الاحتفاء بأي كلام

الاحتفاء بأي كلام

19 أكتوبر 2018
عمل لـ ساسان ناصرنيا
+ الخط -

ما إن يرى المتابعون العرب مسؤولاً غربياً يُدلي بتصريحاتٍ بالفصحى، أو يَرطَن بالدارجة كلماتٍ، حتى يطلقوا ألسنتهم إطراءً، كما لو كان الأمر حدثاً. آخر الأمثلة خطابٌ في "الأمم المتحدة" استهلته وزيرةُ الخارجية النمساوية كارين كنايسل ببضع جُمل عربية.

وقد حَظيت باحتفائية عارمة، نجد أنها مبالغٌ فيها. فلم تنطق الوزيرة بسوى عدد من العبارات البسيطة التركيب، السطحية المضمون، وهي إلى ذلك، تعجُّ بأخطاء في الصرف والنحو، قد لا يرتكبها تلميذ عربي في صفوفه الأولى. جملٌ، كما تقول بعض العاميات: "أي كلام".

ولو قارنّا بين هؤلاء المسؤولين الغربيين، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد، بملايين العرب الذين يتقنون اللغات الأجنبية ويتصرّفون فيها تصرّف المقتدرين، لَعجبنا كيف لا يُحتفى بأبناء الضاد، حين يتألقون بلغات غيرهم. ونتساءل لم لا تقام لهم مثل هذه الاحتفاليات؟ علماً أنَّ لغالبية المسؤولين العرب، ضرورةً، من اللغات الأجنبية نصيباً وافراً. بل إنّ بعضهم يجعل من ذلك الإتقان رأسماله الرئيس، على حساب العربية، لغته الأم، وهذا أيضاً من الخَطل.

لا يكون تقييم الكفاءة التواصلية فقط بمدى الاستخدام الخادع للغات الأجنبية، وإن كان استعمال غربيٍّ للضاد مما يُطرب وجدانَنا. فاحتفاءُنا بتصريحات الأجانب بلغتنا انعكاس لجزءٍ من أزمة الهوية لدينا. ويلذُّ للبعض أن يلعب على هذا الوتَر. وهو حساسٌ.

المساهمون