الأردن والنفط .. والنفط الصخري

الأردن والنفط .. والنفط الصخري

24 ديسمبر 2014
تراجع أسعار النفط تقلق الأردن (جو ريدال/غاتي)
+ الخط -
لا يختلف اثنان على أن الأردن، البلد المستورد لكامل احتياجاته من الطاقة تقريباً، من الدول المستفيدة من تراجع أسعار النفط في الأشهر الستة الماضية، وما له من دور إيجابي في خفض فاتورة الواردات النفطية التي أرهقت الميزان التجاري وميزان المدفوعات للمملكة، وفاقمت خسائر شركة الكهرباء الحكومية. وقد ظل الأردن يعاني بشكل كبير، خلال الأعوام الأربعة الماضية، لاضطراره إلى استيراد مشتقات نفطية بكلفة أعلى لتوليد الطاقة الكهربائية، بعد انقطاع الإمدادات المنتظمة للغاز المصري الذي يعتبر أقل كلفة. 
ورغم ارتفاع قيمة الفاتورة النفطية بنسبة 14% في التسعة أشهر الأولى من العام 2014 إلى 4.7 مليارات دولار، الّا أن الآثار الإيجابية للتراجع الكبير في أسعار النفط العالمية ستظهر بشكل واضح بدءاً من الربع الأخير من العام 2014. وفي هذا الإطار، تشير التقديرات الى انخفاض الفاتورة النفطية خلال عام 2015 بما يتجاوز ملياري دولار، وهو ما رفع تقديرات النمو الاقتصادي المتوقع تسجيله لنفس العام إلى 4%، مقارنة مع تقديرات سابقة كانت تشير إلى نسبة نمو لا تتجاوز 2.8%.
ويعتمد مدى تأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الأردني على الفترة الزمنية الذي ستبقى فيه الأسعار منخفضة، فكلما كانت الفترة طويلة كلما كانت الآثار الايجابية كبيرة. وقد يشجع تراجع أسعار النفط لفترة طويلة البنك المركزي الأردني على اتباع سياسة نقدية أقل تشدداً من خلال خفض أسعار الفائدة، وهو ما يعزز الطلب على التسهيلات الائتمانية من قبل الأفراد والقطاع الخاص، ويوفر سيولة، طال انتظارها، لقطاعات اقتصادية عديدة عانت من نقص التمويل.
وعلى مستوى الدخل الفردي، فإن انخفاض أسعار النفط يُسهم في زيادة دخل الفرد الأردني بشكل غير مباشر، فإذا كان متوسط استهلاك الفرد الأردني من البنزين حوالي 1400 دولار سنوياً، فإنه سيوفر حوالي 560 دولارأ سنوياً نتيجة لانخفاض أسعار النفط بواقع 40%، ما يعني زيادة في مستوى دخل الفرد الأردني بنسبة لا تقل عن 5%.
وعلى الجانب الآخر، فإن انخفاض أسعار النفط له تداعيات سلبية على الاقتصاد الأردني لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان. فبالإضافة إلى فقدان خزينة الدولة جزءاً من إيراداتها الضريبية المفروضة على المشتقات النفطية، فإن تبعات تراجع أسعار النفط على اقتصادات دول الخليج تُسهم في تراجع عدد من مكونات الاقتصاد الأردني الرئيسة مثل حوالات المغتربين الى الأردن، وحجم الاستثمارات الخليجية المباشرة، وربما يكون للمنح الخليجية المقدمة الى الأردن نصيب من هذه التراجعات.
أمّا العقبة الأهم التي تعترض الاقتصاد الأردني، فتكمُن في استغلال بعض منتجي النفط الرئيسيين هذا الانخفاض كأداة لوقف منافسة مصادر طاقة بديلة ذات كلفة إنتاجية عالية، وفي مقدمتها النفط الصخري، خصوصاً إذا ما علمنا أن اتفاقيات لمشاريع كبرى لاستخراج النفط من الصخر الزيتي الأردني قد وُقِّعت أخيراً مع أطراف عالمية، عندما كانت أسعار برنت تتراوح فوق مستوى 100 دولار للبرميل، وبالتالي، فإن المستويات المتدنية الحالية لسعرالنفط، في حال ثباتها، قد تهدد مشاريع الأردن في إنتاج النفط الصخري، إذ إن معظم هذه المشاريع تبقى مجدية اقتصادياً في نطاق سعري للنفط يتراوح بين 70 و85 دولاراً للبرميل.
وقد ظهرت مؤشرات على أن هذا التهديد أصبح قائماً بالفعل، وذلك عندما امتنعت منظمة "أوبك"، في اجتماعها الأخير، عن دعوات إلى خفض إنتاجها، واضعةً مسؤولية تحقيق الاستقرار على منتجي النفط الصخري الأميركي الذين تسببوا في إغراق الأسواق بالإمدادات، والتي أدت إلى زعزعة استقرار الأسعار. ولتحقيق غايتها، تركت "أوبك" الأسعار تنخفض، سعياً منها لإضعاف الجدوى الاقتصادية من إقامة مشاريع النفط الصخري.
وبدأت الأدلة بالظهور على الأثر السلبي لقرار "أوبك" على شركات النفط الصخري الأميركية، مع انهيار إيراداتها بشكل سريع، حيث قامت بعضها بالكشف عن خطط لخفض الإنفاق الرأسمالي خلال العام 2015.
لا شك في أن المحصلة النهائية من تراجع أسعار النفط إيجابية على الاقتصاد الأردني، ولكن في الوقت ذاته، لا ينبغي النظر الى انتفاء الجدوى الاقتصادية لمشروعات استخراج النفط من الصخر الزيتي الأردني بنظرة سلبية مطلقة، كون هذه المشاريع هي قرار استراتيجي طويل الأمد، لا ينبغي أن يتأثر بتقلبات أسعار النفط العالمية.

المساهمون