الأقصى وفلسطين .. هل يوقظان الأمة؟

23 اغسطس 2014
+ الخط -

كذب بعض الزعماء العرب بزعمهم أن من الصعب الانتصار على إسرائيل. خدعوا شعوبهم، أكثر من ربع قرن، بهذه الحجّة، لكن شباب المقاومة في غزّة، عرّوا هذه الحجة بصمودهم البطولي في وجه إسرائيل، وبالهزيمة التي ألحقوها بالجيش، الذي كان يخيف كل دولة عربية.

فأثبتوا للعرب وللعالم بأسره أن إسرائيل، المحميّة من الولايات المتحدة الأميركية، ما هي إلا طاووس دائم العرض لريشه المنفوش، ولكن، لو نتفته فلن تجد إلا دجاجة هزيلة، لا أهمية لها، وهذا ما فعلته المقاومة وحدها.
 
وما أحوج الأمة، اليوم، إلى القائد الحر القادر على اتخاذ القرار، والذي هو جوهر السياسة والقضية معاً. فالأيام أثبتت أن القرار ليس بيد الحاكم العربي عموماً، وإنما بيد غيره. ومن يشق عصا الطاعة يسقط بانقلاب عسكري.

من أهم عوامل الخلل الراهن، الهوة الواسعة والسحيقة بين الأنظمة الحاكمة والمواطنين، وكأنهما كيانان منفصلان. فالأنظمة، في تعاليها، لا تشعر بحقيقة أوضاع المواطنين، الذين يعيشون عيش السجناء أو الغرباء في أوطانهم. ليس لهم الحرية في القيام بأي عمل وطني، أو قومي، ويراد لهم تدبير أمورهم اليومية فحسب، لتحُل الفردية محل الشعور بالمواطنة والمسؤولية الجماعية، والكل يفتقر إلى المرجعية.
 
حتى العلماء لم يعودوا مرجعية صالحة، بل تقاعسوا عن القيام بأدوارهم، فأصبح العالِم شأنه شأن المواطن، يعلّم الناس أين مكامن الأباطيل في الدين والدنيا، وهو واقع فيها، وأين مواطن الشر وأهل الشر، وهو منهم، والعياذ بالله.
 
تحتاج الأمة، اليوم، علماء يقولون كلمة الله في السلم، فتكون هادية إلى الصلاح، وفي الحرب فتكون قائدة إلى النصر، لأن كلمة الله في لسان العالِم الراسخ هي الميزان العادل، وهي الحبل الواصل لأواخر الأشياء بأوائلها، وهي التي توجه الحاكم والمحكوم إلى وجهة واحدة هي قبلة الحق، وهي التي تقودهم إلى ميادين التضحية والاستشهاد، وهي التي تمحو النزوات الطائشة، وتثبت البصائر باليقين، وهي التي تحدد علاقتهم بالله، فلا يجاهدون في سبيله، وهم منحرفون عنه.

ولكن الأمة لا تبلغ هذه الأمنية إلا إذا ظهر فيها علماء من ذلك الطراز، الذي نقرأه في كتب التاريخ، ولا نجده فيمن تقع عليه العين، في هذا العدد المتشابه من العلماء، الذين أصبحوا تابعين لا متبوعين، وتركوا سياسة العامّة بالدين، لمن يسوسها بالدنيا، فلم تتمسك بدين، ولا ظفرت بدنيا.
 
ويضاف إلى نقاط الخلل هذه ضعف المثقفين العرب، وتخاذلهم عن مسؤولياتهم، إلا من رحم ربي، وهم في ذلك والعلماء سواء ما بين من قعدت به همته عن قول الحق، خوفاً من مصلحة، أو إبقاء على منصب، ومن ضَعُفَت نفسه فتورط في النفاق، طلباً للحظوة أو الشهرة. وتزداد الأمة ضعفاً على ضعف، بما أصاب شبابها من أزمة فقدان الهوية، إلا الشباب الفلسطيني في الأرض المحتلة، الذي لا يزال يقاوم الاحتلال بانتماء وبطولة، لا يحول بينه وبين الانتفاضة الثالثة إلا القرار السياسي الحر.

avata
avata
عبد العزيز الكيلاني (الأردن)
عبد العزيز الكيلاني (الأردن)