في غضون ذلك، قوّضت رغبة ترامب في إجراء صفقة كبرى مع كيم، عمل دبلوماسييه الذين كافحوا من أجل التأثير على نظرائهم الكوريين الشماليين حتى في تحديد معنى مصطلح "نزع السلاح النووي". في الواقع، من الصعب تحديد مدى النجاح الذي كان سيحققه الدبلوماسيون الأميركيون عبر إقامة اتصالات جوهرية ومستدامة لو لم يتابع ترامب انفصاله الفردي، لكن تصرفات ترامب بالتأكيد لم تساعد، وفقاً لجونغ. فقد أطرى الرئيس الأميركي على كيم، وأجّل المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية، ومنع فرض عقوبات واسعة على كوريا الشمالية، رغم استمرار التجارب الصاروخية لبيونغ يانغ من جهة، وانتهاكها حقوق الإنسان من جهة أخرى. سمح هذا الأمر لكيم بتجاهل تعميق الاستثمار في المحادثات مع الولايات المتحدة. كما أدت خطوات ترامب إلى منع الدبلوماسيين الأميركيين من إقامة اتصالات قد تكون حاسمة الآن في وضع كوريا الشمالية.
بدورهما، تحدث كل من إيما أشفورد، وماثيو كرونيغ في "فورين بوليسي" عن خلافة كيم، فاعتبرا أن شقيقته كيم يو ـ جونغ، هي الأوفر حظاً لوراثته، مع الأخذ في عين الاعتبار احتمال تسليم السلطة لقائد عسكري كبير. ومع ذكرهما بأن الشقيقة شاركت في محطات كسر الجليد بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أُقيمت في الجنوب عام 2018، كأرفع مسؤولة تزوره من الشمال، فضلاً عن لقائها نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أعرب كل من أشفورد، وكرونيغ عن اعتقادهما بأن الشقيقة خطت خطوة نحو الاعتراف بها وريثة لكيم لدى الغرب. غير أنهما حذّرا من احتمال انهيار النظام، في حال تمرّد فصيل مناوئ عليها، ما قد يؤدي إلى حرب كبيرة في شبه الجزيرة الكورية.
واعتبرا أن أي انهيار في كوريا الشمالية يمكن أن يضع القوات الأميركية والقوات الصينية في مواجهة بعضهما البعض، مع انتشار 28 ألف جندي أميركي في سيول، بعد الحرب الكورية (1950 ـ 1953). لكنهما وضعا في الحسبان احتمال اتفاق واشنطن وبكين على ترتيب جديد، يضمن مصالحهما من دون الانغماس في نزاع مسلّح. وما يعزز قوة هذه الفرضية، هو محاولة أميركا استخدام انهيار النظام العراقي عام 2003 كـ"فرصة"، غير أنه تحوّل إلى أزمة واسعة فاقمت الوضع في الشرق الأوسط، ما يمنع الأميركيين من تكرار الأمر في كوريا الشمالية. أما في حال اتحاد شبه الجزيرة الكورية تحت حكم سيول، فمن المؤكد أن الحكومة المنبثقة عن عملية التوحيد، ستقوم بتفكيك البرنامج النووي.
الحرب النووية ليست الاحتمال الوحيد الذي يقلق الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين واليابان، إذ يمكن للانهيار الداخلي في كوريا الشمالية وأي صراع يأخذ طابعاً مسلحاً أن يؤدي إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، مما يفرض ضغوطاً على قدرة المنطقة على الاستجابة، خصوصاً في ظلّ تفشي وباء كورونا. فمن أصل 25 مليون مواطن كوري شمالي، يعاني 10 ملايين منهم من سوء التغذية و8 ملايين يفتقرون إلى المياه النظيفة، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات وغيرها من الأمراض. ويمكن أن يؤدي عدم الاستقرار الداخلي أيضاً إلى كشف التدابير الصارمة التي تتخذها الدولة لاحتواء وباء كورونا، فقد كثفت الدولة حملتها لمكافحة الفيروسات، بما في ذلك تعزيز عمليات إغلاق الحدود وتفتيش السلع المستوردة، في إشارة إلى وجود إصابات بين مواطنيها، رغم إصرارها على عدم احتوائها على أي إصابات.
(العربي الجديد)