الألوان فضيحتنا

الألوان فضيحتنا

12 مارس 2015
الاحترام الكاذب للعمال لم يدم طويلاً (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يمكن وصف الإهانة التي وُجهت إلى عمال النظافة في الأردن، الذين يُطلق عليه في تكريم كشف زيفه "عمال الوطن"، سوى بالفضيحة. فضحية تكشف عنصريتنا المزمنة، ونظرتنا الدونية لوظيفة ينقذنا العاملون فيها من الغرق في نفاياتنا، وفضيحة تكشف كذبنا ونفاقنا. حافظ العمّال، الذين بات الأردنيون يشكلون غالبيتهم العظمى، في المهنة التي كانت حكراً على العمالة الوافدة، انسجاماً وثقافة العيب الاجتماعي التي كسرت، في زيهم البرتقالي على التكريم والاحترام الكاذب والذي كشفت هشاشته، وخلال الحملة التي أطلقها شقيق الطيار الحربي معاذ الكساسبة الذي أعدمه تنظيم (داعش) حرقاً، الهادفة إلى تغيير لون زي عمال النظافة البرتقالي لاقترانه في خيال الأردنيين باللون الذي يلبسه التنظيم لضحاياه، كانوا أيضاً محل التكريم والاحترام الكاذب، الذي لم يدم طويلاً.

استمرّ التكريم والاحترام، حتى قررت الجهة المعنية بهم، تغيير لون زيهم البرتقالي إلى اللون التركواز، المشابه للون زي فريق الفيصلي لكرة القدم المصنف عنصرياً كممثل للمكون الشرق أردني، لتنطلق حملة رافضة للقرار من قبل إدارة الفريق وجمهوره، المتخوف أن يصبح لون زي العمال سبباً في الغمز واللمز ضد أحد أهم أقطاب الكرة الأردنية، الذي يخوض مع فريق الوحدات وجمهوره المصنف عنصرياً ممثلاً للمكون الأردني من أصول فلسطينية، حرباً تاريخية كروية وكلامية تزل غالباً إلى مستوى التشهير البذيء.

في لمح البصر تم التراجع عن اللون التركواز، ليعتمد اللون الزيتي المشابه للون زي فريق الوحدات، والذي لم تحتج إدارته حتى الآن، والتي من المتوقع ألا تحتج بعد أن دشّن جمهورها حملة غير بريئة جداً يفتخر فيها بأن يلبس عمال النظافة لون فريقه، في تصيد وفضح واضح لاحتجاج إدارة الفريق الخصم.

شكراً للألوان لقدرتها على تبيان لوننا الحقيقي، الذي لم تخفِه محاولات طمسه المستمرة، لوننا الأسود الذي يختصر كراهيتنا وعنصريتنا، شكراً لعمال النظافة الذين يكذب الغالبية عندما يصفونهم بـ"عمال الوطن" لأنهم أظهرونا على حقيقتنا بكل تجردها، وحري بهم أن يعاقبونا بتركنا نغرق في نفاياتنا، التي قد لا تقل قذارتها عن أوساخنا الداخلية.

المساهمون