الاحتجاجات تحاصر فوسفات تونس... من الإنتاج إلى الاستيراد

الاحتجاجات تحاصر فوسفات تونس... من الإنتاج إلى الاستيراد

20 يوليو 2020
مطالب بتشغيل العاطلين عن العمل في قطاع الفوسفات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تحوّلت اعتصامات طالبي العمل في منطقة الحوض المنجمي إلى تهديد جديّ لكيان شركتي فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي اللذين يواجهان خطر الانهيار مع اقتراب تونس من الانتقال من خامس منتج عالمي للفوسفات إلى مستورد لهذه المادة. 
وأعلنت وزارة الطاقة والمناجم رسميا الخميس الماضي، أن الوضع في شركة الإنتاج الحكومية لن يتحمل المزيد بعد تعطل الإنتاج بصفة شبه كاملة خلال شهر يوليو/تموز الجاري. 
وقالت الوزارة في بلاغ رسمي لها إن نقل الفوسفات (الخام) عن طريق القطارات توقف بصفة كاملة نتيجة اعتصامات طالبي الشغل، وقد أدى ذلك إلى تراجع مستوى المخزون بمصانع المجمع الكيميائي التونسي إلى أدنى مستوياته مما يدفع المجمع إلى إيقاف وحداته الصناعية بصفة كلية في ظرف يومين.
وتزامن إطلاق وزارة الطاقة لصافرة الإنذار مع تقديم المجمع الكيميائي (شركة حكومية) لأول مرة في تاريخه بطلب للحكومة للسماح له باستيراد كميات من الفوسفات بغاية تحويلها والإيفاء بالتزاماته تجاه زبائنه في الأسواق الدولية.
أكد وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، محمد عبو، يوم الجمعة الماضي، أن المجمع الكيميائي طلب رسميا من الدولة الترخيص له لاستيراد الفوسفات. 
وقال عبوّ إن المجمع الكيميائي لا يحتكم على مخزونات من الفوسفات وهو متخوف من عدم تلبية الطلبيات للزبائن منبها من تداعيات تعطل إنتاج الفوسفات على الاقتصاد المحلي.

ويواجه المجمع الكيميائي صعوبات كبيرة بسبب نفاد مخزوناته من مواد الفوسفات الأولية نتيجة عدم قدرة شركة فوسفات قفصة على استخراج الخامات من الحوض المنجمي ونقلها إلى مراكز التحويل للمجمع.
وقال المكلف بالإعلام بشركة فوسفات قفصة، علي الهوشاتي، إن المجمع الكيميائي يطلب سنويا من شركة فوسفات قفصة توفير احتياطات لا تقل عن 6 ملايين طن من المواد الأولية، غير أن الشركة عاجزة عن توفير هذه الكميات بسبب صعوبات عديدة تواجهها.
وأفاد الهوشاتي في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن تواصل الاحتجاجات ووقف العمل في منطقة الحوض المنجمي يهددان عمل شركتي فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي، مشيرا إلى أن تونس فقدت موقعها في قائمة الدول المنتجة لهذه المادة بسبب صعوبات في الإيفاء بالتزاماتها تجاه زبائنها والأسواق التي لا تزال تتعامل معها.
وأكد أن معدل احتياطي المواد الأولية الذي يتم نقله للمجمع الكيميائي في السنوات التسع الأخيرة يتراوح بين 2.5 و3.5 ملايين طن، وهو ما يؤثر على الصناعات الكيميائية التحويلية ومختلف أنشطة المجمع، فضلا عن تأثير ذلك على تزويد السوق المحلية من الأسمدة الزراعية.
وأضاف المسؤول بشركة فوسفات قفصة: أن تونس تحتكم على مخزون كبير من الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي ومناجم أخرى يمكن استغلالها غير أن اختلال التوازنات المالية للشركة يحول دون تجديد معدات الحفر والمغاسل وأسطول النقل. 
وتنقل صخور الفوسفات عن طريق السكك الحديدية إلى مواقع المعالجة الموجودة في صفاقس والصخيرة وقابس ومضيلة لاستخدامها كمواد خام في إنتاج حمض الفوسفوريك والأسمدة من قبل المجمع الكيميائي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ورجّح مصدر مسؤول بالمجمع الكيميائي أن تتراجع كميات الفوسفات المحوّلة خلال العام الحالي إلى أكثر من 50 في المائة نتيجة تباطؤ استخراج المواد الأولية والتحويل بسبب جائحة فيروس كورونا، مشيرا إلى أن الشركة ستضطر إلى الاقتراض لمواجهة المصاريف والخسائر التي ستترتب عن تراجع نشاطها.
وقال ذات المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد" إن المجمع كان يتوقّع هذا العام أن ترتفع الكميات المحوّلة إلى حدود 5 ملايين طن، غير أن تباطؤ الإنتاج في مواقع استخراج الفوسفات بالمغاسل وعدم حصول المجمع على الكميات اللازمة سيؤدي إلى مراجعة أهداف الشركة، مؤكدا أن الإنتاج هذا العام لن يتجاوز 2.6 مليون طن.
وأضاف أن مخزونات الفوسفات القابل للتحويل نفدت بسبب صعوبات تحول دون وصول قطارات الفوسفات من الحوض المنجمي إلى مراكز التخزين التابعة للمجمع، مؤكدا أن تواصل تراجع المخزونات يدفع الشركة إلى توريد المواد الأولية للالتزام بتعهداتها تجاه زبائنها الخارجيين ولا سيما السوق الهندية.
وكان المجمع الكيميائي ينوي تحويل 5 ملايين طن من الفوسفات هذا العام معوّلا على مخزونات من الفوسفات مقدرة بنحو 3 ملايين طن زيادة على الكميات التي ستوفرها المغاسل، غير أن تباطؤ الإنتاج بسبب فيروس كورونا قد ينزل بالإنتاج إلى النصف، حسب المصدر.
وتناقش الشركة خطوط تمويل من أجل تحسين وضعها المالي ومجابهة الخسائر المترتبة عن تباطؤ الإنتاج كما تقدمت المؤسسة بطلب للحصول على 150 مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية و50 مليون دينار من بنوك محلية ستوجه لتسديد أجور الموظفين ودعم القطاع الفلاحي.
وقال الخبير الاقتصادي، محسن حسن، إن الإضرار المباشر بمؤسستي فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي بات يهدد مواطن الشغل الأساسية فيهما.
وشدد حسن في تصريح لـ"العربي الجديد" على ضرورة بحث حلول عاجلة لإنقاذ هاتين المؤسستين وتفادي فقدان الوظائف فيهما، مشيرا إلى أن وقف نزيف تعطيل الإنتاج بات أولوية قصوى خصوصا في ظل الأزمة السياسية والمالية التي تمر بها البلاد.

المساهمون