الأطفال الفلسطينيون أهداف للاحتلال: أسرى في منازلهم

الأطفال الفلسطينيون أهداف للاحتلال: أسرى في منازلهم

17 ابريل 2016
قوانين إسرائيلية جديدة لاحتجاز الأطفال الفلسطينيين (محمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
تحل الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني، وسط ارتفاع استهداف الاحتلال الإسرائيلي للفتية والأطفال الفلسطينيين، الذين انضم في الأسبوعين الماضيين أعداد إضافية منهم إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. أحدث هؤلاء المنضمين إلى الأسر، الفتيان نور الدين مروان ابو هدوان وسيف عايد الطويل، وهما ضمن 10 أطفال مقدسيين من حي بيت حنينا شمال القدس، اعتُقلوا في شهر يونيو/حزيران الماضي، ثم أُفرج عنهم بعد أسبوعين من التحقيق والتوقيف، بشرط الحبس المنزلي المفتوح. وطوال الأشهر الماضية كان هؤلاء الأطفال في الحبس المنزلي، وقد حُرموا من مدرستهم وحقهم بالحركة والعلاج، وعانوا هم وعائلاتهم من المداهمات شبه اليومية لمنازلهم من قبل الاستخبارات الإسرائيلية بحجة "التأكد من التزامهم بالحبس المنزلي".
وتُقدّر مؤسسات ومنظمات حقوقية فلسطينية أعداد أطفال القدس في الحبس المنزلي خلال العام الماضي وهذا العام، بأكثر من 230 طفلاً مروا بتجربة هذا النوع من الحبس، ويعتبرها الأطفال أنفسهم وعائلاتهم بأنها أسوأ من السجن الفعلي ذاته، إذ يُمنع الاطفال من الحركة والتنقّل والحصول على حقهم في التعليم، ويتحوّل ذووهم إلى سجانين نيابة عن الاحتلال.
يُقدّر مدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أعداد الفتية والأطفال المقدسيين الذين اعتُقلوا منذ استشهاد الفتى محمد أبو خضير قبل عامين وحتى مطلع أبريل/نيسان الحالي، بأكثر من 1200 طفل وفتى تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والخامسة عشرة، وصدرت بحق العديد منهم أحكام صارمة بالسجن تراوحت ما بين عام في حدها الأدنى وسبع سنوات ونصف في حدها الأقصى، وهي أحكام عالية جداً ولا تتناسب مع أعمارهم، أو التهم المنسوبة إليهم وجلها رشق حجارة أو زجاجات حارقة.
بينما تشير أحدث إحصائية لمركز معلومات واد حلوة في القدس، إلى أنه منذ مطلع العام الماضي، وحتى نهاية مارس/آذار الماضي، اعتُقل 212 طفلاً مقدسياً، فيما خضع للحبس المنزلي 50 طفلاً آخر.

أطفال في مراكز الإيواء
لعل التطور الجديد، الذي شهدته أوضاع الأسرى من الأطفال، هو تحويل عدد منهم إلى مراكز إيواء داخل إسرائيل، كما حدث قبل أيام مع الطفل أحمد مناصرة، ابن عم الشهيد حسن مناصرة الذي ارتقى برصاص الشرطة الاسرائيلية مطلع الهبة الشعبية في مستوطنة بسغات زئيف. وُوجّهت لأحمد وابن عمه تهمة طعن مستوطنين، ولا يزال أحمد معتقلاً بسببها، وقد تعرض لتحقيق قاسٍ وعنيف وثّقته كاميرا فيديو، في حين ما زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثمان ابن عمه حسن في ثلاجة الموتى وترفض سلطات الاحتلال تسليمه لذويه، بعد أن رفضت العائلة تسلّم الجثمان قبل أكثر من شهر، بعد أن أحضر إلى المقبرة في حالة تجمد شديد.
ويشير مركز معلومات واد حلة، إلى أن ستة من الأطفال المقدسيين، هم الآن رهن الحبس في مراكز الإيواء التي تخضع لإشراف ورقابة من قبل مؤسسات رسمية إسرائيلية، تفرض قيوداً صارمة على زيارة ذويهم لهم.


ويُعتبر الطفل علي علقم (12 عاماً)، أصغر أسرى القدس داخل هذه المراكز، إذ فُرض عليه الحبس فيها لمدة عام، بعد اعتقاله نهاية العام الماضي، برفقة ابن عمه معاوية، وإصابته في حينه بثلاث رصاصات. وفي تبريره لقراره، قال قاضي محكمة الصلح، إن الطفل علي علقم "بحاجة للعلاج النفسي"، مدعياً عدم قدرة والديه على رعايته وتقديم العلاج اللازم له. فيما أكد والد الطفل علقم أن المؤسسات الداخلية للأطفال المقدسيين هي سجون بغطاء وبمسمى "مؤسسة داخلية"، فزيارة علي مسموحة مرة واحدة بالأسبوع ويتم خلالها تفتيش أفراد عائلته، ويُمنع خروج الطفل خارج المؤسسة برفقة والديه، كما يُمنع من الخروج إلى منزله في نهاية الأسبوع، ويضاف إلى ذلك منعه من اللعب في ساحة الألعاب داخل المؤسسة.
ووفقاً لنادي الأسير في القدس، ولجنة أهالي الأسرى المقدسيين، فإن حبس هؤلاء الأطفال سياسة جديدة شرعت سلطات الاحتلال بتطبيقها منذ بداية الهبّة الأخيرة، وهي تقضي باحتجاز الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عاماً، داخل المؤسسات المغلقة، بقرارات من قضاة المحاكم الإسرائيلية وبتوصية من النيابة العامة، وبإشراف من الشؤون الاجتماعية.
ويصف رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب، مراكز الإيواء هذه بأنها سجون بكل ما تحمل الكلمة من معنى، إذ تُفرض على الأطفال المحتجزين فيها قيود عديدة، من أبرزها عدم تمكينهم من الالتقاء بذويهم إلا بتصاريح خاصة.

يذكر أن اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع، كانت قد صادقت نهاية الشهر الماضي، على تعديل قانون الأحداث، بما يتيح للمحكمة فرض عقوبة مشددة على أطفال قاصرين لم يبلغوا الرابعة عشرة من العمر، وطالبت بذلك وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شاكيد. وحسب القانون الجديد يتم احتجاز القاصر الذي لم يبلغ أربعة عشر عاماً وأدين إما بالقتل أو بمحاولة القتل أو القتل العمد، في مأوى مغلق ومع بلوغه الرابعة عشرة يتم نقله إلى إحدى منشآت السجون.
وأكدت المحامية نسرين عليان، من جمعية حقوق المواطن، أن هذا القرار يتناقض مع أسس قانون الأحداث والقاصرين والميثاق العالمي لحقوق الطفل، ويزعزع المبادئ الأساسية التي يستند إليها العلاج المهني تجاه الأولاد والقاصرين الذين يدانون بدافع التأثيرات المختلفة بالاعتماد على تفسير قانون الأحداث والقاصرين. ولفتت إلى أن هذا التعديل الذي يخلق إمكانيات جديدة لمحاكمة القاصرين دون سن 14 عاماً، يتناقض كلياً مع الهدف العام لهذا القانون، بالنسبة لوضع آلية الردع والمعالجة، في حين أن اعتقال الأطفال دون سن 14 عاماً غير مستخدم في اغلب دول العالم.
وأشارت عليان إلى أن قوانين القاصرين والأحداث المعمول بها اليوم تُشكّل نوعاً من الحماية الواجبة والضرورية لحقوق الطفل، فاعتقال الأطفال دون سن الرابعة عشرة له تبعات وتأثيرات مصيرية على مستقبل الأطفال، لأن الأبحاث المهنية تظهر احتمالات عالية لعودتهم إلى السجن ودائرة العنف، أكثر من الأطفال الذين يتم تأهيلهم ودمجهم في مؤسسات علاجية تأهيلية.

أسرى الثلاجات
يقول المقدسيون إن الاحتلال أوجد عقوبة احتجاز جثامين الشهداء في درجات تجميد عالية منذ مطلع الهبة، وهي حالة جديدة من الأسر غير مألوفة سابقاً. وتخضع للحبس في الثلاجات جثث نحو 14 شهيداً مقدسياً، يُنتظر أن تلتئم المحكمة العليا الإسرائيلية للنظر في التماس قدّمته عائلات هؤلاء الشهداء لإلزام شرطة الاحتلال بتحديد موعد لتسليمهم جثامين أبنائهم. وقد دعا أهالي الشهداء الأسرى في آخر اجتماع لهم الفعاليات الشعبية والرسمية والقانونية إلى إطلاق سلسلة من النشاطات تزامناً مع التئام المحكمة، وتحويل جلستها إلى محاكمة للاحتلال نفسه.