الأهل يحوّلون أطفالهم إلى مجرمين يعانون من اعتلال نفسي

الأهل يحوّلون أطفالهم إلى مجرمين يعانون من اعتلال نفسي

18 يوليو 2017
هل تعرّض لإساءة في طفولته؟ (آن ماري جاكسون/Getty)
+ الخط -

ربطت دراسة أعدّها باحثون في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا بين نمطين أو أسلوبين من تعامل الآباء مع أطفالهم وبين تحوّل هؤلاء إلى أشخاص يعانون من اعتلال نفسي أو مجرمين خطرين في المستقبل. وعمد الباحثون إلى مقابلة سجناء خطرين وُضعوا تحت مراقبة أمنية مشدّدة، ليكتشفوا أنّ عدداً كبيراً منهم تعرّض خلال طفولته إلى إهمال كامل أو إلى تحكّم صارم من قبل الوالدَين.

وعرّفت الدراسة الشخص الذي يعاني من اعتلال نفسي بأنّه "يعاني من اضطراب عقلي مزمن وسلوك اجتماعي غير طبيعي أو عنيف. ويُعرَف هذا الشخص عادة بانعدام التعاطف لديه وميله إلى التلاعب بالآخرين والإساءة إليهم من دون الشعور بأيّ ذنب". وبيّنت الرابط بين جميع المجرمين الذين يعانون من اعتلال نفسي الذين شملتهم الدراسة وبين تاريخ الإساءة الجسدية أو النفسية التي خبروها في طفولتهم.

من جهته، يتحدّث الاستشاري في الطب النفسي الدكتور جورج رزق من مستشفى نايتنغيل في لندن، عن "افتقار العلم إلى بحوث توضح تأثير العامل الوراثي والعامل السلوكي - أي التربية - على تنشئة الأطفال"، لافتاً إلى "الدور الذي تؤدّيه العوامل الوراثية في تشكّل الأمراض النفسية". يضيف رزق لـ "العربي الجديد": "ندرك أنّ للتربية تأثيرها إلى جانب العامل الجيني، على الرغم من قلّة البحوث في هذا المجال، إذ يصبح الاستعداد للإصابة بالأمراض النفسية أكبر خصوصاً في مرحلة نموّ الدماغ". ويتابع أنّ "الضغوط في المنزل التي تأتي نتيجة التربية تؤدّي إلى تفاقم المشكلة، وأظنّ أنّ ثمّة تداخلاً بين الجينات والتربية، الأمر الذي يدفع الدماغ إلى النموّ بطريقة مختلفة".

في سياق الدراسة المذكورة آنفاً، كتبت الدكتورة أينا غولوغن أنّ "هؤلاء الأشخاص تعرّضوا إلى الإساءة من دون استثناء من قبل ذويهم الذين تولّوا رعايتهم"، مضيفة أنّ "قسوتهم وانعدام الرّحمة في قلوبهم ما هما إلا محاولة لمعالجة الضرر الذي لحق بهم في الماضي، إنّما بطريقة سيئة وغير مناسبة". وشرحت غولوغن أنماط التربية التي اعتمدها أهالي المجرمين المصابين باعتلال نفسي التي تكون إمّا في اللامبالاة الكاملة أو في التحكّم بهم بصورة مطلقة. ولفتت إلى أنّ الأهالي بغالبيتهم يصنّفون في الوسط عادة، لذا ينمو الأطفال بمعظمهم بطريقة طبيعية. وشدّدت غولوغن على أنّ نتائج الدراسة لا تعني إلقاء اللوم على الآباء في كلّ شيء، فثمّة أطفال كثيرون عانوا من تربية فظيعة ولم يتحوّلوا إلى مجرمين يعانون من اعتلال نفسي.

المساهمون