الإمارات... "منجم الذهب" لشركات المرتزقة

الإمارات... "منجم الذهب" لشركات المرتزقة

لندن

العربي الجديد

العربي الجديد
28 مارس 2018
+ الخط -


"من بين 60 إلى 80 في المئة من القوات المسلحة الإماراتية، البالغ عددها 60 ألف جندي - سيستجيبون لأول نداء من أحد مشايخ مكة، ولو علم الإماراتيون ما أفكر به لرجموني بالحجارة".

هذه كانت مقولة ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، في العام 2007، بحسب وثائق "ويكليكس"، إيذاناً ببدء التواجد الضخم لشركات المرتزقة الأجنبية في الخليج العربي، عبر بوابة الإمارات، نتيجة عدم ثقة حكام هذا البلد بشعبه، وخوفهم من أن تكون الانتماءات الإسلامية للمواطنين، سلبية على حكمهم.

فقد وجدت شركات المقاتلين المرتزقة الغربية نفسها، بعد الانسحاب الأميركي من العراق وتراجع العمليات القتالية الأميركية حول العالم في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، عاطلة عن العمل، وغير قادرة على سداد رواتب جنودها، ما اضطرها إلى تسريحهم، قبل أن تقع على "منجم الذهب" الإماراتي، الذي تغذيه مخاوف محمد بن زايد من الإسلاميين. هكذا، لجأ إيريك برينس، مؤسس شركة "بلاك ووتر" ذات السجل السيئ والحافل بالجرائم في العراق، إلى دولة الإمارات وأقام فيها، هرباً من ملاحقات قانونية ضده في الولايات المتحدة، وأسسّ بالتعاون مع بن زايد، شركةً قتالية جديدة اسمها "ريفلكس ريسبونسز" أو "R2"، بتمويل إماراتي كامل بلغت قيمته 529 مليون دولار.

بدأت الشركة الناشئة، التي تشكل قوامها من ضباط وجنود مرتزقة سبق لهم أن خدموا في العراق وأفغانستان، في حماية المنشآت الإماراتية، وعلى رأسها حقول النفط، بالإضافة إلى حماية القصور الرئاسية والإدارات الحكومية وناطحات السحاب في أبوظبي ودبي، حيث استقدمت الإمارات عبر هذه الشركة المئات من الجنود الكولومبيين والأفارقة والأوروبيين، وأسكنتهم في معسكر الشيخ زايد في قلب الصحراء، ودرّبتهم على أيدي ضباط بريطانيين وأميركيين متقاعدين، بينما استمرت "بلاك ووتر"، التي تحول اسمها إلى "إكس سيرفيسز"، ثم إلى "أكاديمي"، بالتعاون مع الحكومة الإماراتية أيضاَ.



وشكّلت ثورات الربيع العربي نقلةً نوعية لشركات المرتزقة، حيث تعاونت الإمارات مع شركة "Saracen International Ltd" الأفريقية، للعمل على حماية بعثاتها في الصومال وأفريقيا، تحت شعار "حماية السواحل الصومالية من القرصنة"، كما قامت بتكليفها بحماية الموانئ الأفريقية التي تسيطر عليها شركة "موانئ دبي"، والقيام بمهمات قتالية غامضة لصالح الإمارات في ليبيا ومصر، حيث تولى رئيس شركة "بلاك ووتر" مهمة التوسط بين محمد بن زايد وبين هذه الشركة الأفريقية المجهولة.

وجاءت حرب "عاصفة الحزم" التي أعلنتها السعودية مع الإمارات ضد مليشيات الحوثي المسلحة والرئيس الراحل علي عبد الله صالح، لتزيد من تواجد الشركات الأمنية في المنطقة، حيث عمل مستشارو شركات المرتزقة، وعلى رأسها "بلاك ووتر"، في اليمن، كخبراء عسكريين، وجنود شاركوا في المعارك الضارية على الحدود اليمنية السعودية، وفي مناطق وعرة مثل صعدة ونجران. كما ظهرت تقارير عن مقتل عدد من هؤلاء المرتزقة في مدن يمنية، مثل تعز، وهو ما أدى إلى انسحاب جزء كبير منهم، ورفضهم خوض هذه الحرب الدموية.

ولم يكتف الإماراتيون باستغلال علاقتهم الحسنة مع الشركات الأمنية، التي ثبت تورطها في جرائم حرب حول العالم في العراق وأفريقيا، بل استطاعوا إقناع جنود شركة "بلاك ووتر" بخطة لغزو قطر، وإسقاط نظامها بالقوة، على غرار ما يحدث في جمهوريات الموز، لكن سلسلةً من الظروف أدت إلى طيّ هذه الخطة وإعادة خططها إلى الأدراج المغلقة.

قوة ضاربة لبن سلمان

ومع صعود نجمه كولي العهد وكحاكم فعلي في السعودية عقب إطاحته بابن عمه ولي العهد السابق محمد بن نايف، وفرض الإقامة الجبرية عليه، استعان محمد بن سلمان، نجل الملك سلمان بن عبد العزيز، بالشركات الأمنية لفرض حكمه، ولإسقاط ما تبقى من رموز الأسرة الحاكمة الأقوياء، وعلى رأسهم متعب بن عبد الله آل سعود، نجل العاهل السعودي الراحل، ووزير "الحرس الوطني"، أحد أكبر الأجهزة الأمنية في البلاد، والتي يتكون قوامها من 100 ألف مقاتل قبلي. وساهم مرتزقة "بلاك ووتر" الذين قدمهم محمد بن زايد لبن سلمان، في اعتقال أفراد الأسرة الحاكمة أثناء حملة الاعتقالات الشهيرة في فندق "ريتز كارلتون".

ووضع المرتزقة التابعون لشركة "بلاك ووتر" في مبان منفصلة عن تلك التي يقيم فيها الجنود السعوديون، حيث كان بن سلمان يخشى اختلاطهم، كما أن حملة الاعتقالات لم تكن لتتم من دونهم، بسبب وجود روابط أسرية وقبلية بين الجنود السعوديين وبين المعتقلين من الأسرة الحاكمة أو خارجها، ما يؤدي إلى فقدان ميزة مهمة لأجهزة بن سلمان الأمنية في مواجهتها للأسرة الحاكمة، وهي السرية والسرعة.


عدد العناصر الأمنية الخاصة والنظامية في بعض البلدان 



إدارة السجون وتعذيب

ويدير المرتزقة التابعون للشركات الأمنية الخاصة السجون في الإمارات والسعودية، كما يقومون بعمليات تعذيب المعارضين من سياسيين ومثقفين ورجال الأعمال، والمشتبه فيهم بتهم الإرهاب الذين تحتجزهم السلطات. ويتقاضى هؤلاء المرتزقة رواتب تترواح بين 1500 وثلاثة آلاف دولار، وهي رواتب تُعد متواضعة، بالنسبة للدول النفطية الغنية التي تدفعها.

ولا يقتصر وجود الشركات الأمنية الأجنبية في دول الخليج، على الحروب وحملات الاعتقال والتعذيب، بل يمتد إلى دورها في حماية الأبراج والمصارف والأعمال المتواجدة فيها، مع عدم وجود قانون يمنعها من العمل، حيث تعمل هناك شركة "جي فور أس" (G4S) للخدمات الأمنية، رغم سمعتها السيئة في التعامل مع عدد من الملفات حول العالم، أبرزها قيامها بإدارة السجون الإسرائيلية، ونقاط التفتيش حول المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى فضائحها المتكررة بالتعامل مع المهاجرين في بريطانيا.

وتعاقدت السلطات السعودية مع شركة "جي فور أس" للخدمات الأمنية لحماية الأراضي المقدسة في مكة والمدينة، كما أن الشركات والمصارف تقوم بالتعاقد مع هذه الشركة لحماية منشآتها في كافة المدن في المملكة.




كما تعمل هذه الشركة على نطاق واسع في الكويت والإمارات، حيث تقوم بحماية مطار الكويت، كما تقوم بحماية أغلبية المصارف والمجمعات الكويتية، وتمتلك عقودا ضخمة مع الشركات الكويتية الخاصة والحكومية، وسبق لنواب في البرلمان الكويتي ونشطاء المجتمع المدني، أن قدموا وثيقة طالبوا فيها سلطات بلادهم بإيقاف التعامل مع هذه الشركة.

ذات صلة

الصورة
جماهير سعودية لـ"العربي الجديد": هذا ما نريده من منتخبي قطر والأردن

رياضة

وجهت بعض الجماهير السعودية رسائلها عبر "العربي الجديد" إلى منتخبي قطر والأردن، بعدما ضمنا الحضور في نصف نهائي بطولة كأس آسيا.

الصورة

سياسة

توفي أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الصباح، اليوم السبت، بعد 3 سنوات من الحكم مرّت بالعديد من التحديات الداخلية والخارجية، ودور لافت في مسيرة البلد الديمقراطية.
الصورة

منوعات

أطلق روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت، حملة "جهّز كوفيتك وتعال شجّع" لمؤازرة المنتخب الفلسطيني أمام نظيره الأسترالي وحشد الجماهير الكويتية من أجل حضور المباراة، المقرر إقامتها على استاد جابر الأحمد الدولي، الثلاثاء المقبل.
الصورة

منوعات

أثار كاريكاتير نشرته صحيفة الراي الكويتية، الأحد، استياء الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت، الذين انتقدوا الصحيفة بسبب الكاريكاتير الذي وصفوه بـ"المسيء" لموقف الدولة الرسمي والشعبي من دعم القضية الفلسطينية.

المساهمون