الاحتلال أول المستفيدين

الاحتلال أول المستفيدين

08 اغسطس 2020
نكبة بيروت ليست أكثر من أخبار سارة للاحتلال الإسرائيلي (حسين بيضون)
+ الخط -

نكبة بيروت ونكبة لبنان ليست أكثر من أخبار سارة لدولة الاحتلال الإسرائيلي. فالاحتلال الذي سارع بعد بدء اتضاح معالم الانفجار/ أم هو تفجير، إلى التنصل من أي مسؤولية أو دور له فيما حدث في المرفأ، هو نفسه الذي حاول الاستفادة من جراح ودماء اللبنانيين، لتلميع واختلاق صورة "إنسانية" لدولة تحتل الأراضي وتهدد بإعادة البلد إلى العصر الحجري. لكن لحظات ذرف دموع التماسيح على ضحايا بيروت ولبنان لم تطل، فكل شيء يعود لأصله، وأصل دولة الاحتلال هو العنصرية والقتل والتحريض.

بسرعة كبيرة انتقلت المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال، بعد "كذبة" جنرالين في حكومة الاحتلال، لهما باع في قصف المدنيين في دول عربية عدة، بعرض المساعدات، إلى إحصاء فوائدها وما يستفيده الاحتلال من مصاب لبنان في كارثة بيروت، أولها أن ميزان القوى الإقليمي سيتحسن لصالح دولة الاحتلال، وأن "حزب الله" لن يكون قادراً في الوقت القريب على توجيه ضربة للاحتلال، واستنزاف أعصابه وتمديد حالة التأهب القصوى على الحدود، ونقل قواته من مكان إلى آخر على امتداد الحدود مع لبنان. لكن أهم ما يعني الاحتلال في مصيبة لبنان، ليس فقط مسألة "حزب الله"، بقدر ما يعنيه أن الكارثة تتيح للاحتلال التسلل بقوة أكبر من خلال الدول الأجنبية في فرض الشروط الأقسى على لبنان، في سياق برامج إعادة إعمار بيروت ومرفئها، وتغذية استقطاب جديد في صفوف الشعب اللبناني، الذي أظهرت انتفاضة أكتوبر/ تشرين الأول بوادر التفاف الشعب على تقسيماته المذهبية والطائفية، نحو بلورة وحدة وطنية في الشارع اللبناني ضد نظام الحكم الطائفي في لبنان، وضد دولة الطوائف والمليشيات الخارجية التبعية والانتماء.

هذه ستكون ملامح التدخل المرتقبة للاحتلال عبر حلفائه خارج لبنان، من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، لفرض شروط إسرائيل على النظام القادم في لبنان، أو ربما تكريس بقاء النظام الحالي مقابل القبول بهذه الشروط، ووأد وقتل أي أمل في الانتفاضة، على الرغم من المأساة. تاريخ لبنان يعلمنا أنه سيلملم جراحه وآلامه وسينهض مجدداً. سيستغرق ذلك وقتاً، وسيفرض ذلك مواجهات بين الشعب اللبناني، وبين من جثموا ويجثمون على صدره بفعل مسوغات باطلة، طائفية ومذهبية وسياسية لا غاية منها إلا مواصلة نهب خيرات البلد وقمع أبنائه. لكن كل هذا سيكون مرهوناً أيضاً بيقظة شعب لبنان وتفويت محاولات سلخه عن هويته وتاريخه تحت شرط/ شعار "النأي بالنفس" تحقيقاً لرغبات الاحتلال.

المساهمون