الأزمة الاقتصادية تسحق صناعة الكتب في مصر

الأزمة الاقتصادية تسحق صناعة الكتب في مصر

25 اغسطس 2016
داخل مكتبة في الإسكندرية (نوربيت شيلر/Getty)
+ الخط -
أُغلقت المئات من دور النشر في مصر خلال الفترة الماضية، بينما دور أخرى خفضت عدد النسخ المطبوعة، نتيجة العديد من الأسباب التي كان أهمها ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري وإغلاق شركات صناعة الورق وتراجع إنتاجها.
يقول رئيس اتحاد الناشرين المصريين، عادل المصري، إن ارتفاع سعر الدولار أثر بصورة كبيرة على صناعة النشر في مصر وذلك بسبب اعتماد الصناعة على المواد الخام المستوردة من الخارج كالورق والحبر وآلات الطباعة. يشير المصري إلى أن هذه الأزمة دفعت غالبية الناشرين المصريين إلى خفض عدد نسخ الكتب التي تمت طباعتها في معرض الكتاب العام الماضي، والتي بالرغم من قلتها إلا أنها لم تحقق الأرباح التي كان يمكنها أن تعوض الناشرين عن الأرقام الفلكية التي يدفعونها في كلفة إنتاج الكتاب.
يشير المصري إلى أن مصر تستورد 90% من المواد الأولية في صناعة النشر، ومع انخفاض سعر صرف الجنيه إلى أكثر من 12 جنيهاً مقابل الدولار الواحد، أغلقت المئات من دور النشر أبوابها أمام الكتّاب، خاصة الشباب منهم.
وعن كلفة طباعة كتاب لا يزيد عن الـ 200 صفحة، يقول الكاتب الشاب علي رائف إنها لا تقل عن سبعة آلاف جنيه، وهي قيمة لا يمكن للكتاب الشباب توفيرها، خاصة أن دور النشر أصبحت لا تدفع للكتاب نسبة من الأرباح.
يضيف رائف: "الأزمة الأكبر في سوق النشر تعود إلى غياب الدعم من قبل الدولة لتطوير الثقافة عامة، وسوق النشر بصفة خاصة، وترك الكتاب فريسة لاستغلال دور النشر. واكتفاء دور الكتب الحكومية بنشر وطباعة الدلائل الاسترشادية والسياحية".
يقول رئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور هيثم الحاج علي، إن الهيئة تعمل في الوقت الحالي على تخفيض عدد النسخ من مطبوعاتها، نظراً لعدم توافر ورق الطباعة، وذلك لارتفاع أسعاره. ويضيف أن ارتفاع سعر الدولار ارتد سلباً على صناعة النشر في مصر.
يلفت الحاج علي إلى أن العديد من دور النشر أغلقت أبوابها وقامت بتسريح العاملين فيها، لافتاً إلى أن الهيئة ناقشت في تشريعين مهمين مع عدد من أعضاء مجلس النواب من المنتظر أن يحركا ساكناً في هذه الأزمة، الأول رفع الرسوم الجمركية عن العناصر المكونة لهذه لصناعة أو خفضها بما يسمح لإحياء سوق النشر مرة أخرى، والتشريع الآخر يبحث في تداول وتبادل الكتب عبر الحدود.
أما صاحب دار نشر ميريت للطباعة والنشر، محمد هاشم، فيقول إن أزمة النشر في مصر مركّبة، وخصوصاً أن الدولة فرضت رسوماً جمركية مبالغاً فيها على الناشرين باعتبار أن صناعة الكتب من الصناعات الترفيهية، وهو ما يعكس رؤية الدولة للثقافة وأهميتها.
يضيف هاشم قائلاً إن طن الورق الذي يستورد من الخارج تخطى سعره 9 آلاف جنيه مقابل 7.4 آلاف منذ أقل من أسبوع، وهو ما يعني أن حصيلة ارتفاع سعر الورق فقط وصلت إلى 20% في أقل من شهر واحد. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحبر والنقل وغيره.
ويشرح هاشم أن ارتفاع أسعار المواد الخام للطباعة والنشر ليس فقط السبب في انهيار سوق الكتب، بل أيضاً عزوف المستهلكين عن شراء الكتب، بسبب ارتفاع الأسعار أولاً وبسبب انهيار المرتبات أمام حالة الجنون الاقتصادي في مصر، فأصبح المصريون غير قادرين على توفير الخبز فكيف سيدفعون ثمن الكتاب؟
وتستورد مصر %55 من ورق الكتابة والطباعة المستخدم في الكراسات والكتب بإجمالي نحو 280 ألف طن سنوياً، ويُستورد الورق الخاص بالجرائد من الخارج بنحو 150 ألف طن سنوياً.
من جانبه، يقول العامل بدار نشر حورس الحسيني أحمد، أن الغالبية العظمى من دور النشر أغلقت أبوابها وخفضت عدد الكتب المطبوعة في الموسم الحالي بسبب ارتفاع تكلفة الطباعة، مشيراً إلى أن تكلفة طباعة الكتاب وصلت إلى حوالى 10 آلاف جنيه، الأمر الذي دفع بدور النشر إلى التوقف باستثناء الطباعة لكبار الكتاب الذين يحققون الأرباح.

دلالات

المساهمون