الأمن العراقي كان على علم باستهداف "مجاهدي خلق"

الأمن العراقي كان على علم باستهداف "مجاهدي خلق"

01 نوفمبر 2015
تبحث بغداد نقل "مجاهدي خلق" لأوروبا (ليونيل بونافنتور/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر حكومية عراقية، أمس السبت، عن مؤشرات تُفيد بتواطؤ عناصر أمن عراقيين من الجيش والشرطة مع مليشيات موالية لإيران، باستهداف معسكر حركة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، غربي العاصمة بغداد، ليل الخميس الماضي، والذي أسفر عن مقتل وجرح العشرات من أعضاء الحركة التي تعرّضت لهجمات مماثلة في العامين الماضيين. ويأتي هذا في وقتٍ تسعى فيه الأمم المتحدة إلى إيجاد بلد مضيف ثانٍ للحركة، بسبب رفض حكومة بغداد استضافتها، وتكرار اعتداءات المليشيات الموالية لطهران على مقرّهم الكائن في جوار مطار بغداد الدولي.

وقد أبلغ أحد الوزراء العراقيين "العربي الجديد" أن "التحقيقات الأولية تشير إلى تورط ضباط من الجيش والشرطة بالفرقة السادسة بالجيش ومركز شرطة العامرية في العملية، من خلال تسهيل مهمة دخول الشاحنة المحملة بصواريخ الكاتيوشا إلى ساحة في حيّ البكرية، غربي بغداد، تقع خلف حاجز تفتيش محصن للقوات المشتركة".

ويضيف الوزير أن "الشاحنة دخلت من ست نقاط تفتيش، آتية من حي الشعلة، شمال غربي بغداد، أحد أهم معاقل مليشيات الحشد الشعبي، واستقرت لنحو ساعة، قبل أن تطلق الصواريخ منها، ثم يغادر أفراد المليشيا المكان بسيارات رباعية الدفع". ويلفت إلى أنه "تبيّن أن الشاحنة المستخدمة تعود لمواطن من أحد المناطق في محافظة صلاح الدين التي تعرّضت لعمليات نهب وسلب واسعة، طاولت سيارات ومنازل ومحال تجارية".
وكانت مليشيا "جيش المختار" قد أعلنت عن مسؤوليتها في استهداف معسكر "مجاهدي خلق"، قرب مطار بغداد الدولي، بصواريخ الكاتيوشا، وفقاً لبيان نقلته وكالة "فارس" الإيرانية. وأدّى الهجوم وفقاً للبيان عن مقتل 23 شخصاً وجرح العشرات، بعد سقوط 15 صاروخاً على المعسكر، من أصل 40 صاروخاً تمّ إطلاقها، وسقط معظمها في مناطق فارغة خارج المعسكر، وفي محيط المطار. وتقول المليشيا إنها "تتلقّى التمويل من الحكومة الإيرانية".

اقرأ أيضاً: "جيش المختار" العراقي يتبنى استهداف معسكر لمعارضين إيرانيين 

وتعهّدت بغداد بفتح تحقيق في الحادث، إلا أن عبد الله البصري عضو "الحركة العربية لمناهضة المدّ الإيراني"، وهي حركة شعبية ببغداد، تضمّ عراقيين من "التيار القومي" و"الحزب الناصري"، يؤكّد أن "تعهّد بغداد بفتح تحقيق غير صادق".

ويوضح البصري في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "استهداف أعضاء المعارضة الإيرانية في العراق، دليل على مدى النفوذ والتغلغل الإيراني في العراق، وسوء سلطة الدولة والقانون". ويضيف أن "الهجوم أعقبه نشر تهديدات وتعليقات مناوئة للحركة من أعضاء مليشيات الحشد التي تدين بالولاء لإيران". ويشير إلى أن "تبنّي فصيل مسلّح ضمن الحشد الشعبي العملية بكل صراحة، ومن خلال وكالة أنباء رسمية إيرانية، فيه ما يُغني عن التفسير".

من جهته، يرى عضو البرلمان العراقي محمد الجاف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "العملية محرجة للحكومة وتأصيل للنظرة العامة على العراق، من أنه بات خاضعاً لاحتلال إيراني سياسي وأمني". ويطالب "الحكومة بعدم تسييس الموضوع كما حصل في الهجمات السابقة".

من جانبه، يشدد نقيب بشرطة مركز العامرية، غربي بغداد، على أن "الشرطة والجيش لم يكن بمقدورهم اعتراض المليشيات وليس بالضرورة أن يكونوا قد تورّطوا". ويضيف النقيب لـ"العربي الجديد" أن "أحداً لا يستطيع اعتراض الحشد الشعبي، فيمكن لأصغر مسلّح منهم أن يهين أكبر ضابط، وهذا معروف لكل أهل بغداد، والحديث عن تورّط أو مساعدة الأمن العراقية قد يكون غير دقيق، بل الأقرب إلى إثبات عجزهم عن اعتراض الحشد".

ويُعتبر الاعتداء التاسع من نوعه الذي تتعرّض له الحركة منذ نحو ثلاث سنوات، وقد سبقه ما عُرف إعلامياً بـ"مجزرة أشرف" في 8 أبريل/نيسان 2011، عندما هاجمت المليشيات وقوات من الشرطة مقرّ الحركة في محافظة ديالى. وأدّى ذلك لمقتل العشرات من المدنيين، ما دفع بالأمم المتحدة إلى نقل مقرّ الحركة للمعسكر الجديد في بغداد لحمايتهم، إلا أن الاعتداءات لم تتوقف أيضاً. كذلك أدّى هجوم مسلح للمليشيات على المعسكر في عام 2012، إلى مقتل وجرح العشرات، واتُهم خلالها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، بتسهيل مهاجمة المليشيات للمعسكر المذكور المعروف باسم "ليبرتي".

وتضغط إيران على العراق من أجل طرد أعضاء المنظمة من البلاد، وهو ما تسعى الحكومة العراقية إلى تلبيته من خلال محاولة إقناع دول أوروبية باستقبالهم. وكانت الولايات المتحدة قد أدانت بشدة الهجوم الذي وصفته بـ"الوحشي الإرهابي" على معسكر "ليبرتي". وذكر بيان للخارجية الأميركية "نقدّم تعازينا الحارة ومواساتنا لأسر الضحايا، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين". ويضيف البيان أنه "نحن على اتصال مع كبار المسؤولين العراقيين، للتأكد من قيام حكومة العراق بتقديم جميع المساعدات الطبية والطوارئ اللازمة للضحايا. كذلك نحث الحكومة العراقية على توفير الحماية الأمنية الإضافية لسكان المخيم، والعثور على الجناة ومحاسبتهم عن الهجوم، وذلك بما يتفق مع التزاماتها بموجب اتفاق 25 ديسمبر/ كانون الأول 2011 مع الأمم المتحدة".

اقرأ أيضاً: بغداد عاصمة للمعارضات العربية الحليفة لإيران

المساهمون