الأردن: تحقيقات الفساد تطاول رؤوساً كبيرة... ومخاوف من تسييسها

الأردن: تحقيقات الفساد تطاول رؤوساً كبيرة... ومخاوف من تسييسها

23 يوليو 2020
تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين (Getty)
+ الخط -

 

أخذت محاربة الفساد في الأردن منحى جديدا وغير مسبوق، تجلى في تبادل رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية الاتهامات حول قضايا فساد كبرى اكتُشفت مؤخرا، وآخرها قضية التلاعب بعطاءات أشغال كبرى تم على إثرها سجن أحمد الطراونة، شقيق رئيس مجلس النواب ونقيب المقاولين السابق.
واتهم رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، الحكومة بتسييس قضايا الفساد وقيادة حملة ضد عائلته، استنادا إلى المنافسات والمناكفات السياسية، ووصف ذلك "بالشيء المعيب".
وفي المقابل، جاء رد رئيس الوزراء، عمر الرزاز، على اتهامات الطراونة، الأحد الماضي، مبطنا بقوله: "موضوع حماية المال العام فهو كشعار مطلب للجميع، ولكن ما أن يدخل حيز التنفيذ إلا ويواجه معارضة ومقاومة شديدة من البعض".
وأضاف الرزاز، في رده الذي جاء في كلمة مصورة وجهها للأردنيين ضمن تقليد بدأه منذ ثلاثة أسابيع "جزء من المعارضة قد يكون بسبب تظلمات مشروعة، وجزء آخر قد يكون مقاومة من جهات تكسّبت من الوضع القائم على مدى عقود، وأي تغيير في هذا الوضع سيؤثر على مصالحها، لذا تجدها تبذل كل ما لديها من جهد لمقاومة أي تغيير قد يمسّ بمكتسباتها".
وبالتزامن مع كلمة الرزاز، أصدر 85 نائبا في مجلس النواب الأردني بيانا رفضوا فيه البيان الذي أصدره الطراونة قبل أكثر من أسبوع وهاجم فيه الحكومة، واعتبر أن اعتقال شقيقه جاء في إطار الخصومة السياسية مع السلطة التنفيذية.

وأكد النواب الموقّعون على البيان رفضهم لاستغلال موقع رئاسة مجلس النواب للدفاع عن قضايا أسرية، وأنهم يدعمون أي جهد لمحاربة الفساد.
إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد"، إن محاربة الفساد مطلب شعبي منذ سنوات طويلة، في ضوء وقوع حالات متكررة بالاعتداء على المال العام، ومن ذلك الملف الذي تم بموجبه بيع شركات كبرى مثل الاتصالات والفوسفات والبوتاس بثمن بخس، وتبين فيما بعد حدوث استغلال لمواقع وظيفية عليا، وارتكاب جرائم اقتصادية بحق الوطن وتأثر بسببها الاقتصاد الوطني وتضررت إيرادات الخزينة.
وأضاف هنطش أنه يتوجب مساندة إجراءات محاربة الفساد والتعامل معها بحيادية تامة، وترك المجال للجهات المعنية مثل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء الأردني الذي يتميز بنزاهته للتحقيق في أي قضية وإصدار الأحكام المناسبة إزاء كل منها.
وحسب عضو مجلس النواب الأردني "لقد آن الأوان أن تفتح كافة ملفات الفساد ومحاسبة كافة المتورطين فيها، أيا كانت مواقعهم، فالتعدي على المال العام جريمة تؤثر على الجميع وتخل بالاقتصاد الوطني".
وكان الأردن شهد، في السنوات الأخيرة، قضايا فساد من العيار الثقيل تم على إثرها سجن مديرين سابقين للمخابرات العامة سميح البطيخي ومحمد الذهبي، ووزير المالية الأسبق عادل القضاة، وغيرهم فيما تم الحجز على أموال وزير الأشغال السابق سامي هلسة، بذات القضايا المتهم بها شقيق رئيس مجلس النواب.
وقال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ"العربي الجديد" إنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تسييس قضايا الفساد ومحاولة عرقلتها وترك المجال للجهات المختصة للنظر فيها.
وأضاف أن محاربة الفساد ووضع حد له يعني تصحيح مسار الممارسات الخاطئة ووضع حد للتطاول على المال العام والتعدي على أموال الدولة والإضرار بالاقتصاد الوطني بمختلف الأشكال، مشيرا إلى أن المبالغ التي يجري الحديث عنها تساعد في تخفيض عجز الموازنة وتقليل الانعكاسات السلبية للظروف الاستثنائية الطارئة وآخرها أزمة كورونا.
وأكد أن قضايا التهرب الضريبي تقع ضمن الفساد المباشر، كون عدم دفع حقوق الخزينة من قبل المتهربين ضريبيا يعد فسادا ماليا لا بد من محاربته، وأن التوجه لإجراء تسويات مالية مع المتهربين مهم لتحقيق حاصلات مالية للدولة.
وفي هذا السياق، قال مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" إن "هناك حالات تهرّب ضريبي بمبالغ ضخمة وتقع ضمن قضايا الفساد الكبرى لا بد من معالجتها، فعلى سبيل المثال يصل إجمالي التهرب الضريبي على إحدى الشركات حوالي 400 مليون دولار، إضافة إلى حالات مماثلة في شركات أخرى".

المساهمون