الإعلام المصري... هل قلت حرية؟

الإعلام المصري... هل قلت حرية؟

20 أكتوبر 2016
اعتفالات ورقابة وصرف للصحافيين (العربي الجديد)
+ الخط -
"أسوأ وزيرة استثمار عرفتها مصر".. تلك كانت العبارة التي أطاحت بالإعلامية رانيا البدوي بعد أولى حلقاتها في برنامج "كل يوم" مع الإعلامي عمرو أديب على إحدى الفضائيات الخاصة، بعد انتقادها الأداء الحكومي لوزيرة الاستثمار داليا خورشيد، مما ترتب عليه إلغاء تعاقدها مع القناة عبر بيان صحافي.
وعن هذه الواقعة أصدر "المرصد العربي لحرية الإعلام" بياناً تساءل فيه "إلى أي مدى تعكس هذه الواقعة مساحة الحرية المتاحة للإعلام الآن؟ وهل أصبح نقاش الأداء الحكومي والتنفيذي جريمة تستحق الطرد والإيقاف".
وأكدت فاطمة سراج، المحامية ومسؤول برنامج حرية الإعلام بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن قرار إيقاف المذيعة رانيا البدوي ليس بسبب إخلالها بأحد بنود ميثاق الشرف الإعلامي ولا تشهيرًا بشخص الوزيرة كما ذكر البيان الذي أصدرته القناة، بل كان بسبب انتقادها أداء الوزيرة، معربة أن لالبدوي كامل الحق في رفع دعوى قضائية ضد القناة، لفسخها هذا التعاقد بهذه الطريقة، لما في ذلك من إجحاف لحقها الإعلامي في التعبير عن وجهة نظرها وإبداء ملاحظاتها على أداء أي مسؤول ومناقشة أي قضية، بل يمكن لها الحصول على تعويض من القناة بعد إلغاء هذا التعاقد.
وأشارت سراج، في تصريحات للمرصد، إلى أن قرار الإطاحة لا تمكن قراءته منفصلًا عن سياسة الفضائيات التي أصبحت تنحاز في الفترة الأخيرة للأداء الحكومي وتؤيده، بل يأتي متماشيًا مع فسخ التعاقد مع أي صوت معارض مثلما حدث من قبل مع ليليان داود وترحيلها والإعلامي يسري فودة والإعلامية ريم ماجد، موضحة أن إيقاف رانيا البدوي عن تأدية رسالتها الإعلامية انتهاك جديد وصريح لحرية الإعلام بمصر، ويعكس مزيدًا من التضييق على الحريات الخاصة بالفكر والتعبير، ولم تكن البدوي سوى كبش فداء لصالح مواءمات سياسية أكبر تسير في طريقها سياسة القناة الفضائية بصفة عامة.
من جانبه قال عضو جبهة الدفاع عن الصحافيين أبو المعاطي السندوبي: إن الإطاحة بالإعلامية رانيا البدوي تؤكد أنه لا فصل بين وسائل الإعلام والسلطة السياسية، وتؤكد سيطرة الأخيرة على جميع القنوات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، خاصة المرئية؛ لما لها من تأثير كبير في تشكيل الرأي العام.
وأضاف للمرصد، أنه ليس قرارًا فنيًّا يرتبط مثلًا بخروج البدوي عن قواعد العمل المهني أو ميثاق الشرف الإعلامي، بل على العكس كانت تمارس دورها كإعلامية تنتقد الأداء الحكومي لوزيرة الاستثمار، ولم تتجاوز في حق شخصها، ولم تمارس أي نوع من السب والتشهير بها، بل كانت جميع ملاحظاتها تتعلق بالأداء السلبي للوزيرة وغياب دورها الحقيقي في تنمية عملية الاستثمار بمصر، مما يؤكد أن قرار القناة كان سياسيًّا، ويثبت أن الدولة تدير الإعلام المرئي بشكل خفي وغير معلن.
وأكد السندوبي أن الإطاحة بالمذيعة هو اتباع لسياسة «قطع العيش» ونوع من التخويف وإثارة الهلع، حتى لا يجرؤ أي صحافي وإعلامي على انتقاد الحكومة.
وأوضح أن هذا المناخ المقيد للحريات يثبت أن مصر تعيش عصر ديكتاتورية حقيقية، وفقًا للتوصيف العلمي والتاريخي الدقيق لمجريات الأمور على أرض الواقع، فالأنظمة الديكتاتورية لا تقبل أي أصوات معارضة تناقش أو تنتقد أداء السلطة التنفيذية بكل درجاتها، بدءًا من رأس السلطة إلى موظفة بدرجة وزيرة في هذه السلطة.
وأشار أبو المعاطي السندوبي إلى أن سياسات الصوت الواحد التي يتبناها النظام الحالي تشبه سياسات القرن التاسع عشر، ولن تنجح في عصر بهذا التطور التكنولوجي، فمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت وسيلة أصوات تعبر عن الواقع بشكل صادق، في ظل وسائل إعلام حالية تفصلنا عن الواقع.
على الجانب الآخر أوضحت القناة موقفها في بيان رسمي، جاء نصه كالتالي "تؤمن شبكة قنواتON TV بأن المبادئ الإعلامية وقيم وشرف هذه المهنة لا تتجزأ، وتحمل القناة على عاتقها مهمة إعلامية وطنية تعتبرها تحديًّا غير مسبوق في ساحة الإعلام التليفزيوني من خلال الإصرار على تقديم إعلام حر ومستقل يحترم عقل المشاهدين بلا إسفاف أو إسراف أو إساءة أو خرق لأخلاقيات هذه الرسالة النبيلة، وقد نجحت ON TV في أسابيع قليلة من أن تحتل مكانة لدى المشاهدين".
وأضاف البيان: "ارتباطًا بذلك فإن الشبكة تعتذر عما جاء في أحد برامجها من إساءة وتجاوز في حق إحدى الشخصيات العامة، وتؤكد شبكة قنوات ON TV أنها عازمة بكل إصرار على تقديم إعلام شديد الجاذبية والجدية والإمتاع في نفس الوقت الذي نلتزم فيه بالقيم والرقي واحترام المشاهدين. وتم إلغاء التعاقد مع رانيا البدوي".

المساهمون