الأنانية في زمن الأزمات... تفسير سايكولوجي

الأنانية في زمن الأزمات... تفسير سايكولوجي

09 يوليو 2020
دعوة للإيثار في بريطانيا (مارك هويت/ Getty)
+ الخط -

أشادت مجتمعات كثيرة حول العالم بجهود متطوعين في أزمة فيروس كورونا الجديد، ومدى تفانيهم في تكريس جهودهم لأجل غيرهم، من دون أن يبخلوا، سواء بأموالهم أو بوقتهم وبتعبهم. لكن، في المقابل، لا يخفى أنّ كثيرين يقفون على ضفة مختلفة تماماً عن هؤلاء المتطوعين، إذ غالباً ما تنتشر الأنانية وحبّ الذات خلال الأزمات.
يذكر تقرير لموقع "بغ ثينك" العلمي المتخصص أنّ خطر فيروس كورونا لم يكن صحياً فقط، بل مثّل اختباراً للشخصية. وهو اختبار أثبت أنّنا "فاشلون" بأدلة عدة، من بينها العنصرية التي تعاطينا بها مع بعضنا البعض والاتهامات المتبادلة والانغلاق على الذات. فمن أين يأتي هذا السلوك الأناني المتفاقم في الأزمات؟ من الطبيعي إلى حد ما أن تفضل نفسك قبل الآخرين، فنحن عادة نسعى إلى تعزيز الأنا. وقد أكد الفيلسوف الإنكليزي، توماس هوبز، منذ القرن السابع عشر، أنّ المصلحة الفردية هي الدافع الأساس للإنسان. لكنّ التصرف بدافع المصلحة الفردية لا يعني بالضرورة أن تكون كلّ حياتنا مركزة عليها، بل يمكن تحفيز السلوك البشري بالقدر نفسه عن طريق الاعتبارات الأخلاقية ومساعدة الآخرين.

تعرّف السيكولوجية أف. ديان بارث الأنانية على أنّها ذات ركيزتين أساسيتين: "الاهتمام بشكل مفرط أو الحصري بالذات" و"عدم مراعاة احتياجات أو مشاعر الآخرين". وهكذا فإنّ معظمنا يختبر هذين الشعورين في لحظات عدة تكثر أو تقلّ. حتى إنّ الوعي الجمعي لا يذمّ الأنانية، بل يربط ما بين الشخصية الأنانية والنجاح. وقد استطلعت دراسة أخيرة من "مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" 5294 أميركياً بالإضافة إلى عدد كبير آخر من الأوروبيين، فأكد 68 في المائة منهم أنّ الأنانية سمة مشتركة لأولئك الذين يجنون مزيداً من المال.
وربما يكون سبب الأنانية عضوياً حتى، إذ اكتشفت دراسة أجراها ليوناردو كريستوف مور، من جامعة "كاليفورنيا" عام 2017، نقطة في الدماغ يمكن أن تجعل الأشخاص أقلّ عطاء. فإذا كانت الأنانية متجذرة في الدماغ، لماذا يبدو البعض كثير الاهتمام بالآخرين؟ تجيب السيكولوجية ليزا ماري بوبي أنّ الذكاء العاطفي هو السرّ: "بعض الأشخاص يملكون ذكاء عاطفياً أكثر من غيرهم، وأحد أعراض ضعفه الانغماس في الذات والتركيز على ما يفكر فيه الفرد وحده وما يشعر به وما يحتاجه وما يريده، بدلاً من الاهتمام بأفكار وحاجات ومشاعر ورغبات الآخرين".

المساهمون