الأكراد.. "انتهى الدرس يا غبي"

الأكراد.. "انتهى الدرس يا غبي"

04 مايو 2017
+ الخط -
ربما بقضية الأكراد أيضاً، يصح القول "يجوز الوجهان"، فهم مظلومون بالفعل، وعبر قرون من الإقصاء وقتل الحلم، وفي الآن عينه، ظالمون لسكان الأرض الأصليين، أو يظلمون أنفسهم لجهة تبرير الوسيلة لتحقيق الغاية، والتي تصل حد الارتباط والتعاون مع الشيطان لبلوغ الهدف.

بداية القول: الأكراد أمة عريقة وضاربة بعمق التاريخ، حتى قبل الإسلام وربما المسيحية، ومن حقهم العيش بوطن والتعاطي معهم كمواطنين غير منقوصي الحقوق، إذ من عظيم الخلل، أن تطالب شعوب المنطقة بالحرية والديمقراطية، وتتنكر بالآن ذاته لحقوق الأكراد الذين تشهّوا حتى أبسط حقوق الإنسان، وعاشوا لفترة طويلة "بدون" وخاصة في سوريا الأسد الأب.

ما جعل من هذه القضية، جمراً تحت الرماد، يتم تقليبها كلما حانت الفرصة وسنحت الظروف، أو شاء من يهمه الأمر، سواء من الأكراد أو ممن في مصلحتهم تأجيج النزاع ضمن البلد الواحد، أو خارج الحدود. بيد أنه، من المعالجة الخاطئة لقضية الأكراد ربما، أن يتم الدوران في أصولهم وأين كانوا قبل الحدود الحالية لدول المنطقة أو من شتت حلمهم القومي بدولة واحدة مستقلة، وخاصة بعد الدولة العثمانية والانتداب الأوروبي للدول العربية، أو حتى تسليط الضوء على تعاظم "المشكلة"، إثر معاهدة "لوزان" التي أوجدت الجمهورية التركية عام 1923، وما يقال عن بناء "الجمهورية الأتاتوركية" على أنقاض الكيانات القومية بالدولة العثمانية، إن الكردية أو الأرمنية أو حتى السورية، بعد تحطيم معاهدة سيفر عام 1920، لأن في ذلك، على نحو ما أحسب، خلطاً وتأجيجاً، أكثر منه تلمّس ملامح حل، إذ بالبحث في أصول شعوب المنطقة، تمييع لحقوق الإنسان فيها وجدلية من الاستحالة البت فيها أو تسويتها، بعد المزج والخلط، القومي والديني والمذهبي، الذي غدا قدر المنطقة برمتها.

قصارى القول: مع التأكيد ثانية على حقوق الأكراد بالعيش والتمتع بكامل حقوق المواطنة بالدول الأربع التي تواجدوا فيها بعد الحرب العالمية الأولى "إيران، تركيا، سوريا والعراق". ربما أول الأسئلة التي تقفز إلى ذهن أي متابع، لماذا يتم الضغط الكردي، أو بعض الأصوات منه، على الاستقلال أو الفيدرالية كلفظ ملطّف، في سورية اليوم كما في العراق أمس، وتتم المناوشة لتحصيل الحقوق بتركيا، مع صمت وتأجيل في إيران، والتي تحوي الأكراد أيضاً. وأيضاً، ما هو السر في تعالي تلك الأصوات بالتزامن مع الحروب الداخلية التي نشأت جراء قمع الديكتاتوريين والتدخل الخارجي، ما يزيد التشكيك في ارتباط بعض الأكراد بالمشروع الخارجي، الذي ما عاد خفياً بعد التحالفات من بعضهم، مع أسد سورية أولاً، والدول الخارجية ثانياً، بمن فيها إسرائيل والولايات المتحدة. وربما الأهم بالأمر، أن بعض الأصوات الكردية النشاز التي لا تمثل إلا نفسها، تتحيّن الفرصة، لتبث مزيداً من الفرقة والخلاف، خلال ظروف خانقة لكل السوريين، لتطالب بإعادة دوران عجلة التاريخ ورسم الجغرافيا، وفق تصورات أقرب للوهم والنكوصية، منها للمنطق الذي فرضته الظروف والتاريخ والخارج، من خلط هويات ومزج حضارات، قد لا يكون عفوياً.

خلاصة القول: للمرة الثالثة، من الجحود التنكر لدور الأكراد عبر التاريخ، إن بالفتح الإسلامي وصولاً للقيام على الظلم والديكتاتورية في العراق وسورية، بل وسبقهم سواهم من السوريين، عبر حركات تمرُّد أقرب للثورات، قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011 والتي كان للأكراد فيها السبق وربما الصدارة ببعض الشخصيات. بيد أن المحيّر بالأمر، أن تلك الأصوات الكردية التي تعيب على "حكام البعث" شوفينيتهم واعتمادهم "القومجية" كأساس لبناء الدولة، يطالبون بإقامة دولة على أساس قومي، وبزمان لم يعد فيه للقوميات مكان بدولة القانون والمواطنة وعبر العالم بأسره.

وأما إن كان في طرح "الدولة الوطنية" من منظور البعض على الأقل، وصاية ومصادرة لحقوق القوميات والقومجيين، فذلك ومن منطلق ديمقراطي أبسط حقوقهم، ولكن ليس عبر التآمر وخراب البلد لينفردوا بخزان سورية الغذائي والنفطي والمائي، ويتنكروا لحقوق القبائل والعرب أصحاب المكان، بعد أن اعتمدوا عبر عصابات "الأرض لمن يحررها" لأن في كل ذلك عملاً بما ينهون عنه، ما يجعل من الصناديق الحل الأمثل وللجميع، حينما يتاح للسوريين التصويت ويتخلصون، عرباً وكرداً من الحكم الديكتاتوري. فحين ذاك، يقرر السوريون بجميع مكوناتهم شكل الحكم والدولة، ومدى نجاعة الدولة اللامركزية، عبر تقسيمات جغرافية أو عرقية، فيدرالية كانت أو دويلات.

ولعل الاستشهاد ببعض الفيدراليات بالعالم، إن بالولايات المتحدة أو ألمانيا أو حتى الإمارات العربية المتحدة، أمثلة أقل ما يقال عنها، أنها تغريرية وساذجة لدرجة إثارة الضحك. 

وعاش الأكراد الأحرار المخلصون للإنسانية، ويسقط كل رخيص، عربياً كان أم كردياً، يستغل الخراب ليبني حلمه النكوصي على الجثث والدماء