل ياسين في عدد من الأفلام منها "بلبل أفندي" عام 1946، و"عفريته هانم" عام 1949، و"آخر كدبه" عام 1950. نشير أيضًا إلى أن أفلام الرسوم المتحركة، كان لها أيضًا، نصيب كبير من الإرث الذي خلفته شخصيتا ستان لوريل وأوليفر هاردي. أهم هذه الثنائيات "توم وجيري" و"بيرت وايرني" و"بينكي وبراين" و"تيمون وبومبا".

دلالات

المساهمون