الاحتلال هدم غرفة الطفلة فاطمة

الاحتلال هدم غرفة الطفلة فاطمة

القدس المحتلة

محمد محسن

محمد محسن
23 اغسطس 2020
+ الخط -

على ركام غرفة منزل عائلتها في القدس المحتلة، وقفت الطفلة الفلسطينية فاطمة أبو صيبعة، تستذكر تلك اللحظات الطويلة من الألم وهي تراقب أسنان الجرافات التي جلبها والدها وعمها، في العاشر من أغسطس/آب الجاري، وهي تدك أركان البيت. ألم مضاعف عاشته الطفلة التي تبلغ من العمر عشرة أعوام، وكانت تصرخ بينما تنهار جدران المنزل. هو ألم عاشه أيضاً والدها وعمها عمر، اللذان يتشاركان الإقامة في المنزل نفسه المكون من ثلاث طبقات. كانت فاطمة تبكي وتصرخ: "الله ينتقم منهم (الاحتلال الإسرائيلي)، وقّف، وقّف، حسبي الله الوكيل عليهم". وما زالت فاطمة تتذكر تلك اللحظات الرهيبة من عملية هدم منزل العائلة، وقد أرغِم قاطنوه على هدمه بأيديهم، بعدما خيّرهم الاحتلال بين ذلك أو هدمه بجرافات الاحتلال وإرغام العائلة عندها على دفع رسوم وتكاليف الهدم البالغة 200 ألف شيكل (نحو 50 ألف دولار أميركي).

قضايا وناس
التحديثات الحية

فاطمة في حديثها إلى "العربي الجديد" تقودنا إلى ركام غرفتها. دمار فقط في المشهد، كأنّ زلزالاً قلب الأرض رأساً على عقب. تشير بيدها الصغيرة وبصوتها الطفولي إلى موقع غرفتها، وتقول: "كانت هناك، وكنت أنام فيها. كانت غرفة مربعة متواضعة، وكانت كتبي في زاويتها. قبل أن تهدم، جمعت الكتب وكلّ ما يخصني، لكنّي الآن بلا غرفة، بلا مأوى". وعن مكان نومها وكيف أمضت الأيام التالية للهدم، تصمت قليلاً وتجيب: "ما زلت في صدمة. أنام عند عمتي، أو في بيت عمي، أو في أيّ منزل من منازل العائلة، لكنّي مصدومة". تعيد فاطمة الكلمة نفسها، وهي لا تعلم أين تمضي ليلتها المقبلة.

الصورة
منزل عائلة أبو صيبع

في وقت لاحق من حديث "العربي الجديد" إلى فاطمة، حضر والدها ليمشي معها فوق الركام. ربما كانا يبحثان عن غرض مفقود، أو ربما يفكران في طريقة يضعان فيها فوق الركام ما يشبه غرفة فاطمة كي تمضي الليلة فيها. خاض والد فاطمة، إبراهيم أبو صيبعة، وشقيقه عمر، صراعاً مريراً في محاكم الاحتلال ليمنعا عملية الهدم، وأنفقا كلّ مدخراتهما وهما يحاولان إنقاذ المنزل من الهدم، لكن من دون جدوى، فقد كان القرار النهائي بالهدم، وبأيديهما تحديداً، وإلاّ تكبدا فوق ما تكبداه من مال.

الصورة
منزل عائلة أبو صيبع

ليس بعيداً عن حاجز الاحتلال العسكري المعروف بحاجز "300" في جنوب القدس المحتلة، والذي يفصل المدينة المقدسة عن بيت لحم يقع منزل عائلة فاطمة. من هناك، يقول عم فاطمة، عمر أبو صيبعة، إنّ العائلة تقيم في بيتها المهدوم هذا منذ عام 1960. ويقول الوالد إبراهيم وكذلك العم عمر لـ"العربي الجديد": "نحن هنا قبل الاحتلال. بنى جدي المنزل الكبير وأقام فيه، ثم انتقل إلى والدي وأقمنا فيه. نحن هنا قبل أن يكونوا هم، وقبل أن يحتلوا المكان وتصبح إقامتنا في مسكن يؤوينا يحتاج إلى تصريح وترخيص منهم".

الصورة
منزل عائلة أبو صيبع

للأخوين عمر وإبراهيم ثلاثة أشقاء آخرين يقطنون في منزل العائلة الكبير الذي لم يشمله الهدم. المكان واسع تزيد مساحته عن ثلاثة عشر دونماً ويحاصره الاحتلال بحاجزه العسكري جنوباً، أما إلى الشرق منه فتظهر مستوطنة "أبو غنيم" التي أقيمت عام 1993، حيث لا يتوقف البناء في جميع أنحائها، يبني الاحتلال المساكن والمنشآت لمستوطنيه، فيما يهدم مساكن الفلسطينيين.
فقدت عائلة أبو صيبعة منزلها، أما غرفة فاطمة التي أحالها الهدم إلى ركام باتت حلماً لهذه الطفلة التي أبكت كثيرين وهي تبكي بحرقة ووجع. ولم تكتفِ قوات الاحتلال بجريمتها بهدم منزل عائلة فاطمة، بل دهمت الأرض التي تمتلكها العائلة مجدداً ومنعت والد فاطمة وأعمامها من العمل في مشغل لتصليح المركبات تحت طائلة الغرامة المالية الباهظة. وأرغموا على التخلص من هياكل نحو 200 مركبة قديمة كانت بالنسبة إلى أحد أعمام فاطمة مصدر رزق.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

بالرغم من كلّ هذا الألم، لن يترك أحد المكان، لن يتركوا أرضهم التي عاشوا ونشأوا عليها، فلا مكان آخر يذهبون إليه، كما يؤكدون لـ"العربي الجديد". رسالتهم الوحيدة أسئلة حائرة عمن يقدم لهم يد العون ليواصلوا صمودهم وبقاءهم في أرضهم ومنزل العائلة القديم. أما فاطمة تلميذة الصف الرابع، فحلمها كبير في أن يأتي من يعيد بناء غرفتها ويجمع من جديد ركامها، لتعود إلى ركنها المفضل بين كتبها وألعابها وسريرها الصغير.

انحياز المحكمة الإسرائيلية
اللجوء إلى القضاء الإسرائيلي، في قضايا مختلفة، أبرزها قرارات الهدم، غالباً ما ينتهي بخسارة الفلسطينيين المشتكين، مع ما في محاكم الاحتلال من انحياز. وفي قضية المنازل، لا يقتصر الأمر على الهدم وتشريد الأطفال والنساء وحرمانهم حقهم في المأوى، بل يؤدي أيضاً إلى إفقار العائلات، ومضاعفة معاناتهم النفسية.

ذات صلة

الصورة
بيان أبو سلطان (إكس)

منوعات

أعلنت الصحافية الفلسطينية بيان أبو سلطان "نجاتها"، بعدما اعتقلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مستشفى الشفاء، غربي غزة، وانقطعت أخبارها منذ 19 مارس/آذار الحالي.
الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
اليهود المتشددون/(فرانس برس

اقتصاد

تنتقل أزمة إعفاء اليهود المتشددين في إسرائيل من التجنيد الإلزامي من الأروقة السياسية إلى دروب الاقتصاد، إذ تتصاعد تحذيرات قطاعات الأعمال من مشاكل أعمق.
الصورة
اعتداء على طفل في الخليل

سياسة

كشف مقطع فيديو، سجلته كاميرات المراقبة داخل محل تجاري في حارة جابر في الخليل، اعتداء جنود الاحتلال على طفل فلسطيني، بذريعة وجود صورة لقطعة سلاح على قميص يرتديه.

المساهمون