Skip to main content
الاتفاق العسكري الإيراني السوري: حصانة ضد انقلاب روسي محتمل؟
ريان محمد
تسعى إيران لإبقاء مليشياتها في سورية (أحمد الربيعي/فرانس برس)



بعد سبع سنوات من تدخل إيران العسكري في سورية، دعماً لنظام بشار الأسد، عبر مليشيات من المرتزقة الإيرانيين والأفغان والعراقيين، وتحت ازدياد الضغط الدولي لطردها من سورية، أو على الأقل إبطال وجودها العسكري، وقع وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، يوم الاثنين الماضي في دمشق، اتفاقية تعاون عسكري مع نظيره السوري على عبدالله أيوب، اعتبرها متابعون محاولة لشرعنة وجود إيران على الأرضي السورية في المرحلة المقبلة.

وفي وقت مرت به وكالة الأنباء "سانا" التابعة للنظام، على خبر توقيع اتفاقية التعاون العسكري من دون تفاصيل تذكر، قال حاتمي، في تصريح صحافي لوكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، إن "الاتفاقية تهدف إلى تعزيز البنى التحتية الدفاعية في سورية، التي تعتبر الضامن الأساسي لاستمرار السلام والمحافظة عليه، كما تسمح بمواصلة الوجود والمشاركة الإيرانية في سورية.

وتوسع وزير الدفاع الإيراني في الحديث عن الاتفاقية التي وقعها، في مقابلة مع قناة "الميادين" الفضائية المحسوبة على إيران، قائلاً إن "أهمّ بند في هذه الاتّفاقية هو إعادة بناء القوات المسلحة والصناعات العسكرية الدفاعية السورية، لتتمكّن من العودة إلى قدرتها الكاملة"، مضيفاً أنه "من خلال هذه الاتفاقية مهّدنا الطريق لنبدأ بإعادة بناء الصناعات الحربية السورية، وهي تشمل أي شيء تعلن الحكومة السورية أنها بحاجة إليه لحفظ أمنها وتستطيع إيران أن تقدّمه". حاتمي، الذي اعتبر أن الوضع في سورية اليوم "أفضل بكثير"، قال إن "الحرب لم تنته بعد، لذلك يجب أن تستمر المواجهة حتى تطهير كل الأراضي السورية، وأعتقد أننا لسنا بعيدين عن هذا اليوم". وكان المسؤول العسكري الإيراني قد وصل إلى دمشق يوم الأحد الماضي، في زيارة استمرت يومين، التقى خلالها رئيس النظام بشار الأسد وعددا من مسؤولي النظام على رأسهم نظيره علي عبدالله أيوب.

من جانبه، قال المتحدث باسم "هيئة التفاوض العليا" المعارضة يحيى العريضي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "عندما تتلطى روسيا بما تسميه سلطة شرعية سورية، فمن الحري بإيران أن تعمل للحصول على هذه المظلة، وخاصة أن إخراجها من سورية بات مطلباً ليس من قبل إسرائيل بل من أميركا وكل من يدور في فلكها، من هنا تأتي زيارة وزير الدفاع الإيراني الأخيرة، وتوقيع تلك الاتفاقات".



وأضاف "لا نريد التحدث عن شرعية وعدم شرعية النظام، الذي فقد عملياً شرعيته بقتل شعبه، وما يبنى على باطل فهو باطل"، موضحاً أن "كل التوجهات تسير نحو خفض التوتر وإنهاء حالة الحرب في سورية، وأهم من يريد ذلك هو حليف إيران في سورية وتحديداً روسيا، فهي لا تمانع خروجها إلا أنها مربكة اتجاه هذا الموضوع، فمن ناحية تحتاجها ميدانياً على الأرض، ومن ناحية أخرى تريد تلبية المطلب الاسرائيلي الأميركي، وهي تبتزهما بوجود إيران، وتبتز الأخيرة بسبب عدم وضوح التصميم في موقفها من الخروج، لكي تنفرد لاحقاً هي والكبار وتحديداً أميركا بالساحة السورية".

وتابع "من جانب آخر أرى أن استمرار تواجد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، هو الوصفة الأنجع لاستمرار التوتر، والعائق أمام الرئيس الروسي لإعلان نصره في سورية، وأصبح من المعروف أن كل يوم إضافي للتواجد الايراني، هو يوم إضافي لبقاء النظام، والعالم من ناحية أخرى متمزق بين إنهاء منظومة النظام وروافعها، وبالدرجة الأولى إيران، وبين الإبقاء على المنظومة التي يبدو استمرارها مستحيلاً، مع ملفات إجرامها غير القابلة للإغلاق". ولفت إلى أنه "من جانبنا نريد كل القوات الأجنبية أن تخرج من بلادنا، وتحديداً تلك المنظومة الاستبدادية التي قتلت السوريين ودمرت بلدهم، وهذا ينطبق على كل من ساعد هذه المنظومة للقيام بذلك، وإن كان لدينا حق على الأمم المتحدة، بحكم القانون الدولي وحقوق الإنسان، ورعاية المجتمع الدولي للسلم العالمي، أن يغفروا لتلك الدول ذنوبها وانتهاكاتها بحق السوريين، وأن يساعدوا ويمكنوا السوريين لاستعادة بلدهم ووضعه على سكة الحياة، فيريحونا ويرتاحوا بخروجهم". ولفت إلى أن "توقيع إيران على هذه الاتفاقات مع النظام، لن يؤثر أو يضعف من المطالبة بخروجها من سورية، بل أعتقد أنها خطوة استفزازية وستسرع من خروجها".

مصادر معارضة في دمشق، رأت في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "إقدام إيران على توقيع هذا الاتفاق هو لإعادة بناء الجيش التابع للنظام، ويحمل العديد من المخاطر وقد يؤدي إلى صراعات إضافية داخل النظام، وتوتر العلاقات بين الايرانيين والروس".

وأضافت أن "الإيرانيين منذ أن تدخلوا في سورية كانت أدواتهم هي مليشيات من المرتزقة، كاللجان الشعبية التي تطورت إلى الدفاع الوطني، أو مذهبية عقائدية كحزب الله والفصائل العراقية، مهملة المؤسسة العسكرية التي دفعتها إلى درجة ثانية وأحياناً ثالثة في العمل العسكري. وبدأت مليشيات إيران تستقبل عناصر القوات الحكومية الباحثين عن رواتب أعلى أو وجبات غذائية أفضل، ما زاد من ضعف المؤسسة العسكرية، أما الروس فمنذ تدخلهم عسكرياً في النصف الثاني من عام 2015، كان تركيزهم الرئيس على القوات النظامية والاستخبارات العسكرية".



وتابعت المصادر "ومع ازدياد التدخل الروسي، بدأ العمل على ترميم النظام وقواته ومحاولة التخفيف من مستوى الفساد بداخله، فاليوم هناك لجان عسكرية روسية تقوم بمهمة التفتيش عن القطع العسكرية التابعة للنظام، وعملوا على إيجاد تشكيلات جديدة مثل قوات الحماية الذاتية، وآخرها الفيلق الخامس اقتحام، وجعلت بند الالتحاق به شرطا في كل التسويات التي فرضت على مناطق المعارضة من حلب وحمص والقلمون ودمشق وريفها وصولا إلى الجنوب السوري".

ورأت أن "الصراع الروسي الإيراني واضح داخل النظام، إذ يمكن أن تلمس الولاءات المختلفة داخل النظام، وإن كان حلفاء إيران داخل النظام يريدون إعطاءها ورقة قوة جديدة علها تحصّل بعض المكاسب، فهذا سيكون مستفزاً للروس وقد يعجل بالتخلص منها في سورية، ولا ندري كيف يظهر هذا الصراع، فقد يحدث حركة داخل القوات النظامية للقضاء على أزلام إيران داخلها، لكن بكل الأحوال إن هذا الاتفاق سيحرج الروس أمام المجتمع الدولي وسيزيد من الضغط عليها".

وذكرت أن "الايرانيين قد يكون لهم نفوذ في الفرقة الرابعة التي يرأسها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام بشار الأسد، إضافة إلى بعض ألوية الحرس الجمهوري، فضلاً عن شعبة الاستخبارات العامة، لكن تبقى غالبية القوات النظامية ميالة إلى الروس أكثر، لأسباب عقائدية وقومية".

وأنهت المصادر "أي تطوير للعتاد سينفذه الايرانيون في سورية، فالروس والأميركيون قد أعطوا إسرائيل الحق بضرب أي هدف إيراني أو يتبع لمليشياتها بأي منطقة في سورية، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الدول الفاعلة لديها قرار منجز في عدم السماح لإيران بتأسيس تواجد عسكري لها هنا، وبالتالي نعتقد أن الاتفاقية ليست أكثر من ورقة إعلامية تحاول إيران من حلالها تحسين وضعها التفاوضي للخروج من سورية".