الاعتقال الإداري للمقدسيين: هل يقمع انتفاضتهم؟

الاعتقال الإداري للمقدسيين: هل يقمع انتفاضتهم؟

04 ديسمبر 2014
يقبع حالياً 220 أسيراً في السجون الإسرائيلية (محمد أسد/الأناضول)
+ الخط -
أعاد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحويل ثلاثة نشطاء فلسطينيين إلى الاعتقال الإداري في القدس المحتلة، إلى الذاكرة سياسة قديمة جديدة كانت قد طُبّقت بحقهم على مدى عقود الاحتلال الماضية، وبلغت ذروتها إبان الانتفاضة الأولى، حين حوّلت سلطات الاحتلال في حينه عشرات القياديين الفلسطينيين إلى هذا النوع من الاعتقال، من أبرزهم: الراحل فيصل الحسيني، ومسؤول ملف القدس في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، وعدد من قياديي الفصائل الفلسطينية.

وتم تحويل النشطاء الثلاثة، على الرغم من امتلاكهم للبطاقة الزرقاء (بطاقات الهوية الشخصية الإسرائيلية التي يحملها عرب القدس المحتلة)، إذ يخضع أكثر من 300 ألف فلسطيني مقدسي لقوانين الاحتلال الإسرائيلي. وفي السياق، أكد عضو "القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى"، حاتم عبد القادر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن "السياسة الإسرائيلية الجديدة القديمة، بتفعيل هذا النوع من الاعتقال، سينتهي إلى فشل كما في السابق، حين أفشله الأسرى الإداريون في حينه، ولم يستطع الاحتلال كسر الانتفاضة الأولى عبر اعتقال قادتها".

ويؤكد عبد القادر بأن "الاحتلال سيفشل أيضاً في قمع انتفاضة القدس، باعتقاله أمين سرّ فتح في المدينة عدنان غيث، وشقيقه صادق والشاب إسلام النتشة، من بلدة عناتا، شمال القدس". اعتُقل النتشة، بسبب عبارة كتبها على صفحته على موقع "فايسبوك"، جاء فيها: "اللّهمّ ارزقني الشهادة على أبواب المسجد الأقصى"، وهي عبارة قادت المحققين الإسرائيليين إلى تحويله للاعتقال الإداري.

بدوره، كشف رئيس لجنة "أهالي أسرى القدس"، أمجد أبو عصب، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن "وجود ستة أسرى مقدسيين في الاعتقال الاداري في سجون الاحتلال، منذ العام الماضي وحتى الآن، أبرزهم النائب محمد طوطح، في حين أن ثلاثة من هؤلاء الستة، تمّ تحويلهم للاعتقال الإداري قبل أقل من أسبوع".

ويشير أبو عصب إلى أن "تفعيل الاعتقال الإداري في القدس، والذي طُبّق على نطاق واسع في الانتفاضة الأولى، لم يخمدها أبداً، بل إن مَن اعتُقل في ذلك الوقت، تحوّل إلى رمز وطني واحتلّ مواقع حساسة في السلطة الفلسطينية، كما هو الحال بالنسبة إلى وزير القدس الأسبق خالد أبو عرفة".

وتُعرّف مؤسسات حقوقية فلسطينية وعالمية "الاعتقال الإداري"، ومنها مؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في السجون الإسرائيلية" ومقرّها رام الله، بأنه "اعتقال من دون تهمة أو محاكمة، وهو يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها. ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، إذ يتم استصدار أمر إداري لفترة أقصاها ستة أشهر في كل أمر اعتقال قابلة للتجديد بالاستئناف".

وقد تكون صلاحية إصدار أمر اعتقال إداري ضد مواطني القدس، بيد وزير الأمن الإسرائيلي أو قائد المنطقة العسكري، إذا ما كان هناك ادّعاء عن نشاطات جرت في الأرض المحتلة. وبموجب القانون الإسرائيلي المعمول به منذ العام 1948 وحتى سنة 1979، تم تطبيق أنظمة الطوارئ البريطانية للعام 1945، تحديداً المادة 111، ولاحقاً في العام 1979، سُنّ "قانون صلاحيات ساعة الطوارئ (اعتقالات) 1979"، التي تمنح المادة 2 منه الصلاحية لوزير الأمن، بإصدار أوامر اعتقال إداري، وفقط في حالات نادرة جداً للقائد الأعلى للجيش.

وبموجب المادة 4 من القانون، يجب إحضار المعتقل خلال 48 ساعة أمام رئيس محكمة مركزية، الذي يملك صلاحية تثبيت الأمر، أو تقصير المدة أو إلغاء الأمر. ويضمن القانون حق استئناف القرار أمام المحكمة العليا، في مدة أقصاها 6 أشهر قابلة للتجديد، ويُمكن تقديم مواد سرية في هذا الصدد. أما إذا كان الأمر صادراً عن القائد العسكري للأرض المحتلة، فإن الأوامر العسكرية تسري بهذا الشأن، ولا يكون هناك أي اعتبار لكون المعتقل من سكان القدس.

ويقبع حالياً، وفقاً لمؤسسة "الضمير"، 220 أسيراً فلسطينياً في سجون الاحتلال، تحت أمر الاعتقال الإداري، من دون تهمة أو محاكمة، من بينهم 4 أسيرات و9 من أعضاء المجلس التشريعي. وفيما يقع على عاتق الحاكم العسكري الإسرائيلي للمنطقة المحتلة إصدار أوامر الاعتقال الإداري، من دون تحديد عدد مرات التجديد للمعتقلين من سكان الضفة الغربية وغزة، فإن وزير الأمن الإسرائيلي هو مَن يصدر الأمر للمعتقلين من سكان القدس، ويمنح القانون الإسرائيلي للقائد العسكري صلاحية إجراء أية تعديلات على الأوامر العسكرية المتعلقة بالاعتقال الإداري، بما يتلاءم والضرورة العسكرية، من دون الأخذ بالحسبان أية معايير دولية لها علاقة بحقوق المعتقلين.


وفي سنوات الانتفاضة الأولى، كان عدد المعتقلين الإداريين يصل أحياناً إلى نحو 8000 معتقل، واستخدمت إسرائيل هذا الإجراء حتى بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو مع السلطة الفلسطينية، وقامت باحتجاز العشرات من المعتقلين الفلسطينيين من سكان منطقة (أ) بموجب تقسيمات أوسلو ولفترات تعدت السنتين.

بيد أن معطيات أخرى، أوردها تقرير لنادي "الأسير الفلسطيني"، ذكرت أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلية أصدرت في الانتفاضة الأولى (1987ـ1994) ما مجموعه 19 ألف أمر اعتقال إداري، أما في الانتفاضة الثانية (2000 ـ 2007)، فقد أصدرت نحو 18 ألف أمر اعتقال".

دلالات