الانتخابات الرئاسية التونسية: الإعلام يستعيد سلطته

الانتخابات الرئاسية التونسية: الإعلام يستعيد سلطته

05 سبتمبر 2019
انتشرت الإعلانات في شوارع تونس منذ الإثنين (ناصر طالل/الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها (إثر وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي) التي ستشهدها تونس يوم 15 سبتمبر/ أيلول الجاري ستكون معركة صعبة بين المرشحين الستة والعشرين. وقد يكون الإعلام، وفقاً للمختصين في الشأن السياسي، واحداً من المحدّدات الرئيسية لنجاح هذا المرشح أو ذاك. إذ تبرز أهمية الإعلام من خلال تخصيص كلّ مرشح لفريق إعلامي موسّع استعان ضمنه بشركات مختصة في الإعلام والاتصال والعلاقات العامة، وهو أمر ينطبق على جلّ المرشحين، ما عدا قلّة منهم، مثل المرشح قيس سعيد الذي لا يملك إدارة لحملته، ويكتفي بأنشطة مع بعض المتطوعين معه. 
أما بقية المرشحين، فأجنداتهم الإعلاميّة مزدحمة، إذ إنّهم لا يفوّتون فرصةً للظهور الإعلامي، خصوصاً أنّ القنوات التلفزيونيّة والمحطات الإذاعية الرسميّة (العمومية) منها والخاصة أعدّت برامج خاصة بهذه الانتخابات. ولعلّ أهم الخطوات هي المناظرات التلفزيونيّة بين المرشحين والتي ستجرى على التلفزيون الرسمي التونسي أيام 7 و8 و9 سبتمبر/ أيلول الحالي، على أن يتم بثّها على 11 قناة تلفزيونية محلية وأكثر من 21 محطة إذاعيّة رسميّة وخاصة. وهذه التجربة يخوضها الإعلام التونسي للمرّة الأولى، إذ لم يسبق أن تمّ في انتخابات سابقة تنظيم هذه المناظرات، ولم يكن أحد يعتقد أنها ستحظى بهذا الاهتمام المحلي والدولي، حيث من المنتظر أن تَنقل بعض القنوات العربيّة والأجنبيّة مقتطفات منها يتمّ توفيرها من قبل الجمعية الراعية للمناظرة مجاناً.

ويعتقد كثيرون في تونس أنّ المناظرات التلفزيونية ستكون واحدة من المحدّدات الرئيسيّة لفوز هذا المرشح أو ذاك، وبالتالي ستعيد الإعلام التونسي إلى الواجهة من جديد. هذا بالرغم من أنّ المدير العام للتلفزيون الرسمي التونسي، محمد الأسعد الداهش، لم يخفِ تخوّفه من نجاح هذه المناظرات، مؤكداً "أنّها مغامرة محسوبة يخوضها التلفزيون التونسي وسينجح فيها ليؤسس لثقافة انتخابية جديدة لا في تونس فقط بل في كل البلدان العربية التي لم تعرف مثيلاً لهذه المناظرات من قبل".

دخلت المحطّات الإذاعيّة، هي الأخرى، سباق تغطية الحملات الانتخابيّة الرئاسيّة بقوة. فقد خصّصت الإذاعة الرسمية، بمحطاتها العشر المركزية والإقليمية، برمجةً خاصة بهذه المناسبة، ومنها بثّ نشرة إخباريّة موحدة مرتين في اليوم على كل محطاتها تتولّى تغطية الحملة الانتخابية، بالإضافة إلى إعداد برنامج حواري مع كل مرشّح مدته نصف ساعة بعنوان "كرسي الرئيس" تتم فيه استضافة المرشحين للانتخابات الرئاسية للحديث عن برامجهم الانتخابية.
وشرعت الإذاعات الخاصة في بثّ برامج متخصّصة بالانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها على شكل حوارات مع المرشحين ومواكبة لبرامجهم وتحركاتهم في المناطق التونسية وخارج تونس، حتى يتعرّف الناخب التونسي على مَن سيتولى انتخابه لتولي منصب رئيس الجمهورية.

وستكون التغطية الإعلامية هذه السنة مكثّفة، ووفقاً لتصريح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (التي تتولى الإشراف على العملية الانتخابية)، نبيل بافون، والذي أكّد أنّ 1422 صحافياً محلياً سيتولّون تغطية الانتخابات وقد حصلوا على اعتماد قانوني من قبل هيئة الانتخابات، إلى جانب 196 صحافياً أجنبياً سيزورون تونس لتغطية الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، وهي أرقام تترجم الأهمية والعناية التي يوليها الإعلام التونسي والأجنبي لهذه الانتخابات التي يدار جزء مهم منها في مواقع التواصل الاجتماعي. فقد شرعت العديد من الصفحات الممولة أو صفحات المناصرين المتطوعين في الدعوة إلى انتخاب مرشحيهم، كما ازدانت العاصمة التونسية وكبرى المدن بلافتات إعلانية تحمل صور المرشحين وشعار حملتهم الانتخابية منذ يوم الإثنين، الثاني من سبتمبر/ أيلول الماضي.

يُعتبر الإعلام التونسي أمام امتحان في هذه الانتخابات الرئاسية، تحديداً بعد أن أكّدت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) أنّها "لن تتسامح مع أي انحراف إعلامي لخدمة أجندات لهذا الطرف أو ذاك"، مطالبةً باعتماد مبدأ المساواة في تغطية الانتخابات الرئاسية بين كل المرشحين لها.