الأردن: تغييرات ملكية تعصف بقائد الجيش ومدير المخابرات

الأردن: تغييرات ملكية تعصف بقائد الجيش ومدير المخابرات خلال 3 أشهر

24 يوليو 2019
العاهل الأردني أعفى الفريحات من منصبه اليوم (فرانس برس)
+ الخط -
عصفت القرارات الصادرة عن العاهل الأردني عبد الله الثاني، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، باثنين من أهم القادة العسكريين والأمنيين في البلاد؛ بعد أن قرر، اليوم الأربعاء، إعفاء قائد الجيش، الفريق الركن محمود الفريحات، من منصبه، ليلتحق باللواء عدنان الجندي الذي أحيل إلى التقاعد في الأول من مايو/ أيار الماضي.

ويأتي القرار في إطار سلسلة من التغييرات الواسعة التي طاولت أدوات سيطرة الملك على الوضع الداخلي، عبر الجيش والمخابرات، كما طاولت التغييرات في شهور سابقة الذراع الإداري وهو الديوان الملكي الهاشمي. ودعا العاهل الأردني عبد الله الثاني قائد الجيش الجديد، يوسف الحنيطي، إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة الأردنية وتحديثها وتعزيز وتطوير قدراتها، بعد أن أعفى الفريحات من منصبه.

وينبئ زخم التغييرات واتساعها عن تغيير كبير في السياسة الأمنية، وتوجهات النظام في الفترة المقبلة، في ظل التحديات التي تواجه المملكة؛ ومنها التحدي الخارجي المتعلق بـ"صفقة القرن"، والتي تؤكد الدولة الأردنية، إزاءها، أنها في موقف موحد تجاه قضايا التوطين والوطن البديل والقدس؛ والتحدي الداخلي الأشد خطراً في ظل انهيار الثقة بالحكومة الأردنية ومؤسسات إدارة الدولة.
وفي الأردن، هناك محاولات دائمة من قبل النظام للمحافظة على استقرار ورسوخ المؤسسة العسكرية الأمنية، بعيداً عن الواقع المعيشي والسياسي، بغرض الحفاظ على الاستقرار العام وسلامة النظام.


وعند الحديث عن إعفاء الفريحات، لا يمكن تجاهل ما حدث في 13 إبريل/نيسان الماضي، عندما أثار تسجيل فيديو يظهر مدى الحفاوة التي نالها قائد الجيش المُقال خلال حُضوره حفل زفاف، في مدينة الرمثا الأردنية، أقصى شمال المملكة، جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين الأردنيين، وصل إلى حد الاستياء بين الغاضبين، و"الفخر" لدى المريدين.

مبعث ذلك الاستياء كان طريقة الترحيب برأس هرم المؤسسة العسكرية، الذي يقتضي منصبه الابتعاد عن الحيز العام قدر الإمكان. ولعلّ ما أجج المخاوف لدى المتابعين الأردنيين، في تلك الفترة تحديداً، هي المشاهد التي عاينوها في السودان والجزائر، حيث آلت مقاليد الأمور إلى قبضة العسكر بعد حراك اجتماعي ومطلبي واسع، لا سيما أن بعض التصريحات السياسية لقائد الجيش السابق وقراراته الإدارية منحته حضوراً نسبيّاً على المستوى السياسي، مخالفاً بذلك المألوف لدى الشارع الأردني عن قادة الجيش.

وقال ملك الأردن، في رسالة وجهها اليوم الأربعاء إلى رئيس هيئة الأركان الجديد يوسف الحنيطي، وهو أول قائد للجيش من مرتبات سلاح الجو، "إن قواتنا المسلحة تستحق منا جميعاً كل الدعم والإسناد والمؤازرة، لتظل مثالاً يحتذى ويشار إليه بالبنان، في الكفاءة والانضباط والإيثار والتفاني، وعليه فإنني أوجهك بالعمل على تكثيف الجهود الرامية إلى مواكبة هذا العصر، ولتظل مضرب المثل في الكفاءة والقدرة والأداء المحترف، وإعادة هيكلة القوات المسلحة الأردنية وتحديثها وتعزيز وتطوير قدراتها".

والحنيطي من مواليد عام 1957، وهو لواء طيار شغل منصب قائد سلاح الجو الملكي منذ 22 ديسمبر/ كانون الثاني 2016، وحتى تعيينه رئيساً لهيئة الأركان. وأتم مرحلة الثانوية في مدارس أبو علندا قبل التحاقه بالقوات المسلحة كتلميذ مرشح طيران.

وحول تعيين الحنيطي قائداً للجيش، يرى المحلل العسكري الأردني، اللواء المتقاعد جلال العبادي، لـ"العربي الجديد"، أن تلك الخطوة "تعطي دماء جديدة للقوات المسلحة"، معللاً ذلك بأن "نشاط القادة لا يكون في الوتيرة ذاتها مع مرور السنوات"، مشيراً إلى أن "مثل هذه التغييرات تحدث بشكل دوري في الدول الغربية على سبيل المثال كل عامين، أو أربعة أعوام"، وأنه "لا يرى سبباً آخر للتغيير".

وحول إعادة هيكلة الجيش، يبيّن العبادي أن الجزء الأكبر منها أنجز بالفعل، مشيراً إلى أنه كخبير عسكري "ضد هذه الهيكلة" التي يقول إنها تسعى إلى جعل أسلحة الجيش خفيفة ورشيقة للتركيز على مكافحة الإرهاب، فيما يعتقد أن "الدور الأساسي والمهم للجيش هو حماية الحدود، وأمر مكافحة الإرهاب يمكن إناطته بقوات الأمن العام".

وبخصوص اختيار قائد سلاح الجو رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، ذهب العبادي إلى تفضيل اختيار شخصية من الجيش لهذا المنصب، "فمهام سلاح الجو تختلف عن الجيش"، وفق تقديره، مستدركاً بأن منصب رئيس هيئة الأركان منصب إداري بشكل أساسي، وهو "إدارة لمنظومة، وليس قيادة ميدانية بالمعنى الدقيق للكلمة".

المساهمون