يتوجّه جيش الاحتلال نحو تصعيد عدوانه على قطاع غزّة، نتيجة عجزه عن مواجهة المقاومة على الأرض والتقدم نحو القطاع، يهدف من وراء ذلك إلى استثمار الوقت وتوجيه ضربة قوية للمقاومة، قبل أن تنجح التحركات الدبلوماسية الجارية الحالية في إرساء وقفاً لإطلاق النار.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الاحتلال يعتزم تدريجياً، وتبعاً لتعليمات "الكابينيت" الإسرائيلي (الحكومة المصغرة) المنعقد منذ ساعات الصباح، تصعيد عدوانه والتقدّم شيئاً فشيئاً تحت تغطية القصف الجوّي من الطيران الحربي لإنزال أكبر قدر من الضربات ضدّ المدنيين والمقاومة، قبل أن تنجح التحركات الدبلوماسية التي تجري خلال الساعات القادمة في الدوحة، في إرساء وقف لإطلاق النار.
واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أنّ الجيش الإسرائيلي يسابق الزمن مع التحركات الدبلوماسية، على الرغم من عدم تحديد جدول زمني للعمليات البرّية. وقالت إنّه من المتوقع أن تفضي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، للمنطقة في اليومين القادمين، إلى تحركات سياسية من شأنها أن تحدّ من حرية المناورات العسكرية الإسرائيلية، خاصة وأن زيارة بان كي مون، خلال أيام عدوان "عمود السحاب"، قبل عامين كانت بمثابة إشارة لوقف الحملة والعدوان. وبحسب فيشمان، فإنّ عقارب الساعة لنهاية العمليات البرّية تشير حالياً إلى وسط الأسبوع، يوم الثلاثاء، وعندها يكون على إسرائيل أن تقرر، إما تصعيد الحرب أكثر أو الذهاب باتجاه وقف لإطلاق النار.
في السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي للصحيفة ناحوم برنيع، أنّ "التغطية والتأييد الدولي" الذي تحظى به إسرائيل حالياً لن يدوم طويلاً، خاصة وأن الدعم الأميركي والغربي محصور في الواقع في عمليات اجتياح برّية محدودة على امتداد الشريط الحدودي مع غزّة، وليس توغلاً برياً واسع النطاق داخل القطاع. ويخلص إلى القول إن إسرائيل ليست من يحدد مجريات الأمور على الأرض، وإنما حركة "حماس" هي التي تقرر المجريات الميدانية.
وقالت القناة الإسرائيلية العاشرة صباح اليوم، في تقرير لمراسلها العسكري، إن الأحداث الميدانية والمعارك البرية تبين أن المقاومة الفلسطينية كانت استعدت جيداً على كافة الأصعدة، سواء في منظومة البنى التحتية تحت الأرض لشبكات اتصال ومخازن سلاح وأنفاق مفخّخة، أم على صعيد نشر قوات كبيرة، بينها قناصة للمواجهات المباشرة مع تقدم قوات الجيش داخل الأحياء السكنية.
أما المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، فلفت إلى احتمال ظهور تناقض بين خطط القيادة العسكرية والميدانية، وبين القيادة السياسية، خاصة في حال أتمت القوات البرية خلال اليومين القادمين ضرب الأهداف المرسومة لها، وعندها فإن بقائها في الشريط الضيق الذي توغلت فيه لغاية الآن يجعلها تواجه صعوبات أكبر في الدفاع عن نفسها في حال بقائها ساكنة في مواقعها. فيما سيكون على القيادة السياسية، في مثل هذه الحالة، المجازفة في حال قرر توسيع نطاق التوغل البرّي بتكبد خسائر شديدة في الأرواح. وعلى ما يبدو، فأن "الكابينيت" الإسرائيلي لا يزال يفضل حالياً عمليات محدودة بانتظار أن تسفر الجهود الدبلوماسية عن التوصل إلى اتفاق إطلاق نار.
وفي هذا السياق، كان لافتاً التأييد الإسرائيلي للمبادرة المصرية مقابل الانتقادات والهجوم في الإعلام الإسرائيلي على مبادرة المقاومة التي حظيت بتغطية قطرية وتركية، وسط كيل اتهامات في إسرائيل إلى قطر، على اعتبار أنها من نصح المقاومة الفلسطينية برفض المبادرة المصرية. ويغمز الإعلام الإسرائيلي من وجود خلاف بين "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بشأن الموقف من المبادرة المصرية، في محاولة للإيقاع بين الحركتين. لكن المقاومة بجميع فصائلها، أكدت مراراً على أن الورقة التي قدمتها كانت بالتوافق وتمثلها جميعاً.