الاحتلال الإسرائيلي يدعي ضياع جثامين شهداء ويرفض تسليمها

الاحتلال الإسرائيلي يدعي ضياع جثامين شهداء ويرفض تسليمها

10 ابريل 2017
الاحتلال يخفي الجثامين بهدف معاقبة ذويهم(عصام الريماوي/الأناضول)
+ الخط -



على غرار مقبرة الأرقام السرية، التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي في أواخر السبعينات في منطقة سرية في غور الأردن، واعتاد أن يدفن فيها جثامين الفدائيين، الذين نفذوا عمليات داخل الكيان من خارج البلاد؛ يواصل الاحتلال الاحتفاظ بأكثر من مائة جثمان لشهداء فلسطينيين، ممن قتلوا خلال عمليات أو اشتباكات مع جيشه في العقدين الأخيرين، وخاصة بعد اتفاقية أوسلو وخلال الانتفاضة الثانية.

ويدعي الاحتلال، في رده على استئنافات قضائية قدمها ذوو الشهداء، أنه أضاع جثامين بعض الشهداء، بينما يجد صعوبة في العثور على جثامين شهداء آخرين. ناهيك عن ادعائه بعدم القدرة على التعرف وتشخيص جثامين شهداء آخرين وتحديد هويته بشكل قاطع.

وذكرت صحيفة "هآرتس"، في تقرير اليوم الإثنين، أن "السلطات الإسرائيلية اعترفت في استئنافات قدمت، أخيراً، للمحكمة العليا أنها أضاعت جثامين سبعة من القتلى الفلسطينيين ممن سقطوا في الانتفاضة الثانية، ولم تتمكن من العثور على مكان دفنهم".

وادعى ممثل دولة الاحتلال في جلسة خاصة للمحكمة الإسرائيلية، عقدت في أواسط مارس/آذار الماضي، أن الدولة تمكنت من العثور على جثماني شهيدين فقط من أصل 123 شهيداً، ممن لا يزال الاحتلال يحتفظ بجثامينهم.

إلى ذلك، اتضح بحسب تقرير "هآرتس"، ومعطيات مركز حماية الفرد، أن الاحتلال يدعي أنه لا يوجد قرار يحدد جهة محددة تنظم مسألة دفن جثامين هؤلاء الشهداء، أو تملك سجلاً منظماً لمواقع الدفن التي تمت، خاصة أن شركة إسرائيلية خاصة كانت تقوم بهذه العملية، قد أغلقت وتم إتلاف كل مستنداتها ووثائقها.


وتنقل الصحيفة العبرية عن مصدر إسرائيلي قوله: "إنه حتى أواخر التسعينات لم يكن هناك أي اهتمام في إسرائيل بمصير هذه الجثامين، ولا أي اهتمام بهوية وصاحب الجثمان الذي قمنا بدفنه هنا أو هناك".

وتذكر الصحيفة في تقريريها أسماء عدد من الشهداء، الذين قدمت عوائلهم استئنافات بغرض استعادة جثامينهم، لكن الاحتلال يدعي أنه لم يعثر على هذه الجثامين، أو لم يتمكن من تشخيصها وتحديدها بشكل نهائي وهم: ضياء دمياطي الذي استشهد في أكتوبر/تشرين الأول 2002 في اشتباك مع الاحتلال قرب بلدة الطيبة (قرب رام الله)، وضرغام زكارنة الذي استشهد في مارس/آذار 2002 عند حاجز الرام، وعلاء مرشود الذي استشهد في يونيو/حزيران 2002 قرب مدينة طولكرم.

وأيضاً من بين الشهداء المذكورين، الشهيد نمر أبو سيفين استشهد في ديسمبر/كانون الأول 2001، وسيف بدران الذي استشهد عام 2003، وعيسى بدير استشهد عام 2002، بالإضافة إلى فوز إبراهيم هلال.

وبين تقرير الصحيفة، أنه عندما توصل مراسلها إلى إحدى المقابر الإسرائيلية في بئر السبع التي دفن فيها بعض الشهداء، وتدعى "منحاه نخوناه"، قال له أحد العاملين في المكان، إن الجنود وصلوا إلى المكان، قبل أعوام وأغلقوا المنطقة ولا نعرف ماذا فعلوا في الداخل.

وذكرت الصحيفة، أنّها عثرت في المقبرة المذكورة على منطقة يتم فيها دفن الشهداء دون أي إشارات أو علامات عند مكان الدفن.

وتدعي حكومة الاحتلال، أنّ العثور على مقر دفن جثامين الشهداء وتشخيصهم أمر شائك ومعقد، بحجة أن أكثر من جهة إسرائيلية تعالج هذا الملف.

وأثار هذا الرد حفيظة قضاة في المحكمة الإسرائيلية طالبوا حكومات الاحتلال بأخذ عينات الحمض النووي من عوائل الشهداء ومقارنتها مع الحمض النووي للجثامين، لتحديد ومعرفة أصحاب الجثامين المدفونة في المقبرة الإسرائيلية، جنوبي البلاد.

وتنقل الصحيفة العبرية عن مديرة مركز حماية الفرد، داليا كريشطاين، التي يتولى المركز الذي تديره، تقديم استئنافات لاستعادة جثامين الشهداء، أن "دولة إسرائيل على أذرعها المختلفة تبدي بلاهة وتعصباً، إلى جانب الاستهتار في كل ما يتعلق بجثامين الشهداء، ومواصلة تعذيب أبناء عائلاتهم"، متسائلة "كيف يمكن لجثامين وجثث موجودة بحوزة الدولة لسنوات طويلة أن تضيع فجأة؟".

وتضيف كريشطاين أن "كل التوجهات التي قامت بها لمختلف الجهات بدءاً من التأمين الوطني والجيش ومعهد التشريح العدلي تم تجاهلها أو تم عدم رفعها للجهات الأعلى عن سابق قصد، وهذه سياسة مقصودة لإسكات الموضوع".

وتلفت الصحيفة، إلى أن "مركز القدس لحقوق الإنسان"، قدم هو الآخر عبر المحامي سليمان شاهين، التماسات لتحرير واستعادة جثامين 120 شهيداً. وردت دولة الاحتلال بالادعاء أن "العثور على هذه الجثامين، وتشخيصها وتحديد هوية أصحابها بدقة عالية تحتاج لمجهود كبير، يلزم رصد ميزانيات طائلة لكل جثة، وأنه على الرغم من بذل جهود كبيرة إلا أنه لم تفلح الجهات المختصة في معرفة هوية أصحاب هذه الجثامين".