الأغاني العربية: من يملك حق احتكارها أو بيعها؟

الأغاني العربية: من يملك حق احتكارها أو بيعها؟

14 أكتوبر 2018
لطيفة تملك أرشيفها الغنائي كاملاً (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
قبل يومين بدا أن الفنانة اللبنانية إليسا قاب قوسين من فتح معركة عنيفة مع شركة "روتانا"، وذلك بعد حذف أغانيها عن يوتيوب، إثر توقيع الشركة السعودية اتفاقاً ببيع إنتاجها الموسيقي لشركة الفرنسية "ديزر" بصورة حصرية، ووقف التعاون مع كل المنصات الرقمية الأخرى، بما فيها "أنغامي". 

تسليط إليسا الضوء على هذا الاتفاق فتح مجدداً الباب أمام سعي "روتانا"، في زمن المنصات المفتوحة، إلى احتكار الأعمال الفنية للفنانين المنضوين في شركتها، وهو ما يطرح أسئلة قديمة - جديدة حول مسألة الملكية الفكرية وأحقية استخدام الفنانين لأغانيهم. إذ إن هذه ليست المرة الاأولى التي تقوم فيها "روتانا" ببيع منتجاتها إلى شركات أجنبية، بل لطالما بحث مالكها الوليد بن طلال عن أبواب جديدة للاستثمارات وزيادة الربح المالي.
بانتظار النتائج النهائية لهذا التعاقد الجديد مع شركة "ديزر" الفرنسية، نتابع مجدداً تفاصيل الأزمة التي حصلت بين الفنانين والشركة نفسها.

اتفاق روتانا ــ ديزر

يبدو حتى الساعة أن اتفاقية الشراكة تشمل فقط الفنانين الذين وقعوا عقود تفرّغ مع "روتانا" وليس هؤلاء الذين أمضوا على عقود توزيع فقط، مثل الفنانة الإماراتية أحلام، التي ينص العقد بينها وبين الشركة السعودية على توزيع أعمالها فقط، لا إنتاجها. وكان التوقيع على الاتفاق قد تم بين "المملكة القابضة" و"روتانا" من جهة (يملكهما الوليد بن طلال) وشركة "ديزر" من جهة ثانية في مطلع شهر أغسطس/ آب الماضي، وفق ما أكد بن طلال على حسابه الموثق على "تويتر"، معلناً أن قيمة العقد مليار ريال سعودي (270 مليون دولار تقريباً) وأن "الاستثمار وتوقيع العقد الحصري مع Deezer سيمثل نقلة نوعية لمجموعة روتانا وفرصة استثمارية مميزة لشركة المملكة القابضة".
والاتفاقية حصرية وطويلة الأجل، لتوزيع المحتوى السمعي لمجموعة "روتانا" من خلال شركة ديزر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليشمل أسواق الترفيه سريعة النمو، بما فيها السعودية والإمارات ومصر ولبنان والمغرب وتونس وتركيا.


الشراكات السابقة وحقوق الملكية
عام 2010 عقد الوليد بن طلال شراكة مع إمبراطور الإعلام حول العالم روبرت مردوخ، وبموجب هذه الشراكة اكتسب مردوخ حق التصرف بأي منتج من روتانا وبيعه بحسب ما تراه شركته "نيوز كورب" مناسبًا، قبل أن يبيع بن طلال في عام 2017، قبل اعتقاله بأيام قليلة، حصته في شركة "فوكس" (21st Century Fox) التابعة لمردوخ. وقتها لم يثر كثير من الجدل الفني حول هذه الشراكة، بل اتخذ النقاش منحى سياسياً، نظراً لمواقف مردوخ المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير.
إلا أن النقاش الفني المثار حالياً حول أحقية الشركة بالتصرّف التام بالمنتج الفنيّ، أثير للمرة الأولى بشكل علنيّ عام 2011،
عندما سجلت روتانا أول انتكاسة. وقتها تنبّه الملحن اللبناني بلال الزين لما يسمى "عقود التنازل والتفرغ"، وهي العقود التي تجعل أي أغنية بكل تفاصيلها ملكاً خاصاً للشركة، ولا يعود من حق صاحب الكلام أو اللحن أو المغني التصرف بها. يومها رفض الزين التوقيع على تنازل عن لحن كان يعده للسيدة وردة الجزائرية قبل رحيلها. أثارت تلك الحادثة ردود فعل مختلفة بين الفنانين، فمنهم من قبل بشروط العقد، ومنهم من رفضها. ونصّت العقود نفسها على تنازل الفنان أو صاحب اللحن أو الكلام عن العمل طيلة حياته ولـ50 سنة بعد وفاته. ووفق نص العقد تحصل "روتانا" على حق التصرف باللحن بالشكل الذي تراه مناسباً (إعلانات/ أفلام/ مسلسلات) من دون أي يحصل صاحبه مثلاً على أي عائد مالي.

تداعيات الاتفاق الجديد

الملفّ نفسه يفتح اليوم، بعد توقيع عقد الشراكة مع "ديزر" الفرنسية. إذ تعود مشكلة العقود والتنازلات والملكية الفكرية إلى الواجهة من جديد. وكما حصل عام 2011 مع "عقود التفرّغ" قرر بعض الفنانين تسليم "روتانا" مهمة توزيع أعمالهم فقط، وبالتالي فإن العقد مع "ديزر" لن يؤثر على إنتاجهم، بل إنهم يحصلون من روتانا على حصتهم من بيع الألبومات. من بين هؤلاء التونسية لطيفة التي تملك السلطة الكاملة على أغانيها، إذ لم تقدّم تنازلاً لأي شركة لتتصرف بأعمالها. وكتبت لطيفة على حسابها على "تويتر": "أغلب استثماراتي كانت ولا تزال في أعمالي الفنية ألبومات فيديوهات وبعض الحفلات. شكراً لمعلمي الأول الشاعر الكبير عبد الوهاب محمد على النصيحة". وكذلك غردت كارول سماحة بالقول "أتمنى أن يكون القرار الذي اتخذته في السنوات الماضية بالإنتاج المستقل هو الوسيلة الأضمن لحقوقي الفنية والفكرية". نانسي عجرم هي أيضاً تمتلك الحق الحصري لأغانيها ومشاريعها الفنية، ولم تطلب من شركات الإنتاج سوى مساعدتها في التوزيع والمبيعات.
من هي شركة ديزر؟
ماذا عن الشركة الجديدة، وما هدفها من التعاقد مع "روتانا"؟ "ديزر" خدمة لبث المحتوى السمعي على الإنترنت، تتيح لمستخدميها الاستماع إلى الموسيقى من العلامات المسجلة لديها عبر الإنترنت أو من دون اتصال به، تأسست في فرنسا ولديها 53 مليون أغنية، مع أكثر من 30 ألف قناة إذاعية، و14 مليون مستخدم نشط شهرياً.
أما مدير "ديزر" فهو الألماني هانس ـ هولغر ألبرخت (شقيق وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا جيرترود فون دير لاين) الذي يصل إلى بيروت بعد أيام قليلة. شغل ألبرخت مناصب عدة في شركات إعلامية مختلفة، ونجح في رفع أرباح شركة MTG، وهي شركة ترفيه رقمي سويدي، بشكل كبير أثناء استلامه إدارتها قبل مغادرته الشركة عام 2012.
كذلك تولّى ألبرخت منصب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة Millicom، وهي شركة دولية للاتصالات والإعلام. ثمّ أصبح سنة 2015 الرئيس التنفيذي لشركة ديزر.

المساهمون